مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " فإذا أتى
منى رمى جمرة العقبة من بطن الوادي سبع حصيات ، ويرفع يديه كما رمى حتى يرى بياض إبطه ما تحت منكبيه ، ويكبر مع كل حصاة " .
قال
الماوردي : أما
nindex.php?page=treesubj&link=3702حدود منى فقد ذكر
الشافعي أنها ما بين
وادي محسر - ( وليس
محسر منها ) - إلى
العقبة التي عندها الجمرة الدنيا إلى
مكة ، وهي
العقبة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها الأنصار قبل الهجرة ، وليس ما وراء
العقبة منها ، وسواء سهولها وجبلها ، وعامرها وخرابها .
فأما جبالها المحيطة بجنباتها فما أقبل منها على
منى فهو منها ، فأما ما أدبر من الجبال فليس منها ، وفي تسميتها
منى ثلاث تأويلات :
أحدها : أنها سميت بذلك لما
يمنى فيها من دماء الهدي أي : يراق ؛ ولذلك سمي ماء الطهر منيا أي : يراق ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=37ألم يك نطفة من مني يمنى [ القيامة : 37 ] . والثاني : أنها سميت بذلك ؛ لأن الله تعالى من فيها على
إبراهيم بأن فدى ابنه بكبش واستنقذه من الذبح .
الثالث : أنها سميت بذلك : لأن الله تعالى من فيها على عباده بالمغفرة ؛ ولهذا روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخلها قال :
اللهم وهذه منى التي مننت بها علينا فبارك اللهم لنا في رواحنا وغدونا فإذا أتى
منى قال هذا ، وابتدأ برمي جمرة العقبة ، وهي آخر الجمرات للذاهب من
منى إلى
مكة ، وهي أضيقهن فيرميها بسبع حصيات ، وذلك أول مناسكه الواجبة
[ ص: 184 ] بمنى يوم النحر : لرواية
جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى الجمرة التي عند الشجرة رمى سبع حصيات من الوادي يكبر مع كل حصاة ، ويختار أن يرميها راكبا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى وهو على ناقته العضباء " ويكون موقفه إذا رمى في بطن الوادي : لرواية
عبد الرحمن بن يزيد قال : رأيت
ابن مسعود رمى جمرة العقبة من بطن الوادي ، ثم قال : هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة .
قال
الشافعي : ولا يمكنه غير ذلك : لأنها على أكمة فلا يتمكن من رميها إلا كذلك ، فإن رمى الجمرة من فوقها ولم يرمها من بطن الوادي أجزأه ، لما روى
عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال : رأيت
عمر بن الخطاب رضي الله عنه " حين انتهى إلى جمرة العقبة ليرميها ورأى زحام الناس صعد فرماها من فوقها قال
الشافعي : ويرفع يده مع الرمي حتى يرى ما تحت إبطه .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " فَإِذَا أَتَى
مِنًى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي سَبْعَ حَصَيَاتٍ ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كَمَا رَمَى حَتَى يُرَى بَيَاضُ إِبِطِهِ مَا تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ ، وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِ حَصَاةٍ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=3702حُدُودُ مِنًى فَقَدْ ذَكَرَ
الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا مَا بَيْنَ
وَادِي مُحَسِّرٍ - ( وَلَيْسَ
مُحَسِّرٌ مِنْهَا ) - إِلَى
الْعَقَبَةِ الَّتِي عِنْدَهَا الْجَمْرَةُ الدُّنْيَا إِلَى
مَكَّةَ ، وَهِيَ
الْعَقَبَةُ الَّتِي بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا الْأَنْصَارَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، وَلَيْسَ مَا وَرَاءَ
الْعَقَبَةِ مِنْهَا ، وَسَوَاءٌ سُهُولُهَا وَجَبَلُهَا ، وَعَامِرُهَا وَخَرَابُهَا .
فَأَمَّا جِبَالُهَا الْمُحِيطَةُ بِجَنْبَاتِهَا فَمَا أَقْبَلَ مِنْهَا عَلَى
مِنًى فَهُوَ مِنْهَا ، فَأَمَّا مَا أَدْبَرَ مِنَ الْجِبَالِ فَلَيْسَ مِنْهَا ، وَفِي تَسْمِيَتِهَا
مِنًى ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا
يُمْنَى فِيهَا مِنْ دِمَاءِ الْهَدْيِ أَيِ : يُرَاقُ ؛ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ مَاءُ الطُّهْرِ مَنِيًّا أَيْ : يُرَاقُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=37أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى [ الْقِيَامَةِ : 37 ] . وَالثَّانِي : أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَّ فِيهَا عَلَى
إِبْرَاهِيمَ بِأَنْ فَدَى ابْنَهُ بِكَبْشٍ وَاسْتَنْقَذَهُ مِنَ الذَّبْحِ .
الثَّالِثُ : أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ : لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَّ فِيهَا عَلَى عِبَادِهِ بِالْمَغْفِرَةِ ؛ وَلِهَذَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَهَا قَالَ :
اللَّهُمَّ وَهَذِهِ مِنًى الَّتِي مَنَنْتَ بِهَا عَلَيْنَا فَبَارِكِ اللَّهُمَّ لَنَا فِي رَوَاحِنَا وَغُدُوِّنَا فَإِذَا أَتَى
مِنًى قَالَ هَذَا ، وَابْتَدَأَ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، وَهِيَ آخِرُ الْجَمَرَاتِ لِلذَّاهِبِ مِنْ
مِنًى إِلَى
مَكَّةَ ، وَهِيَ أَضْيَقُهُنَّ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، وَذَلِكَ أَوَّلُ مَنَاسِكِهِ الْوَاجِبَةِ
[ ص: 184 ] بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ : لِرِوَايَةِ
جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَتَى الْجَمْرَةَ الَتِي عِنْدَ الشَجَرَةِ رَمَى سَبْعَ حَصَيَاتٍ مَنَ الْوَادِي يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ، وَيُخْتَارُ أَنْ يَرْمِيَهَا رَاكِبًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ " وَيَكُونُ مَوْقِفُهُ إِذَا رَمَى فِي بَطْنِ الْوَادِي : لِرِوَايَةِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : رَأَيْتُ
ابْنَ مَسْعُودٍ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ .
قَالَ
الشَّافِعِيُّ : وَلَا يُمْكِنُهُ غَيْرُ ذَلِكَ : لِأَنَّهَا عَلَى أَكَمَةٍ فَلَا يُتَمَكَّنُ مِنْ رَمْيِهَا إِلَّا كَذَلِكَ ، فَإِنْ رَمَى الْجَمْرَةَ مِنْ فَوْقِهَا وَلَمْ يَرْمِهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي أَجْزَأَهُ ، لِمَا رَوَى
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَيْتُ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " حِينَ انْتَهَى إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِيَرْمِيَهَا وَرَأَى زِحَامَ النَاسَ صَعِدَ فَرَمَاهَا مِنْ فَوْقِهَا قَالَ
الشَّافِعِيُّ : وَيَرْفَعُ يَدَهُ مَعَ الرَّمْيِ حَتَّى يُرَى مَا تَحْتَ إِبِطِهِ .