فصل : فإذا أراد
nindex.php?page=treesubj&link=3777التكفير بالصيام فإنه يقوم المثل دراهم ، والدراهم طعاما ، ثم يصوم عن كل مد يوما ، ولا اعتبار بالشبع وحكي عن
طاوس اليماني وعن
القاشاني أن الاعتبار في الصوم بقدر ما يشبع الصيد من الناس ، فإن كان الصيد مما يشبع منه واحد وجب على قاتله أن يصوم عنه يوما واحدا ، وإن كان مما يشبع منه عشرة أنفس وجب على قاتله أن يصوم عشرة أيام ، فجعلا شبع يوم منه مقابلا لجوع يوم في الصوم عنه : بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95أو عدل ذلك صياما .
[ ص: 301 ] والدلالة عليهما ما قدمناه من الدلالة على
مالك ، ثم فساد ما ذكراه من اعتبار الشبع ، أصح من وجهين :
أحدهما : أنه لا حد للشبع لاختلاف الناس فيه : لأنه قد يكون صيد يشبع منه عشرة أنفس لقلة أكلهم ، ولا يشبع منه خمسة من غيرهم لكثرة أكلهم ، فلم يجز أن يكون ذلك حدا في الجزاء معتبرا .
والثاني : أن جميع الصيد مضمون والشبع إنما يكون من لحمه المأكول دون عظمه وشعره وجلده ، فلم يجز أن يكون بعض مضمونا وهو اللحم وبعض غير مضمون ، وهو الجلد والعظم فبطل اعتبار الشبع ، فإذا ثبت أنه يعتبر في صيامه الطعام دون الشبع بالصيد فإنه يصوم عن كل مد يوما ، وقال
أبو حنيفة : يصوم عن كل مدين يوما بناء على أصله في أن الإطعام من الكفارات لكل مسكين مدين ، فجعل صيام يوم بإزاء إطعام مسكين ، ونحن بينا ذلك على أصلنا أن لكل مسكين مدا ، فجعلنا صيام يوم بإزاء إطعام مسكين ؛ ليكون جوع يوم بإزاء إشباع مسكين في يوم .
فَصْلٌ : فَإِذَا أَرَادَ
nindex.php?page=treesubj&link=3777التَّكْفِيرَ بِالصِّيَامِ فَإِنَّهُ يُقَوِّمُ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ ، وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا ، ثُمَّ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالشِّبَعِ وَحُكِيَ عَنْ
طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ وَعَنِ
الْقَاشَانِيِّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الصَّوْمِ بِقَدْرِ مَا يُشْبِعُ الصَّيْدُ مِنَ النَّاسِ ، فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مِمَّا يَشْبَعُ مِنْهُ وَاحِدٌ وَجَبَ عَلَى قَاتِلِهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ يَوْمًا وَاحِدًا ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَشْبَعُ مِنْهُ عَشْرَةُ أَنْفُسٍ وَجَبَ عَلَى قَاتِلِهِ أَنْ يَصُومَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ ، فَجَعَلَا شَبِعَ يَوْمٍ مِنْهُ مُقَابِلًا لِجُوعِ يَوْمٍ فِي الصَّوْمِ عَنْهُ : بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا .
[ ص: 301 ] وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِمَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى
مَالِكٍ ، ثُمَّ فَسَادُ مَا ذَكَرَاهُ مِنَ اعْتِبَارِ الشِّبَعِ ، أَصَحُّ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَا حَدَّ لِلشِّبَعِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ : لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَيْدٌ يَشْبَعُ مِنْهُ عَشْرَةُ أَنْفُسٍ لِقِلَّةِ أَكْلِهِمْ ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ خَمْسَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِمْ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَدًّا فِي الْجَزَاءِ مُعْتَبَرًا .
وَالثَّانِي : أَنَّ جَمِيعَ الصَّيْدِ مَضْمُونٌ وَالشِّبَعُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ لَحْمِهِ الْمَأْكُولِ دُونَ عَظْمِهِ وَشَعَرِهِ وَجِلْدِهِ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ بَعْضٌ مَضْمُونًا وَهُوَ اللَّحْمُ وَبَعْضٌ غَيْرَ مَضْمُونٍ ، وَهُوَ الْجِلْدُ وَالْعَظْمُ فَبَطَلَ اعْتِبَارُ الشِّبَعِ ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِيَامِهِ الطَّعَامُ دُونَ الشِّبَعِ بِالصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا ، وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدَّيْنِ يَوْمًا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الْإِطْعَامَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ ، فَجَعَلَ صِيَامَ يَوْمٍ بِإِزَاءِ إِطْعَامِ مِسْكِينٍ ، وَنَحْنُ بَيَّنَّا ذَلِكَ عَلَى أَصْلِنَا أَنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا ، فَجَعَلْنَا صِيَامَ يَوْمٍ بِإِزَاءِ إِطْعَامِ مِسْكِينٍ ؛ لِيَكُونَ جُوعُ يَوْمٍ بِإِزَاءِ إِشْبَاعِ مِسْكِينٍ فِي يَوْمٍ .