مسألة : قال
المزني رحمه الله تعالى : "
nindex.php?page=treesubj&link=6265_6286ولو ساقاة على أن للعامل ثلث الثمرة ، ولم يقولا غير ذلك كان جائزا ، وما بعد الثلث فهو لرب النخل
nindex.php?page=treesubj&link=6288_6265وإن اشترطا أن لرب النخل ثلث الثمرة ، ولم يقولا غير ذلك كان فاسدا ؛ لأن العامل لم يعلم نصيبه ، والفرق بينهما أن ثمر النخل لربها إلا ما شرط منها للعامل فلا حاجة بنا إلى المسألة بعد نصيب العامل لمن الباقي
nindex.php?page=treesubj&link=6265وإذا اشترط رب النخل لنفسه الثلث ، ولم يبين نصيب العامل من الباقي فنصيب العامل مجهول وإذا جهل النصيب فسدت المساقاة " .
قال
الماوردي : اعلم أن عقد المساقاة بينهما لا يخلو من أربعة أقسام :
أحدها : أن يبينا فيه نصيب كل واحد منهما ، مثل أن يقول رب النخل على أن لي نصف الثمرة ، ولك نصفها ، أو لي ثلثاها ولك ثلثها فهذا أوضح أحوالهما في إبانة نصيب كل واحد منهما ، وأوكد ما يتعاقدان عليه .
والقسم الثاني : أن يبين نصيب العامل دون رب النخل مثل أن يقول قد ساقيتك على أن لك أيها العامل ثلث الثمرة ، فالمساقاة جائزة ، ويكون الباقي بعد ثلث العامل لرب النخل ؛ لأن جميعها على أصل ملكه ، وصار كالعموم إذا خص بعضه كان باقيه محمولا على موجب عمومه .
والقسم الثالث : أن يبين رب النخل نصيب نفسه دون العامل ، مثل أن يقول قد ساقيتك على أن لي ثلث الثمرة ، فمذهب
المزني أن المساقاة في ذلك باطلة ، وهو قول جمهور أصحابنا .
وقال
أبو العباس بن سريج وأبو العباس بن القاص : أن المساقاة جائزة ؛ لأن قوله ساقيتك يوجب اشتراكهما في الثمرة فكان بيانه لنصيب نفسه دليلا على أن الباقي للعامل كما كان بيانه لنصيب العامل دليلا على أن الباقي لنفسه وصار كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وورثه أبواه فلأمه الثلث [ النساء : 110 ] فعلم أن الباقي بعد ثلث الأم للأب ، وهذا الذي قاله
أبو العباس خطأ ، والفرق بين الموضعين أن الثمرة لرب النخل ، فإذا بين سهم العامل منها صار استثناء خالف حكم الأصل فصار بيانا ، وإذا بين نصيب نفسه لم يكن ذلك استثناء ؛ لأنه وافق حكم الأصل ، إذ جميع الثمرة له ، فلم يصر بيانا .
ويشبه أن يكون اختلاف
المزني ،
وأبي العباس محمولا على اختلاف حكمه هل هو شريك ، أو أجير ؟ فحمل
المزني ذلك من قوله على أن العامل أجير ، وحمل
أبو العباس ذلك من قوله على أن العامل شريك .
[ ص: 379 ] nindex.php?page=treesubj&link=6265فلو قال رب النخل قد ساقيتك على أن لك ثلث الثمرة ولي نصفها وأغفل ذكر السدس الباقي غلب في ذلك بيان نصيب العامل إذ ليس له أكثر من المسمى ، وصحت المساقاة ؛ لأنه لو بين نصيب العامل وأغفل ذكر الباقي كله صحت المساقاة ، فإذا أغفل بعضه كانت المساقاة أولى بالصحة ، وكان ما سوى ثلث العامل من النصف المسمى ، والسدس الباقي لرب النخل .
والقسم الرابع : أن لا يبين نصيب نفسه ، ولا نصيب العامل مثل أن
nindex.php?page=treesubj&link=6271يقول " قد ساقيتك " فالمساقاة باطلة ؛ لأن المساقاة قد تختلف ، فصار الاقتصار على هذا مفضيا إلى جهالة تمنع من صحة العقد ، ولكن لو قال له قد ساقيتك على أن الثمرة بيننا ، فعند
أبي العباس بن سريج أن المساقاة صحيحة ، وتكون الثمرة بينهما نصفين ؛ لأن ظاهر اشتراكهما في الثمرة يوجب تساويهما فيها .
وذهب سائر أصحابنا إلى أن المساقاة باطلة ؛ لأنها قد تكون بينهما على تساو وتفاضل فلم يكن حملها على التساوي في الإطلاق بأولى من حملها على التفاضل فبطلت .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الْمُزَنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=treesubj&link=6265_6286وَلَوْ سَاقَاةُ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ ، وَلَمْ يَقُولَا غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا ، وَمَا بَعْدَ الثُّلُثِ فَهُوَ لِرَبِّ النَّخْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=6288_6265وَإِنِ اشْتَرَطَا أَنَّ لِرَبِّ النَّخْلِ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ ، وَلَمْ يَقُولَا غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ فَاسِدًا ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَعْلَمْ نَصِيبَهُ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ لِرَبِّهَا إِلَّا مَا شُرِطَ مِنْهَا لِلْعَامِلِ فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ نَصِيبِ الْعَامِلِ لِمَنِ الْبَاقِي
nindex.php?page=treesubj&link=6265وَإِذَا اشْتَرَطَ رَبُّ النَّخْلِ لِنَفْسِهِ الثُّلُثَ ، وَلِمَ يُبَيِّنْ نَصِيبَ الْعَامِلِ مِنَ الْبَاقِي فَنَصِيبُ الْعَامِلِ مَجْهُولٌ وَإِذَا جُهِلَ النَّصِيبُ فَسَدَتِ الْمُسَاقَاةُ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ بَيْنَهُمَا لَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ يُبَيِّنَا فِيهِ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ رَبُّ النَّخْلِ عَلَى أَنَّ لِي نِصْفَ الثَّمَرَةِ ، وَلَكَ نِصْفُهَا ، أَوْ لِي ثُلُثَاهَا وَلَكَ ثُلُثُهَا فَهَذَا أَوْضَحُ أَحْوَالِهِمَا فِي إِبَانَةِ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَأَوْكَدُ مَا يَتَعَاقَدَانِ عَلَيْهِ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي : أَنْ يُبَيِّنَ نَصِيبَ الْعَامِلِ دُونَ رَبِّ النَّخْلِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى أَنَّ لَكَ أَيُّهَا الْعَامِلُ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ ، فَالْمُسَاقَاةُ جَائِزَةٌ ، وَيَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ ثُلُثِ الْعَامِلِ لِرَبِّ النَّخْلِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ ، وَصَارَ كَالْعُمُومِ إِذَا خُصَّ بَعْضُهُ كَانَ بَاقِيهِ مَحْمُولًا عَلَى مُوجَبِ عُمُومِهِ .
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ : أَنْ يُبَيِّنَ رَبُّ النَّخْلِ نَصِيبَ نَفْسِهِ دُونَ الْعَامِلِ ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى أَنَّ لِي ثُلُثَ الثَّمَرَةِ ، فَمَذْهَبُ
الْمُزَنِيِّ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي ذَلِكَ بَاطِلَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا .
وَقَالَ
أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الْقَاصِّ : أَنَّ الْمُسَاقَاةَ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ سَاقَيْتُكَ يُوجِبُ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الثَّمَرَةِ فَكَانَ بَيَانُهُ لِنَصِيبِ نَفْسِهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ لِلْعَامِلِ كَمَا كَانَ بَيَانُهُ لِنَصِيبِ الْعَامِلِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ لِنَفْسِهِ وَصَارَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [ النِّسَاءِ : 110 ] فَعُلِمَ أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ ثُلُثِ الْأُمِّ لِلْأَبِ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
أَبُو الْعَبَّاسِ خَطَأٌ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ الثَّمَرَةَ لِرَبِّ النَّخْلِ ، فَإِذَا بَيَّنَ سَهْمَ الْعَامِلِ مِنْهَا صَارَ اسْتِثْنَاءً خَالَفَ حُكْمَ الْأَصْلِ فَصَارَ بَيَانًا ، وَإِذَا بَيَّنَ نَصِيبَ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءً ؛ لِأَنَّهُ وَافَقَ حُكْمَ الْأَصْلِ ، إِذْ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ لَهُ ، فَلَمْ يَصِرْ بَيَانًا .
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ
الْمُزَنِيِّ ،
وَأَبِي الْعَبَّاسِ مَحْمُولًا عَلَى اخْتِلَافِ حُكْمِهِ هَلْ هُوَ شَرِيكٌ ، أَوْ أَجِيرٌ ؟ فَحَمَلَ
الْمُزَنِيُّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ ، وَحَمَلَ
أَبُو الْعَبَّاسِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ .
[ ص: 379 ] nindex.php?page=treesubj&link=6265فَلَوْ قَالَ رَبُّ النَّخْلِ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى أَنَّ لَكَ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ وَلِي نِصْفَهَا وَأَغْفَلَ ذِكْرَ السُّدْسِ الْبَاقِي غُلِّبَ فِي ذَلِكَ بَيَانُ نَصِيبِ الْعَامِلِ إِذْ لَيْسَ لَهُ أَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى ، وَصَحَّتِ الْمُسَاقَاةُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ نَصِيبَ الْعَامِلِ وَأَغْفَلَ ذِكْرَ الْبَاقِي كُلِّهِ صَحَّتِ الْمُسَاقَاةُ ، فَإِذَا أَغْفَلَ بَعْضَهُ كَانَتِ الْمُسَاقَاةُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ ، وَكَانَ مَا سِوَى ثُلُثِ الْعَامِلِ مِنَ النِّصْفِ الْمُسَمَّى ، وَالسُّدْسِ الْبَاقِي لِرَبِّ النَّخْلِ .
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ : أَنْ لَا يُبَيِّنَ نَصِيبَ نَفْسِهِ ، وَلَا نَصِيبَ الْعَامِلِ مِثْلَ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=6271يَقُولَ " قَدْ سَاقَيْتُكَ " فَالْمُسَاقَاةُ بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ قَدْ تَخْتَلِفُ ، فَصَارَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا مُفْضِيًا إِلَى جَهَالَةٍ تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ لَهُ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا ، فَعِنْدَ
أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ صَحِيحَةٌ ، وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الثَّمَرَةِ يُوجِبُ تَسَاوِيَهُمَا فِيهَا .
وَذَهَبَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى تَسَاوٍ وَتَفَاضُلٍ فَلَمْ يَكُنْ حَمْلُهَا عَلَى التَّسَاوِي فِي الْإِطْلَاقِ بِأَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى التَّفَاضُلِ فَبَطَلَتْ .