فصل : ومن ذلك نكاحه ، وذلك ضربان :
أحدهما : أن يكون اللقيط عبدا فينكح امرأة .
والثاني : أن تكون امرأة فتنكح رجلا ، فإن ، فإن قيل بنفوذ إقراره فالنكاح باطل من أصله : لأنه مقر أنه نكح بغير إذن سيده ، فإن لم يدخل فلا شيء عليه ، وإن دخل بها فلها مهر المثل دون المسمى ، إلا أن يكون مهر المثل أكثر فلا تستحق إلا المسمى : لأنها تدعي الزيادة عليه ، وإن قيل برد إقراره انفسخ النكاح من وقته لإقرارها بتحريمها عليه ، ولم ينفسخ من أصله لقبول إقراره فيه ، فإن كان قبل الدخول فلها نصف المسمى ، وإن كان بعد الدخول فلها جميعه ، وإن كان اللقيط عبدا فنكح امرأة ، فإن قيل بنفوذ إقرارها بطل النكاح : لأنها منكوحة بغير إذن سيدها ، سواء كان الزوج واجدا للطول أو لم يكن ، فإن لم يدخل بها ، فلا شيء لها ، وإن دخل بها فلها مهر المثل دون المسمى وكان أولادها منه أحرارا : لأنه أصابها على حرية أولادها فصارت كالغارة بحريتها ، لكن على الزوج قيمتهم لسيدها ، وفي رجوع الزوج بعد ذلك عليها بعد عتقها قولان كالمغرور ، وإن قيل برد إقرارها لم يقبل قولها في فسخ النكاح ، سواء كان الزوج واجدا للطول أو لم يكن : لأن الزوج يدعي صحة العقد على حرة ، وجميع أولادها منه قبل الإقرار وبعده لأقل من ستة أشهر أحرار ، لا يلزم الزوج غرم قيمتهم ، وله الخيار في المقام معها لما استقر من حكم رقها ، فإن أقام عليها رق أولاده منها إذا وضعتهم لأكثر من ستة أشهر من وقت إقراره ، ثم إن لزمتها العدة على هذا القول الذي يرد إقرارها فيه فعلى ضربين : كان اللقيط أمة فنكحت رجلا
طلاق أو وفاة ، فإن كانت وفاة فعدة أمة شهران وخمس ليال : لأنها حق الله تعالى ، فقيل قولها فيه على القولين معا ، وإن كانت عدة طلاق فعلى ضربين :
أحدهما : أن تملك فيها الرجعة فيلزمها ثلاثة أقراء : لأن حق الآدمي منها أقوى لثبوت رجعته فيها .
والضرب الثاني : أن لا يملك فيها الرجعة ففيه وجهان :
أحدهما : عدة أمة كالوفاة : لأنه لا يتعلق بها للزوج حق .
والثاني وهو الظاهر من منصوص الشافعي : أنها ثلاثة أقراء كما لو فيها الرجعة ، والفرق بين عدة الطلاق وعدة الوفاة أن عدة الطلاق يغلب فيها حق الآدمي : لأنها لا تجب على صغيرة ولا غير مدخول بها : لأن مقصودها الاستبراء ، وعدة الوفاة يغلب فيها حق الله تعالى لوجوبها [ ص: 66 ] على الصغيرة وغير المدخول بها ، ولأن المقصود بها التعبد ، فأما الجناية منه وعليه فقد تقدم ذكرها وفيما استوفيناه من ذلك تنبيه على ما أغفلنا ، فأما المزني فإنه اختار أن لا ينفذ إقراره في الماضي ، وإن نفذ في المستقبل وكان من استدلاله أن قال أجمعت العلماء أن من أقر بحق لزمه ، ومن ادعاه لم يجب له بدعواه .
وهذا القول صحيح غير أن الاستدلال به فاسد : لأن اللقيط لم يكن منه إقرار بالحرية ، فلا يقبل رجوعه عنه ، وإنما حمل أمره في الحرية على الظاهر وإقراره على نفسه أقوى فكان الحكم به أولى .