مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم "
وهذا كما قال
nindex.php?page=treesubj&link=1551الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة في الصلاة في التشهد الآخر ، وبه قال من الصحابة
عبد الله بن مسعود ، وأبو مسعود البدري ، ومن التابعين :
محمد بن كعب القرظي ، ومن الفقهاء
إسحاق بن راهويه
وقال
أبو حنيفة ، ومالك وسائر الفقهاء : هي سنة وليست بواجبة استدلالا بحديث
ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم حين علمه التشهد قال له : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=921242فإذا قضيت هذا فقد قضيت صلاتك ، فإن شئت أن تقوم فقم ، وإن شئت أن تقعد فاقعد " . قالوا : ولأنها جلسة موضوعة للتشهد فوجب أن لا تجب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كالتشهد الأول ، قالوا : ولأنه ذكر في قعود فاقتضى أن يكون غير واجب كالدعاء ، قالوا : ولأن أصول الصلاة موضوعة على أنه لا يجب ذكران في ركن ، فلما زعمتم أن التشهد واجب اقتضى أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم غير واجبة
ودليلنا قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما
قال
الشافعي : فأوجب علينا أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وأولى الأحوال أن يكون في الصلاة ، وقال أصحابنا : أوجب علينا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أجمعوا أنه لا يجب في غير الصلاة فثبت أنه في الصلاة
قال
الكرخي : إنما الواجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في غير الصلاة ، وهو أن يصلي عليه في العمر مرة واحدة ، فيقال له الكلام مع
أبي حنيفة ، وهو لا يوجب الصلاة عليه بحال
وروى
فضالة بن عبيد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921244أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته فلم يحمد ربه ، عز وجل ، ولم يصل على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : " إذا صلى أحدكم فليف بالحمد لله والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم " وهذا أمر
[ ص: 138 ] وروى
سهل بن سعد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
لا صلاة لمن لم يصل علي فيها
وروى
ابن أبي ليلى عن
كعب بن عجرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921246قلنا يا رسول الله أمرتنا أن نصلي عليك وأن نسلم عليك فأما السلام فقد عرفناه ، وكيف نصلي ؟ " فأخبر أن الصلاة عليه مأمور بها ، ولأنها عبادة تفتقر إلى ذكر الله ، عز وجل ، فوجب أن تفتقر إلى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كالأذان
فأما الجواب عن حديث
ابن مسعود فمن وجهين :
أحدهما : أن قوله "
nindex.php?page=hadith&LINKID=921247فإن شئت فقم ، وإن شئت فاقعد " من قول
ابن مسعود ، وإنما أدرجه بعض الرواة ، هكذا قاله أصحاب الحديث
والثاني : أن نسلم لهم ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ويحمل على ما قبل فرض التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأن
ابن مسعود قال : "
كنا قبل أن يفرض علينا التشهد نشير بأيدينا "
وأما قياسهم على التشهد الأول فالمعنى فيه : أن محله غير واجب ، وأما استدلالهم أن أحوال الصلاة موضوعة على أنه لا يجب ذكران منها في ركن فهو أصل لا يستمر ، ودليل لا يسلم لأن القيام ذكر ، وفيه ذكران مفروضان الإحرام ، والقراءة ، فكذلك القعود ، فإذا ثبت وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا فسيأتي ذكر ذلك وصفته من بعد في " ذكر التشهد "
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
وَهَذَا كَمَا قَالَ
nindex.php?page=treesubj&link=1551الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ فِي التَّشَهُّدِ الْآخَرِ ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ ، وَمِنَ التَّابِعِينَ :
مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ
إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٌ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ : هِيَ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ عِلَّمَهُ التَّشَهُّدَ قَالَ لَهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=921242فَإِذَا قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ " . قَالُوا : وَلِأَنَّهَا جِلْسَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّشَهُّدِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَجِبَ فِيهَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ، قَالُوا : وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ فِي قُعُودٍ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَاجِبٍ كَالدُّعَاءِ ، قَالُوا : وَلِأَنَّ أُصُولَ الصَّلَاةِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذِكْرَانِ فِي رُكْنٍ ، فَلَمَّا زَعَمْتُمْ أَنَّ التَّشَهُّدَ وَاجِبٌ اقْتَضَى أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ وَاجِبَةٍ
وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
قَالَ
الشَّافِعِيُّ : فَأَوْجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْلَى الْأَحْوَالِ أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا : أَوْجَبَ عَلَيْنَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَثَبَتَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ
قَالَ
الْكَرْخِيُّ : إِنَّمَا الْوَاجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَيُقَالُ لَهُ الْكَلَامُ مَعَ
أَبِي حَنِيفَةَ ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِحَالٍ
وَرَوَى
فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921244أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَحْمَدْ رَبَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَفِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَهَذَا أَمْرٌ
[ ص: 138 ] وَرَوَى
سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فِيهَا
وَرَوَى
ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ
كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921246قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَرْتَنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ وَأَنْ نُسَلِّمَ عَلَيْكَ فَأَمَّا السَّلَامُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ ، وَكَيْفَ نُصَلِّي ؟ " فَأَخْبَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مَأْمُورٌ بِهَا ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَوَجَبَ أَنْ تَفْتَقِرَ إِلَى ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْأَذَانِ
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ فَمِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ قَوْلَهُ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=921247فَإِنْ شِئْتَ فَقُمْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَاقْعُدْ " مِنْ قَوْلِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَإِنَّمَا أَدْرَجَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ ، هَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ
وَالثَّانِي : أَنْ نُسَلِّمَ لَهُمْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحْمَلَ عَلَى مَا قَبْلَ فَرْضِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ
ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ : "
كُنَّا قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ نُشِيرُ بِأَيْدِينَا "
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَالْمَعْنَى فِيهِ : أَنَّ مَحَلَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ أَنَّ أَحْوَالَ الصَّلَاةِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذِكْرَانِ مِنْهَا فِي رُكْنٍ فَهُوَ أَصْلٌ لَا يَسْتَمِرُّ ، وَدَلِيلٌ لَا يَسْلَمُ لِأَنَّ الْقِيَامَ ذِكْرٌ ، وَفِيهِ ذِكْرَانِ مَفْرُوضَانِ الْإِحْرَامُ ، وَالْقِرَاءَةُ ، فَكَذَلِكَ الْقُعُودُ ، فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذَكَرْنَا فَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ وَصِفَتُهُ مِنْ بَعْدُ فِي " ذِكْرِ التَّشَهُّدِ "