فصل :
فأما : فتتضمن ما يصير به الكافر مسلما : لأن الردة قد رفعت عنه حكم الإسلام ، فيشهد أن لا إله إلا الله وأن توبة المرتد محمدا رسول الله .
[ ص: 179 ] قال الشافعي : ويبرأ من كل دين خالف الإسلام . فذكر مع الشهادتين البراءة من كل دين خالف الإسلام .
فأما الشهادتان : فواجبتان لا يصح إسلامه إلا بهما .
وأما التبري من كل دين خالف الإسلام ، فقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه شرط في إسلام كل كافر ومرتد كالشهادتين .
والوجه الثاني : أنه استحباب في إسلام كل كافر ومرتد ، كالاعتراف بالبعث والجزاء .
والوجه الثالث : - وقد أفصح به الشافعي في كتاب الأم - أنه إن كان من عبدة الأوثان ومنكري النبوات كالأميين من العرب كان التبري من كل دين خالف الإسلام مستحبا .
وإن كان من أهل كتاب يعترفون بالنبوات ، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم نبي مبعوث إلى قومه ، كان التبري من كل دين خالف الإسلام واجبا ، لا يصح إسلامه إلا بذكره .
فإذا ثبت ما ذكرنا من شروط الإسلام المعتبرة في توبة المرتد ، نظر في ردته ، فإن كانت بجحود الإسلام ، صحت توبته بما ذكرنا من شروطه .
وإن كالصلاة والصيام والزكاة والحج مع اعترافه بالشهادتين وصحة الإسلام ، اعتبر في صحة توبته - بعد كانت ردته بجحود عبادة من عباداته : لأنه قد صار مرتدا مع اعترافه بالشهادتين ، فلم تزل عنه الردة بهما حتى يعترف بما صار مرتدا بجحوده ، ولا يجزيه الاقتصار على الاعتراف بما جحده عن إعادة الشهادتين . شروط الإسلام - الاعتراف بما جحده من الصلاة والصيام والزكاة
لأنه قد جرى عليه حكم الكفر بالردة ، فلزمه إعادة الشهادتين : ليزول بهما حكم الكفر ، ولزمه الاعتراف بما جحده : ليزول به حكم الردة .
وهكذا لو صار مرتدا باستحلال الزنا واستباحة الخمر ، كان من صحة توبته الاعتراف بتحريم الزنا وحظر الخمر .
ولكن لو صار مرتدا بسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان الاعتراف بنبوته في الشهادتين مقنعا في صحة توبته ، ولا يفتقر إلى الاعتراف بحظر سبه : لأن في الاعتراف بنبوته اعترافا بحظر سبه .
[ ص: 180 ]