مسألة : قال
الشافعي : " ولو نقبوا معا ثم أخرج بعضهم ولم يخرج بعض قطع المخرج خاصة " .
[ ص: 299 ] قال
الماوردي : وصورتها : في
nindex.php?page=treesubj&link=10199ثلاثة اشتركوا في النقب وانفرد أحدهم بالأخذ ، فالقطع واجب على من تفرد بالأخذ دون من شارك في النقب ولم يأخذ ، سواء دخلوا الحرز أو لم يدخلوه ، تقاسموا بالسرقة أو لم يقتسموا بها .
وقال
أبو حنيفة : القطع واجب على جميعهم ليستوي فيه من أخذ ومن لم يأخذ ، إذا كانت السرقة لو فضت عليهم بلغت حصة كل واحد منهم نصابا ، ولو نقصت حصته عن النصاب لم يقطع واحد منهم . وكذلك القول في قطاع الطريق أن العقوبة تجب على من باشر وعلى من لم يباشر إذا كان ردأ : احتجاجا بأمرين :
أحدهما : أن الحاضر معين على الأخذ بحراسته ، فصار بالمعونة كالمباشر لأخذه .
الثاني : أنه لما اشترك في الغنيمة من باشر القتال ومن لم يقاتل : لأنه بالحضور كالمباشر ، وجب أن يشترك في القطع من باشر السرقة ومن لم يباشر : لأنه بالحضور كالمباشر ، ودليلنا : قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وجزاء سيئة سيئة مثلها [ الشورى : 40 ] ، فلم يجز أن يجازي غير الآخذ بما يجازي به الآخذ ، ولأن المعين على فعل المعصية لا يستوجب عقوبة فاعل المعصية ، كالمعين على القتل لا يستوجب قصاص القاتل ، والمعين على الزنا لا يستوجب حد الزاني ، كذلك المعين على السرقة لا يستوجب قطع السارق ، وهو انفصال عن احتجاجه الأول ، ولأن قطع السرقة معتبر بشرطين : هتك الحرز ، وإخراج السرقة ، فلما كان لو شارك في إخراجها ولم يشارك في هتك حرزها لم يقطع ، فأولى إذا شارك في هتك حرزها ولم يشارك في إخراجها أن لا يقطع : لأن إخراجها أخص بالقطع من هتك حرزها ، ولأنه لو وقف خارج الحرز لم يقطع وإن كان عونا : لأنه لم يخرجها ، كذلك لا يقطع وإن دخل : لأنه غير مخرج لها في الحالين .
وأما مال الغنيمة : فلما كان فيها خمس يستحقه من لم يشهدها جاز أن يفرق على من شهدها وإن لم يباشر أخذها ، وخالف قطع السرقة في سقوطه عمن لم يشهد ، فسقط عمن شهد إذا لم يباشر .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ : " وَلَوْ نَقَّبُوا مَعًا ثُمَّ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُخْرِجْ بَعْضٌ قُطِعَ الْمُخْرِجُ خَاصَّةً " .
[ ص: 299 ] قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَصُورَتُهَا : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10199ثَلَاثَةٍ اشْتَرَكُوا فِي النَّقْبِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمْ بِالْأَخْذِ ، فَالْقَطْعُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ تَفَرَّدَ بِالْأَخْذِ دُونَ مَنْ شَارَكَ فِي النَّقْبِ وَلَمْ يَأْخُذْ ، سَوَاءٌ دَخَلُوا الْحِرْزِ أَوْ لَمْ يَدْخُلُوهُ ، تَقَاسَمُوا بِالسَّرِقَةِ أَوْ لَمْ يَقْتَسِمُوا بِهَا .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : الْقَطْعُ وَاجِبٌ عَلَى جَمِيعِهِمْ لِيَسْتَوِيَ فِيهِ مَنْ أَخَذَ وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْ ، إِذَا كَانَتِ السَّرِقَةُ لَوْ فُضَّتْ عَلَيْهِمْ بَلَغَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا ، وَلَوْ نَقُصَتْ حِصَّتُهُ عَنِ النِّصَابِ لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ . وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ أَنَّ الْعُقُوبَةَ تَجِبُ عَلَى مَنْ بَاشَرَ وَعَلَى مَنْ لَمْ يُبَاشِرْ إِذَا كَانَ رِدَأً : احْتِجَاجًا بِأَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْحَاضِرَ مُعِينٌ عَلَى الْأَخْذِ بِحِرَاسَتِهِ ، فَصَارَ بِالْمَعُونَةِ كَالْمُبَاشِرِ لِأَخْذِهِ .
الثَّانِي : أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَكَ فِي الْغَنِيمَةِ مَنْ بَاشَرَ الْقِتَالَ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ : لِأَنَّهُ بِالْحُضُورِ كَالْمُبَاشِرِ ، وَجَبَ أَنْ يَشْتَرِكَ فِي الْقَطْعِ مَنْ بَاشَرَ السَّرِقَةَ وَمَنْ لَمْ يُبَاشِرْ : لِأَنَّهُ بِالْحُضُورِ كَالْمُبَاشِرِ ، وَدَلِيلُنَا : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [ الشُّورَى : 40 ] ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجَازِيَ غَيْرَ الْآخِذِ بِمَا يُجَازِي بِهِ الْآخِذَ ، وَلِأَنَّ الْمُعِينَ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ لَا يَسْتَوْجِبُ عُقُوبَةَ فَاعِلِ الْمَعْصِيَةِ ، كَالْمُعِينِ عَلَى الْقَتْلِ لَا يَسْتَوْجِبُ قِصَاصَ الْقَاتِلِ ، وَالْمُعِينُ عَلَى الزِّنَا لَا يَسْتَوْجِبُ حَدَّ الزَّانِي ، كَذَلِكَ الْمُعِينُ عَلَى السَّرِقَةِ لَا يَسْتَوْجِبُ قَطْعَ السَّارِقِ ، وَهُوَ انْفِصَالٌ عَنِ احْتِجَاجِهِ الْأَوَّلِ ، وَلِأَنَّ قَطْعَ السَّرِقَةِ مُعْتَبَرٌ بِشَرْطَيْنِ : هَتْكُ الْحِرْزِ ، وَإِخْرَاجُ السَّرِقَةِ ، فَلَمَّا كَانَ لَوْ شَارَكَ فِي إِخْرَاجِهَا وَلَمْ يُشَارِكْ فِي هَتْكِ حِرْزِهَا لَمْ يُقْطَعْ ، فَأَوْلَى إِذَا شَارَكَ فِي هَتْكِ حِرْزِهَا وَلَمْ يُشَارِكْ فِي إِخْرَاجِهَا أَنْ لَا يُقْطَعَ : لِأَنَّ إِخْرَاجَهَا أَخَصُّ بِالْقَطْعِ مِنْ هَتْكِ حِرْزِهَا ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ خَارِجَ الْحِرْزِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَانَ عَوْنًا : لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا ، كَذَلِكَ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ دَخَلَ : لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخْرِجٍ لَهَا فِي الْحَالَيْنِ .
وَأَمَّا مَالُ الْغَنِيمَةِ : فَلَمَّا كَانَ فِيهَا خُمْسٌ يَسْتَحِقُّهُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا جَازَ أَنْ يُفَرَّقَ عَلَى مَنْ شَهِدَهَا وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ أَخْذَهَا ، وَخَالَفَ قَطْعُ السَّرِقَةِ فِي سُقُوطِهِ عَمَّنْ لَمْ يَشْهَدْ ، فَسَقَطَ عَمَّنْ شَهِدَ إِذَا لَمْ يُبَاشِرْ .