فصل : فإذا تقرر هذا ، وحلف على أحد هذه الأقسام الخمسة ، فلا يخلو حاله فيها أن يبر أو يحنث ، فإن بر فلا كفارة عليه ، سواء كان بره فيها طاعة أو معصية ، ذهب بعض إلى وجوب الكفارة عليه بعقد اليمين وإن لم يحنث فيها ، وهو قول
عائشة والحسن [ ص: 266 ] وقتادة تعلقا بقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم [ المائدة : 89 ] ، فعلق الكفارة باليمين دون الحنث .
والدليل على فساد هذا القول ما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=925376عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : والله لأغزون قريشا فغزاهم ولم يكفر وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم [ المائدة : 89 ] ، يعني : وحنثتم ، كما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر [ البقرة : 184 ] ، أي : فأفطرتم ، فعدة من أيام أخر ، فحذف ذلك لدلالة الكلام عليه ، وإن حنث في يمينه وجبت الكفارة عليه ، سواء كان حنثه طاعة أو معصية .
وذهب
الشعبي وسعيد بن جبير إلى أنه
nindex.php?page=treesubj&link=16541لا كفارة في حنث الطاعة ، وإنما تجب في حنث المعصية : لأن فعل الطاعة مأمور به ، وغير آثم فيه ، فلم يحتج إلى تكفير كالقتل ، إن أثم به كفر ، وإن لم يأثم به لم يكفر ، وهذا خطأ : لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924163من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفر عن يمينه وليس يمتنع أن يكفر في فعل الطاعة كالمحرم إذا اضطر إلى أكل الصيد كان مطيعا في قتله ، وعليه أن يكفر بالجزاء ، وكالقاتل الخطأ ليس يأثم ، وعليه الكفارة .
فَصْلٌ : فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا ، وَحَلَفَ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ ، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ فِيهَا أَنْ يَبَرَّ أَوْ يَحْنَثَ ، فَإِنْ بَرَّ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، سَوَاءٌ كَانَ بِرُّهُ فِيهَا طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً ، ذَهَبَ بَعْضٌ إِلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْيَمِينِ وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ فِيهَا ، وَهُوَ قَوْلُ
عَائِشَةَ وَالْحَسَنِ [ ص: 266 ] وَقَتَادَةَ تَعَلُّقًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [ الْمَائِدَةِ : 89 ] ، فَعَلَّقَ الْكَفَّارَةَ بِالْيَمِينِ دُونَ الْحِنْثِ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ مَا رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=925376عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا فَغَزَاهُمْ وَلَمْ يُكَفِّرْ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [ الْمَائِدَةِ : 89 ] ، يَعْنِي : وَحَنِثْتُمْ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [ الْبَقَرَةِ : 184 ] ، أَيْ : فَأَفْطَرْتُمْ ، فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ، فَحَذَفَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ ، سَوَاءٌ كَانَ حِنْثُهُ طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً .
وَذَهَبَ
الشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=16541لَا كَفَّارَةَ فِي حِنْثِ الطَّاعَةِ ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي حِنْثِ الْمَعْصِيَةِ : لِأَنَّ فِعْلَ الطَّاعَةِ مَأْمُورٌ بِهِ ، وَغَيْرُ آثِمٍ فِيهِ ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَكْفِيرٍ كَالْقَتْلِ ، إِنْ أَثِمَ بِهِ كَفَّرَ ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ بِهِ لَمْ يُكَفِّرْ ، وَهَذَا خَطَأٌ : لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924163مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا ، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يُكَفِّرَ فِي فِعْلِ الطَّاعَةِ كَالْمُحْرِمِ إِذَا اضْطُرَّ إِلَى أَكْلِ الصَّيْدِ كَانَ مُطِيعًا فِي قَتْلِهِ ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْجَزَاءِ ، وَكَالْقَاتِلِ الْخَطَأِ لَيْسَ يَأْثَمُ ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ .