nindex.php?page=treesubj&link=23421القول في شهادة الزوجين :
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " ولو كنت لا أجيز شهادة الرجل لامرأته لأنه يرثها ، ما أجزت شهادة الأخ لأخيه إذا كان يرثه " .
قال
الماوردي : اختلف الفقهاء في شهادة كل واحد من الزوجين لصاحبه .
فذهب
الشافعي - رحمه الله - إلى جوازها وقبول شهادة الزوج لزوجته . وقبول الزوجة لزوجها .
وقال
النخعي وابن أبي ليلى : لا تقبل
nindex.php?page=treesubj&link=23421شهادة الزوجة لزوجها : لأنه إذا أيسر وجب لها عليه نفقة الموسرين . وتقبل
nindex.php?page=treesubj&link=23421شهادة الزوج لزوجته ، لأنه لا يجر بها نفعا .
وقال
أبو حنيفة : لا تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه ويشبه أن يكون قول مالك على قياس قوله في الصديق الملاطف .
[ ص: 167 ] احتجاجا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21وجعل بينكم مودة ورحمة [ الروم : 21 ] . وذلك من موجبات الارتياب والتهمة .
وقالوا : ولأنه سبب لا يحجب من الإرث ، فوجب أن يمنع من الشهادة كالأبوة والبنوة .
قالوا : ولأن الميراث يستحق بنسب وسبب ، فلما كان في الأنساب ما يمنع من قبول الشهادة ، وجب أن يكون في الأسباب ما يمنع من قبول الشهادة .
وتحريره : أنه أحد نوعي ما يورث به ، فوجب أن يكون منه ما ترد به الشهادة كالنسب .
قالوا : ولأن اجتماعهما في المقام والظعن ، وامتزاجهما في الضيق والسعة ، واختصاصهما بالميل والمحبة ، قد جمع من أسباب الارتياب المانعة من قبول الشهادة ، فوجب أن ترد به الشهادة .
ودليلنا عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282واستشهدوا شهيدين من رجالكم [ البقرة : 282 ] . فوجب أن يكون على عمومه .
وروى
مجالد ، عن
الشعبي ، عن
سويد بن غفلة ، أن يهوديا كان يسوق امرأة على حمار فنخسها فرمى بها ، فوقع عليها ، فشهد عليه زوجها وأخوها عند
عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقبل شهادتهما . وقتله وصلبه .
وقال
سويد بن غفلة : إنه لأول مصلوب صلب
بالشام .
وليس
لعمر مخالف في الصحابة مع انتشار القصة ، فثبت أنه إجماع لا مخالف له ولأن بينهما صلة لا توجب العتق ، فلم يمنع من قبول الشهادة ، كالعشيرة ولأنها حرمة حدثت عن صلة ، فلم تمنع من قبول الشهادة ، لآباء الزوجين وأبنائهما ، ولأنه عقد على منفعة ، فلم يوجب رد الشهادة كالإجارة .
ولأنه عقد معاوضة ، فلم يمنع من قبول الشهادة كالبيع .
فأما الجواب عن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21وجعل بينكم مودة ورحمة فهو أن
nindex.php?page=treesubj&link=15978المودة لا توجب رد الشهادة كالأخوين ، وعلى أنه قد يحدث بينهما تباغض وعداوة تزيد على الأجانب ، فلو جاز أن يكون هذا المعنى علة في المنع ، لفرق بين المتحابين والمتباغضين ، ولا فرق بينهما ، فبطل التعليل .
فأما الجواب عن تعليلهم بعدم الحجب عن الميراث ، قياسا على الآباء والأبناء ، فليس عدم الحجب عن الميراث علة في رد الشهادة ، لأننا نرد شهادة من لا يرث من
[ ص: 168 ] الأجداد والجدات ، وإنما العلة البعضية الموجبة للعتق التي تجري على العموم ، فيمن ترد شهادته بالنسب ، فصار هو علة الحكم وهو معدوم في الزوجية فزال عنها حكمه .
وأما الجواب عن قياسهم على النسب ، بأنه أحد نوعي الميراث . فهو فاسد بالولاء . ثم ليس الميراث علة لما ذكرنا من أن في الوالدين والمولودين من لا يرث وشهادته مردودة ، والإخوة والأخوات والعصبات يرثون وشهادتهم مقبولة .
وأما الجواب عن استدلالهم باجتماع أسباب التهمة في رد الشهادة ، فهو أن انفراد كل واحد من هذه الأسباب لما لم توجب التهمة في رد الشهادة ، لم يضر اجتماعها موجبا للتهمة في رد الشهادة ، لأن الاجتماع في المقام والظعن لا يوجب رد الشهادة كالأصحاب : لأن الاجتماع في المودة والرحمة لا توجبها كالأصدقاء ، والامتزاج في الضيق والسعة لا توجبها كالخلع .
وأما
ابن أبي ليلى فيقال له : ينتفع الزوج بيسار زوجته في وجوب نفقة ابنه عليها إذا أعسر بها ولا يوجب بذلك رد شهادته لها ، كذلك انتفاعها بيساره فيما يجب لها من نفقة الموسرين لا يوجب رد شهادتها له . والله أعلم .
nindex.php?page=treesubj&link=23421الْقَوْلُ فِي شَهَادَةِ الزَّوْجَيْنِ :
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " وَلَوْ كُنْتُ لَا أُجِيزُ شَهَادَةَ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ لِأَنَّهُ يَرِثُهَا ، مَا أَجَزْتُ شَهَادَةَ الْأَخِ لِأَخِيهِ إِذَا كَانَ يَرِثُهُ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ .
فَذَهَبَ
الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِلَى جَوَازِهَا وَقَبُولِ شَهَادَةِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ . وَقَبُولِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا .
وَقَالَ
النَّخَعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى : لَا تُقْبَلُ
nindex.php?page=treesubj&link=23421شَهَادَةُ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا : لِأَنَّهُ إِذَا أَيْسَرَ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ . وَتُقْبَلُ
nindex.php?page=treesubj&link=23421شَهَادَةُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ بِهَا نَفْعًا .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ مَالِكٍ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ .
[ ص: 167 ] احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [ الرُّومِ : 21 ] . وَذَلِكَ مِنْ مُوجِبَاتِ الِارْتِيَابِ وَالتُّهْمَةِ .
وَقَالُوا : وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لَا يَحْجُبُ مِنَ الْإِرْثِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَمْنَعَ مِنَ الشَّهَادَةِ كَالْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ .
قَالُوا : وَلِأَنَّ الْمِيرَاثَ يُسْتَحَقُّ بِنَسَبٍ وَسَبَبٍ ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْأَنْسَابِ مَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَسْبَابِ مَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ .
وَتَحْرِيرُهُ : أَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ مَا يُورِثُ بِهِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ مَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ كَالنَّسَبِ .
قَالُوا : وَلِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا فِي الْمَقَامِ وَالظَّعْنِ ، وَامْتِزَاجَهُمَا فِي الضِّيقِ وَالسَّعَةِ ، وَاخْتِصَاصَهُمَا بِالْمَيْلِ وَالْمَحَبَّةِ ، قَدْ جَمَعَ مِنْ أَسْبَابِ الِارْتِيَابِ الْمَانِعَةِ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ تُرَدَّ بِهِ الشَّهَادَةُ .
وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ [ الْبَقَرَةِ : 282 ] . فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى عُمُومِهِ .
وَرَوَى
مَجَالِدٌ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، عَنْ
سُوِيدِ بْنِ غَفْلَةَ ، أَنَّ يَهُودِيًّا كَانَ يَسُوقُ امْرَأَةً عَلَى حِمَارٍ فَنَخَسَهَا فَرَمَى بِهَا ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا عِنْدَ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا . وَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ .
وَقَالَ
سُوِيدُ بْنُ غَفْلَةَ : إِنَّهُ لَأَوَّلُ مَصْلُوبٍ صُلِبَ
بِالشَّامِ .
وَلَيْسَ
لِعُمَرَ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ انْتِشَارِ الْقِصَّةِ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ لَا مُخَالِفَ لَهُ وَلِأَنَّ بَيْنَهُمَا صِلَةً لَا تُوجِبُ الْعِتْقَ ، فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ ، كَالْعَشِيرَةِ وَلِأَنَّهَا حُرْمَةٌ حَدَثَتْ عَنْ صِلَةٍ ، فَلَمْ تَمْنَعْ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ ، لِآبَاءِ الزَّوْجَيْنِ وَأَبْنَائِهِمَا ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ ، فَلَمْ يُوجِبْ رَدَّ الشَّهَادَةِ كَالْإِجَارَةِ .
وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ ، فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ كَالْبَيْعِ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً فَهُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=15978الْمَوَدَّةَ لَا تُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ كَالْأَخَوَيْنِ ، وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ يَحْدُثُ بَيْنَهُمَا تَبَاغُضٌ وَعَدَاوَةٌ تَزِيدُ عَلَى الْأَجَانِبِ ، فَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَعْنَى عِلَّةً فِي الْمَنْعِ ، لَفُرِّقَ بَيْنَ الْمُتَحَابِّينَ وَالْمُتَبَاغِضِينَ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ، فَبَطَلَ التَّعْلِيلُ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ تَعْلِيلِهِمْ بِعَدَمِ الْحَجْبِ عَنِ الْمِيرَاثِ ، قِيَاسًا عَلَى الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ ، فَلَيْسَ عَدَمُ الْحَجْبِ عَنِ الْمِيرَاثِ عِلَّةً فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ ، لِأَنَّنَا نَرُدُّ شَهَادَةَ مَنْ لَا يَرِثُ مِنَ
[ ص: 168 ] الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ ، وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ الْبَعْضِيَّةَ الْمُوجِبَةَ لِلْعِتْقِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى الْعُمُومِ ، فِيمَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِالنَّسَبِ ، فَصَارَ هُوَ عِلَّةَ الْحُكْمِ وَهُوَ مَعْدُومٌ فِي الزَّوْجِيَّةِ فَزَالَ عَنْهَا حُكْمُهُ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى النِّسَبِ ، بِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الْمِيرَاثِ . فَهُوَ فَاسِدٌ بِالْوَلَاءِ . ثُمَّ لَيْسَ الْمِيرَاثُ عِلَّةً لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودَيْنِ مَنْ لَا يَرِثُ وَشَهَادَتُهُ مَرْدُودَةٌ ، وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَصَبَاتُ يَرِثُونَ وَشَهَادَتُهُمْ مَقْبُولَةٌ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِاجْتِمَاعِ أَسْبَابِ التُّهْمَةِ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ ، فَهُوَ أَنَّ انْفِرَادَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ لَمَّا لَمْ تُوجِبِ التُّهْمَةُ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ ، لَمْ يَضُرَّ اجْتِمَاعُهَا مُوجِبًا لِلتُّهْمَةِ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ ، لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْمُقَامِ وَالظَّعْنَ لَا يُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ كَالْأَصْحَابِ : لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ لَا تُوجِبُهَا كَالْأَصْدِقَاءِ ، وَالِامْتِزَاجُ فِي الضِّيقِ وَالسَّعَةِ لَا تُوجِبُهَا كَالْخُلْعِ .
وَأَمَّا
ابْنُ أَبِي لَيْلَى فَيُقَالُ لَهُ : يَنْتَفِعُ الزَّوْجُ بِيَسَارِ زَوْجَتِهِ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ ابْنِهِ عَلَيْهَا إِذَا أَعْسَرَ بِهَا وَلَا يُوجِبُ بِذَلِكَ رَدَّ شَهَادَتِهِ لَهَا ، كَذَلِكَ انْتِفَاعُهَا بِيَسَارِهِ فِيمَا يَجِبُ لَهَا مِنْ نَفَقَةِ الْمُوسِرِينَ لَا يُوجِبُ رَدَّ شَهَادَتِهَا لَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .