الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ومن شك في الوقت لم يصل حتى يغلب على ظنه دخوله ، فإن أخبره بذلك مخبر عن يقين ، قبل قوله ، وإن كان عن ظن لم يقبله ، ومتى اجتهد وصلى فبان أنه وافق الوقت ، أو ما بعده ، أجزأه ، وإن وافق قبله لم ، يجزئه .
( ومن nindex.php?page=treesubj&link=1379شك في ) دخول ( الوقت لم يصل حتى يغلب على ظنه دخوله ) لأن الأصل عدم دخوله ، فلو صلى مع الشك لم يصح وإن أصاب ، كما لو nindex.php?page=treesubj&link=25922صلى من اشتبهت عليه القبلة من غير اجتهاد ، وقال ابن حمدان : من أحرم بفرض مع ما ينافيه ، لا مع ما ينافي الصلاة عمدا ، أو جهلا أو سهوا ، فسد فرضه ونفله يحتمل وجهين ، فلو غلب على ظنه دخوله كمن له صنعة جرت عادته بعمل شيء مقدر إلى وقت الصلاة ، أو قارئ جرت عادته بقراءة شيء فقرأه ، جازت صلاته ، جزم به جماعة ، لأنه أمر اجتهادي ، فاكتفي فيه بغلبة الظن كغيره ، ولأن الصحابة كانوا يبنون أمر الفطر على غلبة الظن ، ولا يعيد بحال ، صرح به في " المحرر " إلا أن يتيقن أن صلاته قبل الوقت ، وأما إذا تيقن كالعالم بالمواقيت ودقائق الساعات ، وسير الكواكب إذا لم يكن في السماء علة ، ولا مانع فمن باب أولى ، وقيل : إن قدر على اليقين لم يعمل بالظن ، وهو ظاهر ما قدمه ابن تميم ( فإن أخبره بذلك ) أي : بدخول الوقت ( مخبر ) ثقة ( عن يقين ) علم بأن قال : رأيت الفجر طالعا ، والشفق غاربا ( قبل قوله ) لأن خبره مع الثقة يفيد وجوب العمل به ، ولأنه خبر ديني أشبه الرواية ، وظاهره ولو أمكنه اليقين ( وإن كان عن ظن لم يقبله ) لأنه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه ، وتحصيل [ ص: 352 ] مثل ظنه أشبه حال اشتباه القبلة ، زاد ابن تميم ، وغيره : إلا أن يتعذر عليه الاجتهاد فيعمل بقوله ، والأعمى والمطمور القادران على التوصل بالاستدلال كالبصير القادر لاستوائهما في إمكان التقدير بمرور الزمان ، فإن كان الأعمى عاجزا عن معرفته بنفسه ، قلد بصيرا عالما به ، فإن عدم من يقلده فاجتهد ، وصلى أعاد إن أخطأ ، وإلا فلا ، ذكره السامري ، وغيره ، وسيأتي ، والأصح أنه يعيد مطلقا .
تذنيب : إذا سمع أذان ثقة عارف بالوقت فله تقليده ، لأن الظاهر أنه لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت ، فجرى مجرى خبره ، ولأنه مؤتمن ، لكن قال ابن عقيل وأبو المعالي ، وابن تميم : لا يعمل به في دار الحرب حتى يعلم إسلامه ، وفي كتاب أبي المعالي ، و " الرعاية " : لا أذان في غيم ، لأنه عن اجتهاد ، ويجتهد هو ، فدل أنه لو عرف أنه يعرف الوقت بالساعات ، أو تقليد عارف عمل به ، جزم به المجد ، وقال الشيخ تقي الدين : قال بعض أصحابنا : لا يعمل بقول المؤذن مع إمكان العلم بالوقت ، وهو خلاف مذهب أحمد ، وسائر العلماء المعتبرين . قلت : من الأمارات صياح الديك المجرب ، وكثرة المؤذنين .
( ومتى اجتهد ) قال الجوهري : الاجتهاد بذل الوسع في المجهود ، وفي " الروضة " الاجتهاد التام : أن يبذل الوسع في الطلب إلى أن يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب ( وصلى فبان أنه وافق الوقت ) أجزأه ، لأن الصلاة وقعت الموقع ، لكونه أدى ما خوطب به ، وفرض عليه ( أو ما بعده أجزأه ) لأن الصلاة تقع بعد الوقت قضاء ، وهو مسقط للفرض ، ومجزئ عنه ( وإن وافق قبله لم [ ص: 353 ] يجزئه ) لأنه أداها قبل وقت الوجوب ، وتكون نفلا ، صرح به في ( " الوجيز " ) و ( " الرعاية " ) وكذا إذا ظن أن عليه فائتة فأحرم بها ، فبان أنها ليست عليه ، وقيل : تبطل ، وذكر ابن تميم ، وغيره أنه إذا أخبره ثقة عن علم أنه صلى قبل الوقت أعاد ، وإلا فلا ، ولا بد من الفرق فيما إذا اجتهد في القبلة ، وصلى فلا إعادة عليه ، وإن أخطأ بخلاف الاجتهاد في الوقت ، والفرق بينهما أن في القبلة أدى الصلاة بعد وجوبها عليه ، وفي الوقت أداها قبل وجوبها ، ثم تجدد سبب الوجوب ، وأيضا فإن تحصيل اليقين في الوقت ممكن بخلاف القبلة ، ذكره ابن المنجا ، وفي الآخر نظر .