[ ص: 400 ] فصل
والقسم الثالث من القسم الأول هو أن ، وهذا موضع نظر ، وهو محل إشكال ، واشتباه ، وذلك أنا لو تسببنا لأمكن أن يكون ذلك السبب غير موضوع لهذا المسبب المفروض ، كما أنه يمكن أن يكون موضوعا له ولغيره ، فعلى الأول يكون التسبب غير مشروع ، وعلى الثاني : يكون مشروعا ، وإذا دار العمل بين أن يكون مشروعا أو غير مشروع ، كان الإقدام على التسبب غير مشروع . يقصد بالسبب مسببا لا يعلم ، ولا يظن أنه مقصود الشارع أو غير مقصود له
لا يقال : إن السبب قد فرض مشروعا على الجملة ; فلم لا يتسبب به ؟
لأنا نقول : إنما فرض مشروعا بالنسبة إلى شيء معين مفروض معلوم لا مطلقا ، وإنما كان يصح التسبب [ به ] مطلقا ، إذا علم شرعيته لكل ما يتسبب عنه على الإطلاق والعموم ، وليس ما فرضنا الكلام فيه من هذا ، بل علمنا أن كثيرا من الأسباب شرعت لأمور تنشأ عنها ، ولم تشرع لأمور وإن كانت تنشأ عنها ، وتترتب عليها كالنكاح ; فإنه مشروع لأمور كالتناسل وتوابعه ، ولم يشرع عند الجمهور للتحليل ولا ما أشبهه ، فلما علمنا أنه مشروع لأمور مخصوصة ، كان ما جهل كونه مشروعا له مجهول الحكم ، فلا تصح مشروعية الإقدام حتى يعرف الحكم .
ولا يقال : الأصل الجواز ; لأن ذلك ليس على الإطلاق ، فالأصل في الأبضاع المنع ; إلا بأسباب [ ص: 401 ] مشروعة ، حتى تحصل الذكاة المشروعة ، إلى غير ذلك من الأمور المشروعة بعد تحصيل أشياء لا مطلقا ، فإذا ثبت هذا ، وتبين مسبب لا ندري أهو مما قصده الشارع بالتسبب المشروع أم مما لم يقصده ، وجب التوقف حتى يعرف الحكم فيه ، ولهذا قاعدة يتبين بها ما هو مقصود الشارع من مسببات الأسباب ، وما ليس بمشروع ، وهي مذكورة في كتاب " المقاصد " [ والله المستعان ] . والحيوانات الأصل في أكلها المنع