[ ص: 131 ] ابن النجار
الإمام العالم الحافظ البارع محدث العراق مؤرخ العصر محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن حسن بن هبة الله بن محاسن البغدادي ، ابن النجار .
مولده في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة .
أول سماعه في سنة ثمان وثمانين وهو قليل ، وأول دخوله في الطلب وهو حدث سنة ثلاث وتسعين ; فسمع من أبي الفرج عبد المنعم بن كليب ، ويحيى بن بوش ، وذاكر بن كامل ، والمبارك بن المعطوش ، وأبي الفرج بن الجوزي ، وأصحاب ابن الحصين ، وقاضي المرستان ، ثم أصحاب ابن ناصر ، ، ثم ينزل إلى أصحاب وأبي الوقت ابن البطي ، وشهدة ، وتلا بالعشرة وغيرها على أبي أحمد عبد الوهاب بن سكينة ، وجماعة . وارتحل إلى أصبهان ، فسمع بها من عين الشمس الثقفية ، والموجودين ، وإلى هراة فسمع من أبي روح عبد المعز بن محمد ، وإلى [ ص: 132 ] نيسابور فسمع من المؤيد الطوسي ، وزينب بنت الشعري ، وبمصر من الحافظ علي بن المفضل ، وخلق ، وبدمشق من أبي اليمن الكندي ، وابن الحرستاني .
قال في أول تاريخه كنت وأنا صبي عزمت على تذييل الذيل لابن السمعاني ، فجمعت في ذلك مسودة ، ورحلت وأنا ابن ثمان وعشرين سنة ، فدخلت الحجاز والشام ومصر والثغر وبلاد الجزيرة والعراق والجبال وخراسان ، وقرأت الكتب المطولات ، ورأيت الحفاظ ، وكنت كثير التتبع لأخبار فضلاء بغداد ومن دخلها .
قلت : ساد في هذا العلم .
حدث عنه أبو حامد بن الصابوني ، وأبو العباس الفاروثي ، وأبو بكر الشريشي ، والغرافي ، وابن بلبان الناصري ، والفتح محمد القزاز ، وآخرون .
وبالإجازة جماعة .
واشتهر ، وكتب عمن دب ودرج من عال ونازل ، ومرفوع وأثر ، ونظم ونثر ، وبرع وتقدم ، وصار المشار إليه ببلده ، ورحل ثانيا إلى أصبهان في حدود العشرين ، وحج وجاور ، وعمل تاريخا حافلا لبغداد ذيل به واستدرك على الخطيب ، وهو في مائتي جزء ينبئ بحفظه ومعرفته ، وكان مع حفظه فيه دين وصيانة ونسك .
[ ص: 133 ] قال ابن الساعي : اشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ وأربع مائة امرأة . عرضوا عليه السكنى في رباط شيخ الشيوخ فأبى ، وقال : معي ثلاث مائة دينار فلا يحل لي أن أرتفق من وقف ، فلما فتحت المستنصرية كان قد افتقر فجعل مشتغلا بها في علم الحديث .
ألف كتاب " القمر المنير في المسند الكبير " فذكر كل صحابي وما له من الحديث ، وكتاب " كنز الإمام في السنن والأحكام " ، وكتاب " المؤتلف والمختلف " ذيل به على الأمير ابن ماكولا ، وكتاب " المتفق والمفترق " ، وكتاب " انتساب المحدثين إلى الآباء والبلدان " ، وكتاب عواليه ، وكتاب " جنة الناظرين في معرفة التابعين " ، وكتاب " العقد الفائق " وكتاب " الكمال في الرجال " . وقرأت عليه " ذيل التاريخ " ، وله كتاب " الدرر الثمينة في أخبار المدينة " ، وكتاب " روضة الأولياء في مسجد إيلياء " ، وكتاب " نزهة القرى في ذكر أم القرى " ، وكتاب " الأزهار في أنواع الأشعار " ، وكتاب " عيون الفوائد " ستة أسفار ، وكتاب " مناقب " وغير ذلك ، وأوصى إلي ، ووقف كتبه بالنظامية ، فنفذ إلي الشافعي الشرابي مائة دينار لتجهيز جنازته . ورثاه جماعة من الشعراء ، وكان من محاسن الدنيا توفي في خامس شعبان سنة ثلاث وأربعين وستمائة .
قال ابن النجار في ترجمة ابن دحية : لما دخلت مصر طلبني [ ص: 134 ] السلطان - يعني الكامل - فحضرت عنده ، وكان يسألني عن أشياء من الحديث ، وأيام الناس ، وأمرني بملازمة القلعة ، فكنت أحضر فيها كل يوم .
أخبرنا علي بن أحمد العلوي ، أخبرنا محمد بن محمود الحافظ ، أخبرنا عبد المعز بن محمد ، أخبرنا يوسف بن أيوب ، أخبرنا أحمد بن علي الحافظ ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا حبيب بن الحسن ، أخبرنا عبد الله بن أيوب ، أخبرنا أبو نصر التمار ، أخبرنا حماد ، عن علي بن الحكم ، عن عطاء ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . من كتم علما علمه ألجمه الله تعالى بلجام من نار
وأخبرناه عاليا أحمد بن هبة الله ، عن عبد المعز بن محمد .
وفي تاريخ ابن النجار أن والده مات في سنة ست وثمانين وخمسمائة وله ثمان وأربعون سنة ، وكان مقدم النجارين بدار الخلافة ، وكان من العوام .