الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (158) قوله تعالى: إليكم : متعلق بـ "رسول"، و "جميعا" حال من المجرور بـ "إلى".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: الذي له ملك يجوز فيه الرفع والنصب والجر، فالرفع والنصب على القطع وقد مر غير مرة. والجر من وجهين: إما النعت للجلالة، وإما البدل منها. قال الزمخشري: "ويجوز أن يكون جرا على الوصف وإن حيل بين الصفة والموصوف بقوله "إليكم جميعا" . وقد استضعف أبو البقاء هذا ووجه البدل فقال: ويبعد أن يكون صفة لله أو بدلا منه لما فيه من الفصل بينهما بـ "إليكم" وبحال، وهو متعلق بـ "رسول".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: لا إله إلا هو لا محل لهذه الجملة من الإعراب، إذ هي بدل من الصلة قبلها، وفيها بيان لها، لأن من ملك العالم كان هو الإله على [ ص: 483 ] الحقيقة. وكذا قوله "يحيي ويميت" هي بيان لقوله لا إله إلا هو سيقت لبيان اختصاصه بالإلهية لأنه لا يقدر على الإحياء والإماتة غيره، قال ذلك الزمخشري. قال الشيخ: "وإبدال الجمل من الجمل غير المشتركة في عامل لا نعرفه". وقال الحوفي: إن "يحيي ويميت" في موضع خبر "لا إله". قال: لأن الإله في موضع رفع بالابتداء، و "إلا هو" بدل على الموضع. قال: والجملة أيضا في موضع الحال من اسم الله. قلت: يعني بالجملة قوله لا إله إلا هو يحيي ويميت ويعني باسم الله، أي الضمير في "له ملك"، أي: استقر له الملك في حال انفراده بالإلهية. وقال الشيخ: والأحسن أن تكون هذه جملا مستقلة من حيث الإعراب، وإن كان متعلقا بعضها ببعض من حيث المعنى . وقال في إعراب الحوفي المتقدم: "إنه متكلف" وهو كما قال.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ مجاهد وعيسى "وكلمة" بالتوحيد، والمراد بها الجنس كقوله: "أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد"، ويسمون القصيدة كلها كلمة، وقد تقدم لك شرح هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فآمنوا بالله ورسوله قال الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل: [ ص: 484 ] فآمنوا بالله وبي بعد قوله: إني رسول الله إليكم جميعا . قلت: عدل عن المضمر إلى الاسم الظاهر لتجري عليه الصفات التي أجريت عليه، ولما في طريقة الالتفات من البلاغة، وليعلم أن الذي يجب الإيمان به واتباعه هو هذا الشخص المستقل بأنه النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته كائنا من كان أنا أو غيري إظهارا للنصفة وتفاديا من العصبية لنفسه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية