الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5283 حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح وأبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال جاء أبو حميد بقدح من لبن من النقيع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا خمرته ولو أن تعرض عليه عودا حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال سمعت أبا صالح يذكر أراه عن جابر رضي الله عنه قال جاء أبو حميد رجل من الأنصار من النقيع بإناء من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا خمرته ولو أن تعرض عليه عودا وحدثني أبو سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أبي صالح وأبي سفيان ) كذا رواه أكثر أصحاب الأعمش عنه عن جابر ، ورواه أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح وحده أخرجه مسلم ، وقد أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ، وعن أبي صالح عن أبي هريرة ، وهو شاذ والمحفوظ عن جابر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من النقيع ) بالنون ، قيل هو الموضع الذي حمي لرعي النعم وقيل : غيره ، وقد تقدم في كتاب الجمعة ذكر نقيع الخضمات فدل على التعدد ; وكان واديا يجتمع فيه الماء ، والماء الناقع هو المجتمع ، وقيل : كانت تعمل فيه الآنية ، وقيل : هو الباع حكاه الخطابي ، وعن الخليل : الوادي يكون فيه الشجر ، وقال ابن التين : رواه أبو الحسن يعني القابسي بالموحدة ، وكذا نقله عياض عن أبي بحر بن العاص ، وهو تصحيف ، فإن البقيع مقبرة بالمدينة ، وقال القرطبي : الأكثر على النون وهو من ناحية العقيق على عشرين فرسخا من المدينة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ألا ) بفتح الهمزة والتشديد بمعنى هلا . وقوله : خمرته بخاء معجمة وتشديد الميم أي غطيته ، ومنه خمار المرأة لأنه يسترها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( تعرض ) بفتح أوله وضم الراء قاله الأصمعي ، وهو رواية الجمهور ، وأجاز أبو عبيد كسر الراء وهو مأخوذ من العرض أي تجعل العود عليه بالعرض ، والمعنى أنه إن لم يغطه فلا أقل من إن يعرض عليه شيئا . وأظن السر في الاكتفاء بعرض العود أن تعاطي التغطية أو العرض يقترن بالتسمية فيكون العرض علامة على التسمية فتمتنع الشياطين من الدنو منه ، وسيأتي شيء من الكلام على هذا الحكم في " باب في تغطية الإناء " بعد أبواب .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        وقع لمسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح وحده عن جابر كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستسقى ، فقال رجل : يا رسول الله ألا نسقيك نبيذا ؟ قال : بلى ، فخرج [ ص: 75 ] الرجل يسعى فجاء بقدح فيه نبيذ ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا خمرته الحديث . ولمسلم أيضا من طريق ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول " أخبرني أبو حميد الساعدي قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن من النقيع ليس مخمرا " الحديث . والذي يظهر أن قصة اللبن كانت لأبي حميد وأن جابرا أحضرها ، وأن قصة النبيذ حملها جابر عن أبي حميد وأبهم أبو حميد صاحبها ، ويحتمل أن يكون هو أبا حميد راويها أبهم نفسه ، ويحتمل أن يكون غيره ، وهو الذي يظهر لي والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية