الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة الآية . فيه خمسة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 73 ] أحدها : أنها نزلت مخصوصة في رجل من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها: أم مهزول كانت من بغايا الجاهلية من ذوات الرايات، وشرطت له أن تنفق عليه فأنزل الله هذه الآية فيه وفيها قاله عبد الله بن عمرو ، ومجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنها نزلت في أهل الصفة ، وكانوا قوما من المهاجرين فقراء ولم يكن لهم بالمدينة مساكن ولا عشائر ، فنزلوا صفة المسجد ، وكانوا نحو أربعمائة رجل يلتمسون الرزق بالنهار ويأوون إلى الصفة في الليل ، وكان بالمدينة بغايا متعالنات بالفجور مما يصيب الرجال بالكسوة والطعام ، فهم أهل الصفة أن يتزوجوهن ليأووا إلى مساكنهن وينالوا من طعامهن وكسوتهن فنزلت فيهن هذه الآية ، قاله أبو صالح .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : معناه أن الزاني لا يزني إلا بزانية والزانية لا يزني بها إلا زان ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنه عام في تحريم نكاح الزانية على العفيف ونكاح العفيفة على الزاني ثم نسخ بقوله تعالى : فانكحوا ما طاب لكم من النساء [النساء : 3] قاله ابن المسيب .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : أنها مخصوصة في الزاني المحدود لا ينكح إلا زانية محدودة ولا ينكح غير محدودة ولا عفيفة ، والزانية المحدودة لا ينكحها إلا زان محدود ، ولا ينكحها غير محدود ولا عفيف ، قاله الحسن ، ورواه أبو هريرة مرفوعا .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 74 ] وحرم ذلك على المؤمنين فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : الزنى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : نكاح الزواني .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية