[ ص: 3126 ] nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=40وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير
إن
nindex.php?page=treesubj&link=19723الذنوب مهما تكبر فباب التوبة مفتوح، فما أنزل الله الرسل ليحصوا عدد الذين أساءوا، بل للدعوة إلى الحق، وقد يكفرون فالدعوة تستمر لهدايتهم، ومن يستجب منهم تجب استجابته ما كان منه من قبل; ولذلك كان الباب مفتوحا، ولذا أمر الله نبيه - مع كفرهم - أن يقول لهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
يأمر الله نبيه بأن يقول لهم في شأن الذين كفروا متحدثا عن مآلهم: إن ينتهوا عما هم فيه من كفر ومشاقة للمؤمنين ومحاربة للحق - يغفر لهم ما سلف من أعمالهم، ويدخلون في الإسلام طاهرين مبتدئين حياة جديدة هي طهر وتقى ونقاء.
وهناك قراءة بالخطاب، ورويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "إن تنتهوا يغفر لكم ما قد سلف" ولكن القراءة المشهورة الأولى، ويكون المعنى: قل مخاطبا لهم: إن تنتهوا يغفر لكم ما قد سلف.
والتعبير بالذين كفروا في موضعه; لأنهم متلبسون بالكفر، ومع تلبسهم بالكفر، إن ينزعوه من إهابهم ويلبسوا لباس الإيمان وينتهوا من أرجاسه يغفر لهم ما قد سلف; لأن
الإسلام يجب ما قبله ، وعبر عن الإيمان بعد الكفر بـ"الانتهاء" للإشارة إلى أن الفطرة هي الإيمان، وأن الكفر عارض على النفس، وهو حال قابلة للانتهاء، وإذا انتهت عاد الطهر والنقاء.
[ ص: 3127 ] وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38يغفر لهم ما قد سلف من حرب وإيذاء، ولبس الحق بالباطل، وكل ما كان منهم من جرائم في جنب الله، فالله غفور رحيم، وما ارتكبوا من زور وربا موضوع، وكل دماء الجاهلية موضوع، فكل هذا داخل في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38يغفر لهم ما قد سلف
وقرر الفقهاء أن الحربي إذا أسلم لم تبق عليه تبعة من حقوق الله تعالى؛ لأنه إذا غفر الشرك فما دونه أولى بالغفران، إلا ما كان من حقوق العباد كديون عليه، أو أكل مال بالباطل أو نحو ذلك، والذمي إذا أسلم فإن الحدود تقام عليه، وحقوق العباد تجب على العباد; لأن ذلك يلزمه بمقتضى عقد الذمة، والإيمان يؤكد الالتزامات ولا يسقطها.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين ظاهر النص: إن يعودوا إلى الكفر بعد الإيمان فإن معاملة الكافرين تعود إليهم، فمعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38فقد مضت أي: فقد تقررت سنة الأولين، وهي معاداتهم لله تعالى، منزل بهم ما نزل بالأولين من إخضاعهم للحق بالمحاربة وتنكيس رءوسهم، وإقامة الحق، أو تدمير ديارهم بزلزال مدمر أو حاصب من السماء، وإن سنة الأولين إما سلم مخزية، أو حرب مجلية، كما في بدر، أو ريح عاصف، أو سيل عال.
[ ص: 3126 ] nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=40وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
إِنِ
nindex.php?page=treesubj&link=19723الذُّنُوبَ مَهْمَا تَكْبُرُ فَبَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ، فَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ الرُّسُلَ لِيُحْصُوا عَدَدَ الَّذِينَ أَسَاءُوا، بَلْ لِلدَّعْوَةِ إِلَى الْحَقِّ، وَقَدْ يَكْفُرُونَ فَالدَّعْوَةُ تَسْتَمِرُّ لِهِدَايَتِهِمْ، وَمَنْ يَسْتَجِبْ مِنْهُمْ تَجُبُّ اسْتِجَابَتُهُ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ قَبْلُ; وَلِذَلِكَ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا، وَلِذَا أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - مَعَ كُفْرِهِمْ - أَنْ يَقُولَ لَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ
يَأْمُرُ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ فِي شَأْنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مُتَحَدِّثًا عَنْ مَآلِهِمْ: إِنْ يَنْتَهُوا عَمَّا هُمْ فِيهِ مَنْ كُفْرٍ وَمُشَاقَّةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَمُحَارَبَةٍ لِلْحَقِّ - يُغْفَرْ لَهُمْ مَا سَلَفَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَيَدْخُلُونَ فِي الْإِسْلَامِ طَاهِرِينَ مُبْتَدِئِينَ حَيَاةً جَدِيدَةً هِيَ طُهْرٍ وَتُقًى وَنَقَاءٍ.
وَهُنَاكَ قِرَاءَةٌ بِالْخِطَابِ، وَرُوِيَتْ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : "إِنْ تَنْتَهُوا يَغْفِرْ لَكُمْ مَا قَدْ سَلَفَ" وَلَكِنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَشْهُورَةَ الْأُولَى، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: قُلْ مُخَاطِبًا لَهُمْ: إِنْ تَنْتَهُوا يَغْفِرْ لَكُمْ مَا قَدْ سَلَفَ.
وَالتَّعْبِيرُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا فِي مَوْضِعِهِ; لِأَنَّهُمْ مُتَلَبِّسُونَ بِالْكُفْرِ، وَمَعَ تَلَبُّسِهِمْ بِالْكُفْرِ، إِنْ يَنْزِعُوهُ مِنْ إِهَابِهِمْ وَيَلْبَسُوا لِبَاسَ الْإِيمَانِ وَيَنْتَهُوا مِنْ أَرْجَاسِهِ يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ; لِأَنَّ
الْإِسْلَامَ يَجُبَّ مَا قَبْلَهُ ، وَعُبِّرَ عَنِ الْإِيمَانِ بَعْدَ الْكُفْرِ بِـ"الِانْتِهَاءِ" لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ هِيَ الْإِيمَانُ، وَأَنَّ الْكُفْرَ عَارِضٌ عَلَى النَّفْسِ، وَهُوَ حَالٌ قَابِلَةٌ لِلِانْتِهَاءِ، وَإِذَا انْتَهَتْ عَادَ الطُّهْرُ وَالنَّقَاءُ.
[ ص: 3127 ] وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ مِنْ حَرْبٍ وَإِيذَاءٍ، وَلُبْسِ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَكُلِّ مَا كَانَ مِنْهُمْ مَنْ جَرَائِمَ فِي جَنْبِ اللَّهِ، فَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَمَا ارْتَكَبُوا مِنْ زُورٍ وَرِبًا مَوْضُوعٌ، وَكُلُّ دِمَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، فَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ
وَقَرَّرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إِذَا أَسْلَمَ لَمْ تَبْقَ عَلَيْهِ تَبِعَةٌ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ إِذَا غَفَرَ الشِّرْكَ فَمَا دُونَهُ أَوْلَى بِالْغُفْرَانِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَدُيُونٍ عَلَيْهِ، أَوْ أَكْلِ مَالٍ بِالْبَاطِلِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَالذِّمِّيُّ إِذَا أَسْلَمَ فَإِنَّ الْحُدُودَ تُقَامُ عَلَيْهِ، وَحُقُوقَ الْعِبَادِ تَجِبُ عَلَى الْعِبَادِ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ بِمُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَالْإِيمَانُ يُؤَكِّدُ الِالْتِزَامَاتِ وَلَا يُسْقِطُهَا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ ظَاهِرُ النَّصِّ: إِنْ يَعُودُوا إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ فَإِنَّ مُعَامَلَةَ الْكَافِرِينَ تَعُودُ إِلَيْهِمْ، فَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38فَقَدْ مَضَتْ أَيْ: فَقَدْ تَقَرَّرَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ، وَهِيَ مُعَادَاتُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، مُنْزِلٌ بِهِمْ مَا نَزَلَ بِالْأَوَّلِينَ مِنْ إِخْضَاعِهِمْ لِلْحَقِّ بِالْمُحَارَبَةِ وَتَنْكِيسِ رُءُوسِهِمْ، وَإِقَامَةِ الْحَقِّ، أَوْ تَدْمِيرِ دِيَارِهِمْ بِزِلْزَالٍ مُدَمِّرٍ أَوْ حَاصِبٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنَّ سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ إِمَّا سِلْمٌ مُخْزِيَةٌ، أَوْ حَرْبٌ مُجْلِيَةٌ، كَمَا فِي بَدْرٍ، أَوْ رِيحٌ عَاصِفٌ، أَوْ سَيْلٌ عَالٍ.