الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5595 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشفع لي يوم القيامة ، فقال : " أنا فاعل " ، قلت : يا رسول الله فأين أطلبك ؟ قال : " اطلبني أول ما تطلبني على الصراط " قلت : فإن لم ألقك على الصراط ؟ قال : " فاطلبني عند الميزان " قلت : فإن لم ألقك عند الميزان ؟ قال : " فاطلبني عند الحوض ، فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن " . رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب .

التالي السابق


5595 - ( وعن أنس قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشفع لي يوم القيامة ) أي : الشفاعة الخاصة من بين هذه الأمة دون الشفاعة العامة ، ( فقال : أنا فاعل . قلت : يا رسول الله فأين أطلبك ؟ ) قال الطيبي رحمه الله : أي في أي موطن من المواطن التي أحتاج إلى شفاعتك أطلبك لتخلصني من تلك الورطة ؟ فأجاب : على الصراط ، وعند الميزان والحوض ، أي : أفقر الأوقات إلى شفاعتي هذه المواطن ، فإن قلت : كيف التوفيق بين هذا الحديث ، وحديث عائشة في الفصل الثاني من باب الحساب : فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة ؟ فقال - صلى الله تعالى عليه وسلم : ( أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحدا ) قلت : جوابه لعائشة بذلك لئلا تتكل على كونها حرم رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - وجوابه لأنس كيلا ييأس . أقول : فيه أنه خادم رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فهو محل الاتكال أيضا ، مع أن اليأس غير ملائم لها أيضا ، فالأوجه أن يقال : إن الحديث الأول محمول على الغائبين ، فلا أحد يذكر أحدا من أهله الغيب ، والحديث الثاني محمول على من حضره من أمته ، فيئول بأن [ ما ] بين عدم التذكر وبين وجود الشفاعة عند التحضر ، كما يدل عليه قوله : فأين أطلبك ؟ ( قال : اطلبني أول ما تطلبني ) أي : في أول طلبك

[ ص: 3566 ] إياي ( على الصراط ) : فما مصدرية ، وأول نصب على الظرفية . قال الطيبي - رحمه الله : نصبه على المصدرية ( قلت : فإن لم ألقك على الصراط ؟ قال : فاطلبني عند الميزان ) : فيه إيذان بأن الميزان بعد الصراط ، ( قلت : فإن لم ألقك عند الميزان ؟ قال : فاطلبني عند الحوض ، فإني لا أخطئ ) : بضم همز وكسر الطاء بعدها همز ، أي : لا أتجاوز ( هذه الثلاث ) أي : البقاع ، وفي نسخة هذه الثلاثة بالتاء أي : المواطن ، والمعنى لا أتجاوزهم ، ولا أحد يفقدني فيهن جميعهن ، فلا بد أن تلقاني في موضع منهن .

وقد استشكل كون الحوض بعد الصراط ; لما سيأتي في حديث الباب : أن جماعة يدفعون عن الحوض بعد أن كادوا يردون ، ويذهب بهم إلى النار ، ووجه الإشكال أن الذي يمر على الصراط إلى الحوض يكون قد نجا من النار ، فكيف يرد إليها ؟ ويمكن أن يحمل على أنهم يقربون من الحوض بحيث يرون ، فيدفعون في النار قبل أن يخلصوا من الصراط ، كذا حققه الشيخ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله . ( رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب ) .




الخدمات العلمية