[ ص: 129 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أيمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون
لما استوفى البيان لأصناف المشركين الذين أمر الله بالبراءة من عهدهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3أن الله بريء من المشركين إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3وبشر الذين كفروا بعذاب أليم وإنما كان ذلك لإبطانهم الغدر ، والذين أمر بإتمام عهدهم إلى مدتهم ما استقاموا على العهد بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم الآيات ، والذين يستجيبون عطف على أولئك بيان الذين يعلنون بنكث العهد ، ويعلنون بما يسخط المسلمين من قولهم ، وهذا حال مضاد لحال قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم
والنكث تقدم عند قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=135فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون في الأعراف .
وعبر عن نقض العهد بنكث الأيمان تشنيعا للنكث; لأن العهد كان يقارنه اليمين على الوفاء ولذلك سمي العهد حلفا .
وزيد قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12من بعد عهدهم زيادة في تسجيل شناعة نكثهم : بتذكير أنه غدر لعهد ، وحنث باليمين .
والطعن حقيقته خرق الجسم بشيء محدد كالرمح ، ويستعمل مجازا بمعنى الثلب . والنسبة إلى النقص ، بتشبيه عرض المرء ، الذي كان ملتئما غير منقوص ، بالجسد السليم . فإذا أظهرت نقائصه بالثلب والشتم شبه بالجلد الذي أفسد التحامه .
والأمر ، هنا : للوجوب ، وهي حالة من أحوال الإذن المتقدم في قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين ففي هذه الحالة يجب قتالهم ذبا عن حرمة الدين ، وقمعا لشرهم من قبل أن يتمردوا عليه .
و أئمة جمع إمام ، وهو ما يجعل قدوة في عمل يعمل على مثاله ، أو على مثال عمله ، قال - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5ونجعلهم أئمة أي مقتدى بهم ، وقال
لبيد :
ولكل قوم سنة وإمامها
[ ص: 130 ] والإمام المثال الذي يصنع على شكله ، أو قدره ، مصنوع ، فأئمة الكفر ، هنا : الذين بلغوا الغاية فيه ، بحيث صاروا قدوة لأهل الكفر .
والمراد بأئمة الكفر : المشركون الذين نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم ، فوضع هذا الاسم موضع الضمير حين لم يقل : فقاتلوهم ، لزيادة التشنيع عليهم ببلوغهم هذه المنزلة من الكفر ، وهي أنهم قدوة لغيرهم ; لأن الذين أضمروا النكث يبقون مترددين بإظهاره ، فإذا ابتدأ بعضهم بإظهار النقض اقتدى بهم الباقون ، فكان الناقضون أئمة للباقين .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12إنهم لا أيمان لهم تعليل لقتالهم بأنهم استحقوه لأجل استخفافهم بالأيمان التي حلفوها على السلم ، فغدروا . وفيه بيان للمسلمين كيلا يشرعوا في قتالهم غير مطلعين على حكمة الأمر به ، فيكون قتالهم لمجرد الامتثال لأمر الله ، فلا يكون لهم من الغيظ على المشركين ما يشحذ شدتهم عليهم .
ونفي الأيمان لهم : نفي للماهية الحق لليمين ، وهي قصد تعظيمه والوفاء به ، فلما لم يوفوا بأيمانهم ، نزلت أيمانهم منزلة العدم لفقدان أخص أخواصها وهو العمل بما اقتضته .
وقرأ
نافع ،
وابن كثير ،
وأبو عمرو ،
ورويس عن
يعقوب . أيمة بتسهيل الهمزة الثانية بين الهمزة والياء . وقرأ البقية : بتحقيق الهمزتين . وقرأ
هشام عن
ابن عامر ،
وأبو جعفر : بمد بين الهمزتين .
وقرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12لا أيمان لهم بفتح همزة أيمان على أنه جمع يمين . وقرأه
ابن عامر بكسر الهمزة ، أي ليسوا بمؤمنين ، ومن لا إيمان له لا عهد له لانتفاء الوازع .
وعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12وطعنوا في دينكم عطف قسيم على قسيمه ، فالواو فيه بمعنى أو . فإنه إذا حصل أحد هذين الفعلين : الذين هما نكث الأيمان ، والطعن في الدين ، كان حصول أحدهما موجبا لقتالهم ، أي دون مصالحة ، ولا عهد ، ولا هدنة بعد ذلك .
وذكر طعنهم في دين المسلمين ينبئ بأن ذلك الطعن كان من دأبهم في مدة المعاهدة ، فأريد صدهم عن العود إليه . ولم أقف على أنه كان مشروطا على المشركين
[ ص: 131 ] في عقود المصالحة والمعاهدة مع المسلمين أن لا يطعنوا في الإسلام ، في غير هذه الآية ، فكان هذا شرطا عليهم من بعد ; لأن المسلمين أصبحوا في قوة .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12فقاتلوا أيمة الكفر ) أمر للوجوب .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12لعلهم ينتهون يجوز أن تكون تعليلا لجملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12فقاتلوا أيمة الكفر ) أي قتالهم لرجاء أن ينتهوا ، وظاهر أن القتال يفني كثيرا منهم ، فالانتهاء المرجو انتهاء الباقين أحياء بعد أن تضع الحرب أوزارها .
ولم يذكر متعلق فعل ينتهون ولا يحتمل أن يكون الانتهاء عن نكث العهد ; لأن عهدهم لا يقبل بعد أن نكثوا لقول الله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12إنهم لا أيمان لهم ، ولا أن يكون الانتهاء عن الطعن في الدين ; لأنه إن كان طعنهم في ديننا حاصلا في مدة قتالهم فلا جدوى لرجاء انتهائهم عنه ، وإن كان بعد أن تضع الحرب أوزارها فإنه لا يستقيم إذ لا غاية لتنهية القتل بين المسلمين وبينهم ، فتعين أن المراد : لعلهم ينتهون عن الكفر .
ويجوز أن تكون الجملة استئنافا ابتدائيا لا اتصال لها بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12وإن نكثوا أيمانهم الآية ، بل ناشئة عن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=11فإن تابوا وأقاموا الصلاة إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12أيمة الكفر )
والمعنى : المرجو أنهم ينتهون عن الشرك ويسلمون ، وقد تحقق ذلك فإن هذه الآية نزلت بعد فتح
مكة ، وبعد يوم
حنين ، ولم يقع نكث بعد ذلك ، ودخل المشركون في الإسلام أفواجا في سنة الوفود .
[ ص: 129 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَيِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ
لَمَّا اسْتَوْفَى الْبَيَانَ لِأَصْنَافِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عَهْدِهِمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=3وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِإِبْطَانِهِمُ الْغَدْرَ ، وَالَّذِينَ أَمَرَ بِإِتْمَامِ عَهْدِهِمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ مَا اسْتَقَامُوا عَلَى الْعَهْدِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ الْآيَاتِ ، وَالَّذِينَ يَسْتَجِيبُونَ عَطَفَ عَلَى أُولَئِكَ بَيَانَ الَّذِينَ يُعْلِنُونَ بِنَكْثِ الْعَهْدِ ، وَيُعْلِنُونَ بِمَا يُسْخِطُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَوْلِهِمْ ، وَهَذَا حَالٌ مُضَادٌّ لِحَالِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=8وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ
وَالنَّكْثُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=135فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ فِي الْأَعْرَافِ .
وَعَبَّرَ عَنْ نَقْضِ الْعَهْدِ بِنَكْثِ الْأَيْمَانِ تَشْنِيعًا لِلنَّكْثِ; لِأَنَّ الْعَهْدَ كَانَ يُقَارِنُهُ الْيَمِينُ عَلَى الْوَفَاءِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْعَهْدُ حِلْفًا .
وَزِيدَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ زِيَادَةً فِي تَسْجِيلِ شَنَاعَةِ نَكْثِهِمْ : بِتَذْكِيرِ أَنَّهُ غَدْرٌ لِعَهْدٍ ، وَحَنْثٌ بِالْيَمِينِ .
وَالطَّعْنُ حَقِيقَتُهُ خَرْقُ الْجِسْمِ بِشَيْءٍ مُحَدَّدٍ كَالرُّمْحِ ، وَيُسْتَعْمَلُ مَجَازًا بِمَعْنَى الثَّلْبِ . وَالنِّسْبَةُ إِلَى النَّقْصِ ، بِتَشْبِيهِ عِرْضِ الْمَرْءِ ، الَّذِي كَانَ مُلْتَئِمًا غَيْرَ مَنْقُوصٍ ، بِالْجَسَدِ السَّلِيمِ . فَإِذَا أُظْهِرَتْ نَقَائِصُهُ بِالثَّلْبِ وَالشَّتْمِ شُبِّهَ بِالْجِلْدِ الَّذِي أُفْسِدَ الْتِحَامُهُ .
وَالْأَمْرُ ، هُنَا : لِلْوُجُوبِ ، وَهِيَ حَالَةٌ مِنْ أَحْوَالِ الْإِذْنِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجِبُ قِتَالُهُمْ ذَبًّا عَنْ حُرْمَةِ الدِّينِ ، وَقَمْعًا لِشَرِّهِمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَرَّدُوا عَلَيْهِ .
وَ أَئِمَّةٌ جَمْعُ إِمَامٍ ، وَهُوَ مَا يُجْعَلُ قُدْوَةً فِي عَمَلٍ يُعْمَلُ عَلَى مِثَالِهِ ، أَوْ عَلَى مِثَالِ عَمَلِهِ ، قَالَ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً أَيْ مُقْتَدًى بِهِمْ ، وَقَالَ
لَبِيدٌ :
وَلِكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وَإِمَامُهَا
[ ص: 130 ] وَالْإِمَامُ الْمِثَالُ الَّذِي يُصْنَعُ عَلَى شَكْلِهِ ، أَوْ قَدْرِهِ ، مَصْنُوعٌ ، فَأَئِمَّةُ الْكُفْرِ ، هُنَا : الَّذِينَ بَلَغُوا الْغَايَةَ فِيهِ ، بِحَيْثُ صَارُوا قُدْوَةً لِأَهْلِ الْكُفْرِ .
وَالْمُرَادُ بِأَئِمَّةِ الْكُفْرِ : الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ ، فَوُضِعَ هَذَا الِاسْمُ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ حِينَ لَمْ يُقَلْ : فَقَاتِلُوهُمْ ، لِزِيَادَةِ التَّشْنِيعِ عَلَيْهِمْ بِبُلُوغِهِمْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ مِنَ الْكُفْرِ ، وَهِيَ أَنَّهُمْ قُدْوَةٌ لِغَيْرِهِمْ ; لِأَنَّ الَّذِينَ أَضْمَرُوا النَّكْثَ يَبْقُونَ مُتَرَدِّدِينَ بِإِظْهَارِهِ ، فَإِذَا ابْتَدَأَ بَعْضُهُمْ بِإِظْهَارِ النَّقْضِ اقْتَدَى بِهِمُ الْبَاقُونَ ، فَكَانَ النَّاقِضُونَ أَئِمَّةً لِلْبَاقِينَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ تَعْلِيلٌ لِقِتَالِهِمْ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَقُّوهُ لِأَجْلِ اسْتِخْفَافِهِمْ بِالْأَيْمَانِ الَّتِي حَلَفُوهَا عَلَى السَّلْمِ ، فَغَدَرُوا . وَفِيهِ بَيَانٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَيْلَا يَشْرَعُوا فِي قِتَالِهِمْ غَيْرَ مُطَّلِعِينَ عَلَى حِكْمَةِ الْأَمْرِ بِهِ ، فَيَكُونُ قِتَالُهُمْ لِمُجَرَّدِ الِامْتِثَالِ لِأَمْرِ اللَّهِ ، فَلَا يَكُونُ لَهُمْ مِنَ الْغَيْظِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا يُشَحِّذُ شِدَّتَهُمْ عَلَيْهِمْ .
وَنَفْيُ الْأَيْمَانِ لَهُمْ : نَفْيٌ لِلْمَاهِيَّةِ الْحَقِّ لِلْيَمِينِ ، وَهِيَ قَصْدُ تَعْظِيمِهِ وَالْوَفَاءِ بِهِ ، فَلَمَّا لَمْ يُوفُوا بِأَيْمَانِهِمْ ، نَزَلَتْ أَيْمَانُهُمْ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ لِفُقْدَانِ أَخَصِّ أَخَوَاصِّهَا وَهُوَ الْعَمَلُ بِمَا اقْتَضَتْهُ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو ،
وَرُوَيْسٌ عَنْ
يَعْقُوبَ . أَيِّمَةَ بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ . وَقَرَأَ الْبَقِيَّةُ : بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ . وَقَرَأَ
هِشَامٌ عَنِ
ابْنِ عَامِرٍ ،
وَأَبُو جَعْفَرٍ : بِمَدٍّ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12لَا أَيْمَانَ لَهُمْ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَيْمَانَ عَلَى أَنَّهُ جَمَعُ يَمِينٍ . وَقَرَأَهُ
ابْنُ عَامِرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، أَيْ لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ ، وَمَنْ لَا إِيمَانَ لَهُ لَا عَهْدَ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْوَازِعِ .
وَعَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ عَطْفُ قَسِيمٍ عَلَى قَسِيمِهِ ، فَالْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ . فَإِنَّهُ إِذَا حَصَلَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ : الَّذَيْنِ هُمَا نَكْثُ الْأَيْمَانِ ، وَالطَّعْنُ فِي الدِّينِ ، كَانَ حُصُولُ أَحَدِهِمَا مُوجِبًا لِقِتَالِهِمْ ، أَيْ دُونَ مُصَالَحَةٍ ، وَلَا عَهْدٍ ، وَلَا هُدْنَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ .
وَذِكْرُ طَعْنِهِمْ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ يُنْبِئُ بَأَنَّ ذَلِكَ الطَّعْنَ كَانَ مِنْ دَأْبِهِمْ فِي مُدَّةِ الْمُعَاهَدَةِ ، فَأُرِيدَ صَدُّهُمْ عَنِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ . وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَشْرُوطًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ
[ ص: 131 ] فِي عُقُودِ الْمُصَالَحَةِ وَالْمُعَاهَدَةِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَطْعَنُوا فِي الْإِسْلَامِ ، فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَكَانَ هَذَا شَرْطًا عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ ; لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَصْبَحُوا فِي قُوَّةٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12فَقَاتِلُوا أَيمَّةَ الْكُفْرِ ) أَمْرٌ لِلْوُجُوبِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَعْلِيلًا لِجُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12فَقَاتِلُوا أَيمَّةَ الْكُفْرِ ) أَيْ قِتَالَهُمْ لِرَجَاءِ أَنْ يَنْتَهُوا ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقِتَالَ يُفْنِي كَثِيرًا مِنْهُمْ ، فَالِانْتِهَاءُ الْمَرْجُوُّ انْتِهَاءُ الْبَاقِينَ أَحْيَاءً بَعْدَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا .
وَلَمْ يُذْكَرْ مُتَعَلِّقُ فِعْلِ يَنْتَهُونَ وَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الِانْتِهَاءُ عَنْ نَكْثِ الْعَهْدِ ; لِأَنَّ عَهْدَهُمْ لَا يُقْبَلُ بَعْدَ أَنْ نَكَثُوا لِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ ، وَلَا أَنْ يَكُونَ الِانْتِهَاءُ عَنِ الطَّعْنِ فِي الدِّينِ ; لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ طَعْنُهُمْ فِي دِينِنَا حَاصِلًا فِي مُدَّةِ قِتَالِهِمْ فَلَا جَدْوَى لِرَجَاءِ انْتِهَائِهِمْ عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ إِذْ لَا غَايَةَ لِتَنْهِيَةِ الْقَتْلِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ : لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ عَنِ الْكُفْرِ .
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا لَا اتِّصَالَ لَهَا بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ الْآيَةَ ، بَلْ نَاشِئَةً عَنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=11فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=12أَيِمَّةَ الْكُفْرِ )
وَالْمَعْنَى : الْمَرْجُوُّ أَنَّهُمْ يَنْتَهُونَ عَنِ الشِّرْكِ وَيُسْلِمُونَ ، وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْحِ
مَكَّةَ ، وَبَعْدَ يَوْمِ
حُنَيْنٍ ، وَلَمْ يَقَعْ نَكْثٌ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَدَخَلَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْإِسْلَامِ أَفْوَاجًا فِي سَنَةِ الْوُفُودِ .