الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5709 - وفي رواية أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : ( لا تخيروا بين الأنبياء ) . متفق عليه . وفي رواية أبي هريرة : " لا تفضلوا بين أنبياء الله " .

التالي السابق


5709 - ( وفي رواية أبي سعيد قال : لا تخيروا ) أي : لا تفضلوا ( بين الأنبياء ) .

قال التوربشتي - رحمه الله - قوله : لا تخيروني على موسى أي لا تفضلوني عليه . أقول : قاله على سبيل التواضع أولا ، ثم ليردع الأمة عن التخيير بين أنبياء الله من تلقاء أنفسهم ثانيا ، فإن ذلك يفضي بهم إلى العصبية ، فينتهز الشيطان منهم عند ذلك فرصة يدعوهم إلى الإفراط والتفريط ، فيطرون الفاضل فوق حقه ، ويبخسون المفضول حقه ، فيقعون في مهواة الغي ، ولذا قال : لا تخيروا بين الأنبياء ، أي : لا تقدموا على ذلك بأهوائكم وآرائكم ، بل مما آتاكم الله من البيان ، وعلى هذا النحو قوله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " ولا أقول إن أحدا خير من يونس بن متى " أي : لا أقول من تلقاء نفسي ، ولا أفضل أحدا عليه من حيث النبوة والرسالة ، فإن شأنهما لا يختلف باختلاف الأشخاص ، بل نقول : كل من أكرم بالنبوة ، فإنهم سواء فيما جاءوا به عن الله ، وإن اختلفت مراتبهم ، وكذلك من أكرم بالرسالة ، وإليه الإشارة بقوله سبحانه : لا نفرق بين أحد من رسله وإنما خص يونس عليه السلام بالذكر من بين الرسل لما قص الله عليه في كتابه من أمر يونس ، وتوليه عن قومه ، وضجرته عن تثبطهم في الإجابة ، وقلة الاحتمال عنهم والاحتفال بهم حين راموا التنصل فقال عز من قائل : ولا تكن كصاحب الحوت وقال : وهو مليم فلم يأمن - صلى الله تعالى عليه وسلم - أن يخامر بواطن الضعفاء من أمته ما يعود إلى نقيصة في حقه فنبأهم أن ذلك ليس بقادح فيما آتاه الله من فضله ، وأنه مع ما كان من شأنه كسائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين ، وهذا قول جامع في بيان ما ورد في هذا الباب فافهم ترشد إلى الأقوم .

وأما ما ذكره في هذا الحديث من الصعقة فهي قبل البعث عند نفخة الفزع ، فأما في البعث ، فلا تقدم لأحد فيه على نبينا - صلى الله تعالى عليه وسلم - واختصاص موسى عليه الصلاة والسلام هذه الفضيلة لا توجب له تقدما على من تقدمه بسوابق جمة ، وفضائل كثيرة ، والله المأمول أن يعرفنا حقوقهم ، ويحيينا على محبتهم ، ويميتنا على سنتهم ، ويحشرنا في زمرتهم ( متفق عليه ) . وفي رواية : " لا تفضلوا " ) : بالضاد المعجمة المكسورة على ما في أكثر النسخ أي : لا توقعوا التفضيل ( بين أنبياء الله ) ، أي : وكذا بين رسله على وجه الإزراء ببعض ، فإن ذلك يكون سببا لفساد الاعتقاد في بعض وذلك كفر ، وفي نسخة بالصاد وهو ظاهر أي : لا تفرقوا بينهم لقوله : لا نفرق بين أحد منهم .




الخدمات العلمية