الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
568 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله تعالى ؟ قال : الصلاة لوقتها " . قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين . قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله . قال : حدثني بهن ، ولو استزدته لزادني . متفق عليه .

التالي السابق


568 - ( وعن ابن مسعود قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله تعالى ؟ قال : " الصلاة لوقتها " : اللام فيه مثلها في قوله تعالى : فطلقوهن لعدتهن أي : مستقبلات لعدتهن ، وقولهم : لقيته لثلاث ، أي : مستقبلا بقين من الشهر وليست كاللام في قوله تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس و " وقدمت لحياتي " بمعنى الوقت ; لئلا يتكرر الوقت . قاله الطيبي : وفيه : أنه يلزم من الاستقبال وقوع الصلاة قبل وقتها إلا أن يقال : المراد قبل وقتها بضمتين أي : أولها ، والأظهر أن اللام . بمعنى : " في " إيماء إلى أن الصلاة أداء لا قضاء . وفي القاموس : إن اللام ترد لثلاثين معنى . منها : موافقة " في " في قوله تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ثم رأيت ابن حجر قال بعد نقل كلام الطيبي ، وفيه نظر ظاهر ; لأن اللام في الأولين إنما قدرت بذلك ; لأن الطلاق واللقاء قبل العدة والثلاث ، فوجب تقدير مستقبلا ، وهذا المعنى مفسد هاهنا كما لا يخفى ، فيتعين أن يكون بمعنى : " في " كما قررته فتأمل ، قال ابن الملك : أي أداؤها في أول وقتها . أقول : هذا وإن لم يفهم من الحديث يحمل على أول ما أوقاتهن المختار . وفي الحديث دليل على ما قاله العلماء من أن الصلاة أفضل العبادات بعد الشهادتين ، ويوافقها الخبر الصحيح : الصلاة خير موضوع ، أي : خير عمل وضعه الله لعباده ، ليتقربوا إليه به . ( قلت : ثم أي ؟ ) : أي : أيها أحب . قال الطيبي : ثم لتراخي الرتبة لا لتراخي الزمان أي : ثم بعد الصلاة أيها أفضل ؟ ( قال : " بر الوالدين " ) : أي : أو أحدهما ، وفيه إشارة إلى قوله تعالى : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ولذا قيل : من صلى الصلوات الخمس ، ودعا للوالدين بالمغفرة عقيب كل صلاة ، فقد أدى حق الله ، وحق والديه . ( قلت : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " ) : قال التوربشتي : اختلفت الأحاديث الواردة في أفضل الأعمال وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى ، ففي هذا الحديث هكذا ، وفي حديث أبي ذر : أي العمل خير ؟ قال : " إيمان بالله ، وجهاد في سبيل الله " وفي حديث أبي سعيد : أي الناس أفضل ؟ قال : " رجل مجاهد في سبيل الله " إلى غير ذلك من الأحاديث ، ووجه التوفيق أنه عليه الصلاة والسلام أجاب لكل بما يوافق غرضه ، وما يرغبه فيه ، أو أجاب بحسب ما عرف من حاله ، أو بما يليق به وأصلح له ، توفيقا على ما خفي عليه ، ولقد يقول الرجل : خير الأشياء كذا ولا يريد تفضيله في نفسه على جميع الأشياء ، ولكن يريد أنه خيرها في حال دون حال ، ولأحد دون آخر ، كما يقال في موضع يحمد فيه السكوت لا شيء أفضل من السكوت ، وحيث يحمد الكلام لا شيء أفضل من الكلام ، نقله الطيبي . ( قال ) : أي : ابن مسعود ( حدثني ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم ( بهن ) : أي : بهذه الأشياء الثلاثة ( ولو استزدته ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم ، أو السؤال يعني : لو سألته أكثر من هذا ( لزادني ) : في الجواب ( متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه أبو داود والنسائي ، وروى الدارقطني ، والحاكم ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والبيهقي ، عن ابن مسعود ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الأعمال أفضل ؟ قال : " الصلاة لأول وقتها " قال الحاكم ، والبيهقي في خلافياته : صحيح على شرطهما .

[ ص: 510 ]



الخدمات العلمية