الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3727 ] 5840 - وعنه قال قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث وستين ، وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين ، وعمر وهو ابن ثلاث وستين . رواه مسلم .

قال محمد بن إسماعيل البخاري : ( ثلاث وستين ) ، أكثر .

التالي السابق


5840 - ( وعنه ) أي : عن أنس رضي الله عنه قال : قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - أي : توفي ( وهو ابن ثلاث ) أي : والحال أنه صاحب ثلاث سنين ( وستين ) أي : سنة كما في نسخة ( وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين ) أي : بلا خلاف ، وكانت خلافته سنتين وأربعة أشهر ( وعمر وهو ابن ثلاث وستين ) . وقيل : ابن تسع وخمسين ، وقيل ثمان وخمسين ، وقيل ست وخمسين ، وقيل : إحدى وخمسين . قال المؤلف : طعنه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة بالمدينة يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، ودفن يوم الأحد عاشر محرم سنة أربع وخمسين ، وله من العمر ثلاث وستون ، وهو أصح ما قيل في عمره ، وكانت خلافته عشر سنين ونصفا ، وأما عثمان فدفن ليلة السبت بالبقيع ، وله يومئذ من العمر اثنتان وثمانون سنة ، وقيل ثمان وثمانون ، وقيل غير ذلك ، وكانت خلافته اثني عشرة سنة ، وأما علي فاستخلف يوم قتل عثمان ، وهو يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، وضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي بالكوفة ، صبيحة الجمعة لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة أربعين ، ومات بعد ثلاث ليال من ضربته ودفن سحرا ، وله من العمر ثلاث وستون سنة ، وقيل خمس وستون ، وقيل سبعون ، وقيل ثمان وخمسون ، وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وأياما ، ولعل أنسا لم يذكر عليا مع أن الصحيح في عمره أنه ثلاث وستون ، لأنه إذ ذاك في قيد الحياة ، أو لأنه ما تحرر عنده والله أعلم . ( رواه مسلم ) .

وروى الترمذي عن جرير عن معاوية ، أنه سمعه يخطب قال : مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث وستين ، وأبو بكر وعمر كذلك ، وأنا ابن ثلاث وستين أي : وأنا متوقع أن أموت في هذا السن موافقة لهم ، ففي جامع الأصول : كان معاوية في زمان نقله هذا الحديث في هذا السن ، ولم يمت فيه ، بل مات وبه ثمان وسبعون سنة ، وقيل ست وثمانون سنة . قال ميرك : تمنى لكن لم ينل مطلوبه ، بل مات وهو قريب من ثمانين . قلت : لكن حصل مرغوبه من ثواب الترافق الذي هو موجود مع زيادة عمره وأمله ، فنية المؤمن خير من عمله .

( قال محمد بن إسماعيل البخاري : ثلاث ) : بالجر على الحكاية والتقدير رواية ثلاث ( وستين أكثر ) أي : رواية من غيرها ، ورجح الإمام أحمد أيضا هذه الرواية . قال النووي في شرح مسلم : ذكر ثلاث روايات : إحداها أنه - صلى الله عليه وسلم - توفي وهو ابن ستين سنة ، والثانية ابن خمس وستين ، والثالثة ثلاث وستين ، وهي أصحها ، وأشهرها . رواه مسلم هنا من رواية أنس وعائشة وابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم ، فرواية ستين مقتصرة على الضوء ورواية الخمس منافية له ، وأنكر عروة على ابن عباس قوله : وقال : إنه لم يدرك أول النبوة ، ولا كثرت صحبته بخلاف الباقين . ولد عام الفيل على الصحيح المشهور ، وادعى القاضي عياض الإجماع عليه ، واتفقوا على أنه ولد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول ، واختلفوا هل هو ثاني الشهر أم ثامنه أم عاشره ؟ وتوفي يوم الاثنين في ثاني عشر ربيع الأول ضحى صلوات الله وسلامه عليه اهـ . ولا يخفى أن هنا قولا آخر أيضا ، وهو أن عمره - صلى الله عليه وسلم - اثنان ونصف وستون سنة ، وأنه على ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - من أن عمر كل نبي نصف عمر نبي كان قبله ، عمر عيسى عليه السلام خمس وعشرون ومائة . وقيل : هذا الحديث لا يخلو عن ضعف ، ويمكن أن يقال إلغاء النصف من الكسر غير بعيد عند أهل الحساب والله أعلم بالصواب .




الخدمات العلمية