القول في تأويل قوله تعالى:
[177]
nindex.php?page=treesubj&link=28902_29786_30532_30539_32016_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=177ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون
"
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=177ساء مثلا أي ما مثل به "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=177القوم الذين كذبوا بآياتنا أي حيث شبهوا بالكلاب، إما في استواء الحالتين في النقصان وأنهم ضالون، وعظوا أم لم يوعظوا كما قدمنا، وإما في الخسة، فإن الكلاب لا همة لها إلا في تحصيل أكلة أو شهوة، فمن خرج عن حيز الهدى والعلم، وأقبل على هواه، صار شبيها بالكلب، وبئس المثل مثله. ولهذا ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=669899« ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه » .
"
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=177وأنفسهم كانوا يظلمون اعلم أن من السلف من ذهب إلى أن هذه الآية مثل ضربه الله لمن عرض عليه الإيمان فأبى أن يقبله وتركه، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة واختاره
أبو مسلم ، حيث قال: قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175آتيناه آياتنا أي بيناها، فلم يقبل، وعرى منها. وسواء قولك: انسلخ وعرى وتباعد، وهذا يقع على كل كافر لم يؤمن بالأدلة، وأقام على الكفر. قال: ونظيره قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نـزلنا مصدقا لما معكم وقال في حق
فرعون nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=56ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى ومنهم من ذهب إلى أن الموصول فيها أريد به معين، فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=15944وزيد بن أسلم [ ص: 2906 ] وأبي روق أنه
أمية بن أبي الصلت ، فإنه كان قد قرأ الكتب، وعلم أن الله مرسل رسولا في ذلك الوقت، ورجا أن يكون هو، فلما أرسل الله
محمدا عليه الصلاة والسلام، حسده، ثم مات كافرا، ولم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال فيه رسول الله:
« إنه آمن شعره وكفر قلبه » يريد أن شعره كشعر المؤمنين، وذلك أنه يوحد الله في شعره، ويذكر دلائل توحيده.
وقيل: نزلت في
أبي عامر الراهب ، الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم (الفاسق)، كان يترهب في الجاهلية، فلما جاء الإسلام خرج إلى
الشام ، وأمر المنافقين باتخاذ مسجد الضرار والشقاق، وأتى
قيصر واستنجده على النبي صلى الله عليه وسلم، فمات هناك طريدا وحيدا. وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب .
وقيل نزلت في منافقي أهل الكتاب كانوا يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم، فأنكروه. عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13720والأصم .
وقيل: إنه
فرعون ، والآيات آيات
موسى ، كأنه لما اقتص أنباء بني إسرائيل عاد إلى قصة
فرعون وضرب له المثل.
ومن الأقوال التي تناقلها المفسرون أنها نزلت في
بلعام بن بعور ، ويحكون عنه قصة لم ترو في جوامع الآثار الصحيحة عندنا، ولا هي مطابقة لما عند أهل الكتاب فقد ذكر نبؤه في الفصل الثاني والعشرين والثالث والعشرين من سفر العدد، من تاريخ التوراة، بغير ما يرويه المفسرون عنه، ثم رأيت
الجشمي لم يصحح ذلك، فحمدت المولى على الموافقة. وعبارته: (وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال: هو نبي يقال له
بلعم ، رشاه قومه فكفر. وهذا لا يجوز، لأن
nindex.php?page=treesubj&link=21383_21377الأنبياء لا يجوز عليهم الكفر، لأن ذلك ينفر الخلق عن الأنبياء، والقبول منهم، ويحقرهم
[ ص: 2907 ] في النفوس، ولأنهم حجج الله على خلقه اصطفاهم. فالأقرب أنه لا يصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . انتهى. وهو كذلك لأن من قرأ نبأه السفر المتقدم، رأى من ثباته، وعدم موافقته لبالاق، ملك مواب، على ما أراده منه -ما يبرئه عن ذلك.
تنبيه:
قال
الجشمي : إن قيل: كيف تتصل الآية بما قبلها؟ قلنا: على القول بأنه عنى بها
فرعون فقد اتصلت قصته بقصة بني إسرائيل . وقيل لما نهى عن تقليد الآباء في الدين، بين في هذه الآية حال علماء السوء، الذين يختارون الدنيا على الآخرة، نهيا عن تقليدهم واتباعهم، كما نهى عن تقليد الآباء. وقيل: لما تقدم ذكر أخذ الميثاق، بين حال من آتاه الله الآيات فانسلخ منها ولم يتبعها. اهـ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[177]
nindex.php?page=treesubj&link=28902_29786_30532_30539_32016_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=177سَاءَ مَثَلا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ
"
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=177سَاءَ مَثَلا أَيْ مَا مَثَّلَ بِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=177الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أَيْ حَيْثُ شُبِّهُوا بِالْكِلَابِ، إِمَّا فِي اسْتِوَاءِ الْحَالَتَيْنِ فِي النُّقْصَانِ وَأَنَّهُمْ ضَالُّونَ، وُعِظُوا أَمْ لَمْ يُوعَظُوا كَمَا قَدَّمْنَا، وَإِمَّا فِي الْخِسَّةِ، فَإِنَّ الْكِلَابَ لَا هِمَّةَ لَهَا إِلَّا فِي تَحْصِيلِ أَكْلَةٍ أَوْ شَهْوَةٍ، فَمَنْ خَرَجَ عَنْ حَيِّزِ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، وَأَقْبَلَ عَلَى هَوَاهُ، صَارَ شَبِيهًا بِالْكَلْبِ، وَبِئْسَ الْمَثَلُ مِثْلُهُ. وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=669899« لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ » .
"
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=177وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ اعْلَمْ أَنَّ مِنَ السَّلَفِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِمَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ وَتَرَكَهُ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةَ وَاخْتَارَهُ
أَبُو مُسْلِمٍ ، حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا أَيْ بَيَّنَّاهَا، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَعَرَّى مِنْهَا. وَسَوَاءٌ قَوْلُكَ: انْسَلَخَ وَعَرَّى وَتَبَاعَدَ، وَهَذَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ كَافِرٍ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْأَدِلَّةِ، وَأَقَامَ عَلَى الْكُفْرِ. قَالَ: وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَـزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَقَالَ فِي حَقِّ
فِرْعَوْنَ nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=56وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمَوْصُولَ فِيهَا أُرِيدَ بِهِ مُعَيَّنٌ، فَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ nindex.php?page=showalam&ids=15944وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ [ ص: 2906 ] وَأَبِي رَوْقٍ أَنَّهُ
أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ، وَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ مُرْسِلٌ رَسُولًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَرَجَا أَنْ يَكُونَ هُوَ، فَلَمَّا أَرْسَلَ اللَّهُ
مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، حَسَدَهُ، ثُمَّ مَاتَ كَافِرًا، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ:
« إِنَّهُ آمَنَ شِعْرُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ » يُرِيدُ أَنَّ شِعْرَهُ كَشِعْرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُوَحِّدُ اللَّهَ فِي شِعْرِهِ، وَيَذْكُرُ دَلَائِلَ تَوْحِيدِهِ.
وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي
أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ ، الَّذِي سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْفَاسِقَ)، كَانَ يَتَرَهَّبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ خَرَجَ إِلَى
الشَّامِ ، وَأَمَرَ الْمُنَافِقِينَ بِاتِّخَاذِ مَسْجِدَ الضِّرَارِ وَالشِّقَاقِ، وَأَتَى
قَيْصَرَ وَاسْتَنْجَدَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَاتَ هُنَاكَ طَرِيدًا وَحِيدًا. وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ .
وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي مُنَافِقِي أَهْلِ الْكِتَابِ كَانُوا يَعْرِفُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْكَرُوهُ. عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=13720وَالْأَصَمِّ .
وَقِيلَ: إِنَّهُ
فِرْعَوْنُ ، وَالْآيَاتُ آيَاتُ
مُوسَى ، كَأَنَّهُ لَمَّا اقْتَصَّ أَنْبَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ عَادَ إِلَى قِصَّةِ
فِرْعَوْنَ وَضُرِبَ لَهُ الْمَثَلُ.
وَمِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي تَنَاقَلَهَا الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
بِلْعَامِ بْنِ بَعُورٍ ، وَيَحْكُونَ عَنْهُ قِصَّةً لَمْ تُرْوَ فِي جَوَامِعِ الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ عِنْدَنَا، وَلَا هِيَ مُطَابَقَةٌ لِمَا عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَدْ ذُكِرَ نَبَؤُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ وَالثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ سِفْرِ الْعَدَدِ، مِنْ تَارِيخِ التَّوْرَاةِ، بِغَيْرِ مَا يَرْوِيهِ الْمُفَسِّرُونَ عَنْهُ، ثُمَّ رَأَيْتُ
الْجَشْمِيَّ لَمْ يُصَحِّحْ ذَلِكَ، فَحَمِدْتُ الْمَوْلَى عَلَى الْمُوَافَقَةِ. وَعِبَارَتُهُ: (وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ قَالَ: هُوَ نَبِيٌّ يُقَالُ لَهُ
بُلْعُمُ ، رَشَاهُ قَوْمُهُ فَكَفَرَ. وَهَذَا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21383_21377الْأَنْبِيَاءَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْكُفْرُ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَفِّرُ الْخَلْقَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْقَبُولِ مِنْهُمْ، وَيُحَقِّرُهُمْ
[ ص: 2907 ] فِي النُّفُوسِ، وَلِأَنَّهُمْ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ اصْطَفَاهُمْ. فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ . انْتَهَى. وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ قَرَأَ نَبَأَهُ السِّفْرِ الْمُتَقَدِّمِ، رَأَى مِنْ ثَبَاتِهِ، وَعَدَمِ مُوَافَقَتِهِ لِبَالَاقَ، مَلِكٍ مَوَّابٍ، عَلَى مَا أَرَادَهُ مِنْهُ -مَا يُبَرِّئُهُ عَنْ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ
الْجَشْمِيُّ : إِنْ قِيلَ: كَيْفَ تَتَّصِلُ الْآيَةُ بِمَا قَبْلَهَا؟ قُلْنَا: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَنَى بِهَا
فِرْعَوْنَ فَقَدِ اتَّصَلَتْ قِصَّتُهُ بِقِصَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَقِيلَ لَمَّا نَهَى عَنْ تَقْلِيدِ الْآبَاءِ فِي الدِّينِ، بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ حَالَ عُلَمَاءِ السُّوءِ، الَّذِينَ يَخْتَارُونَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، نَهْيًا عَنْ تَقْلِيدِهِمْ وَاتِّبَاعِهِمْ، كَمَا نَهَى عَنْ تَقْلِيدِ الْآبَاءِ. وَقِيلَ: لَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ أَخْذِ الْمِيثَاقِ، بَيَّنَ حَالَ مَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْآيَاتِ فَانْسَلَخَ مِنْهَا وَلَمْ يَتَّبِعْهَا. اهـ.