[ ص: 2908 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[179]
nindex.php?page=treesubj&link=28797_28902_30428_30437_30539_32438_32445_32666_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون
"
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولقد ذرأنا أي خلقنا "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لجهنم أي لدخولها والتعذيب بها "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179كثيرا من الجن والإنس وهم الكفار من الفريقين، الموصوفون بقوله تعالى "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لهم قلوب لا يفقهون بها أي: آيات الله الهادية إلى الكمالات "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولهم أعين لا يبصرون بها أي دلائل وحدته، بصر اعتبار "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولهم آذان لا يسمعون بها أي الآيات والمواعظ سماع تدبر واتعاظ، يعني أنهم لا ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سببا للهداية، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179أولئك كالأنعام أي السارحة التي لا تنتفع بهذه الحواس منها، إلا في الذي يقيتها، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء أي: ومثلهم في حال دعائهم إلى الإيمان، كمثل الأنعام إذا دعاها راعيها، لا تسمع إلا صوته، ولا تفقه ما يقول.
وقوله تعالى: "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179بل هم أضل أي الأنعام، إذ ليس للأنعام قوة تحصيل تلك الكمالات ودفع تلك النقائص، وهم مع ما لهم من تلك القوة قد خلوا عن الكمالات، وعن دفع أضدادها، فكانوا أردأ حالا منها، لنقصهم مع وجود قوة الكمال فيهم. وأيضا: الأنعام تبصر منافعها ومضارها، فتلزم بعض ما تبصره، وهؤلاء أكثرهم يعلم أنه معاند، فيقدم على النار.
وأيضا: الأنعام قد تستجيب لراعيها، وإن لم تفقه كلامه، بخلاف هؤلاء، وأيضا: إنها تفعل ما خلقت له، إما بطبعها، وإما بتسخيرها، بخلاف هؤلاء، فإنهم خلقوا ليعبدوا الله، ويوحدوه،
[ ص: 2909 ] فكفروا به وأشركوا. " أولئك هم الغافلون " أي عن تلك الكمالات والنقائص، ليهتموا لتحصيلها ودفعها، اهتمامهم لجر المنافع الدنيوية، ودفع مضارها.
تنبيه:
قال
أبو السعود : المراد بهؤلاء الذين ذرئوا لجهنم، الذين حقت عليهم الكلمة الأزلية بالشقاوة، لكن لا بطريق الجبر، من غير أن يكون من قبلهم ما يؤدي إلى ذلك، بل لعلمه تعالى بأنهم لا يصرفون اختيارهم نحو الحق أبدا، بل يصرون على الباطل من غير صارف يلويهم ولا عاطف يثنيهم من الآيات والنذر. فبهذا الاعتبار جعل خلقهم مغيا بها، كما أن جميع الفريقين باعتبار استعدادهم الكامل الفطري للعبادة، وتمكنهم التام منها، جعل خلقهم مغيا بها. كما نطق به قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وقوله تعالى.
[ ص: 2908 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[179]
nindex.php?page=treesubj&link=28797_28902_30428_30437_30539_32438_32445_32666_28978nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ
"
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَقَدْ ذَرَأْنَا أَيْ خَلَقْنَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لِجَهَنَّمَ أَيْ لِدُخُولِهَا وَالتَّعْذِيبِ بِهَا "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَهُمُ الْكُفَّارُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، الْمَوْصُوفُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا أَيْ: آيَاتِ اللَّهِ الْهَادِيَةَ إِلَى الْكَمَالَاتِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا أَيْ دَلَائِلَ وَحْدَتِهِ، بَصَرَ اعْتِبَارٍ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أَيِ الْآيَاتِ وَالْمَوَاعِظَ سَمَاعَ تَدَبُّرٍ وَاتِّعَاظٍ، يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْجَوَارِحِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ سَبَبًا لِلْهِدَايَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ أَيِ السَّارِحَةِ الَّتِي لَا تَنْتَفِعُ بِهَذِهِ الْحَوَاسِّ مِنْهَا، إِلَّا فِي الَّذِي يُقِيتُهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً أَيْ: وَمَثَلُهُمْ فِي حَالِ دُعَائِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ، كَمَثَلِ الْأَنْعَامِ إِذَا دَعَاهَا رَاعِيهَا، لَا تَسْمَعُ إِلَّا صَوْتَهُ، وَلَا تَفْقَهُ مَا يَقُولُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179بَلْ هُمْ أَضَلُّ أَيِ الْأَنْعَامُ، إِذْ لَيْسَ لِلْأَنْعَامِ قُوَّةُ تَحْصِيلِ تِلْكَ الْكَمَالَاتِ وَدَفْعُ تِلْكَ النَّقَائِصِ، وَهُمْ مَعَ مَا لَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْقُوَّةِ قَدْ خَلَوْا عَنِ الْكَمَالَاتِ، وَعَنْ دَفْعِ أَضْدَادِهَا، فَكَانُوا أَرْدَأَ حَالًا مِنْهَا، لِنَقْصِهِمْ مَعَ وُجُودِ قُوَّةِ الْكَمَالِ فِيهِمْ. وَأَيْضًا: الْأَنْعَامُ تُبْصِرُ مَنَافِعَهَا وَمَضَارَّهَا، فَتَلْزَمُ بَعْضَ مَا تُبْصِرُهُ، وَهَؤُلَاءِ أَكْثَرُهُمْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُعَانِدٌ، فَيَقْدُمُ عَلَى النَّارِ.
وَأَيْضًا: الْأَنْعَامُ قَدْ تَسْتَجِيبُ لِرَاعِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَفْقَهْ كَلَامَهُ، بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ، وَأَيْضًا: إِنَّهَا تَفْعَلُ مَا خُلِقَتْ لَهُ، إِمَّا بِطَبْعِهَا، وَإِمَّا بِتَسْخِيرِهَا، بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُمْ خُلِقُوا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ، وَيُوَحِّدُوهُ،
[ ص: 2909 ] فَكَفَرُوا بِهِ وَأَشْرَكُوا. " أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ " أَيْ عَنْ تِلْكَ الْكَمَالَاتِ وَالنَّقَائِصِ، لِيَهْتَمُّوا لِتَحْصِيلِهَا وَدَفْعِهَا، اهْتِمَامَهُمْ لِجَرِّ الْمَنَافِعِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَدَفْعِ مَضَارِّهَا.
تَنْبِيهٌ:
قَالَ
أَبُو السُّعُودِ : الْمُرَادُ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذُرِئُوا لِجَهَنَّمَ، الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمُ الْكَلِمَةُ الْأَزَلِيَّةُ بِالشَّقَاوَةِ، لَكِنْ لَا بِطَرِيقِ الْجَبْرِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِهِمْ مَا يُؤَدِّي إِلَى ذَلِكَ، بَلْ لِعِلْمِهِ تَعَالَى بِأَنَّهُمْ لَا يَصْرِفُونَ اخْتِيَارَهُمْ نَحْوَ الْحَقِّ أَبَدًا، بَلْ يُصِرُّونَ عَلَى الْبَاطِلِ مِنْ غَيْرِ صَارِفٍ يَلْوِيهِمْ وَلَا عَاطِفٍ يُثْنِيهِمْ مِنَ الْآيَاتِ وَالنُّذُرِ. فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ جُعِلَ خَلْقُهُمْ مُغَيًّا بِهَا، كَمَا أَنَّ جَمِيعَ الْفَرِيقَيْنِ بِاعْتِبَارِ اسْتِعْدَادِهِمُ الْكَامِلِ الْفِطْرِيِّ لِلْعِبَادَةِ، وَتَمَكُّنِهِمُ التَّامِّ مِنْهَا، جُعِلَ خَلْقُهُمْ مُغَيًّا بِهَا. كَمَا نَطَقَ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى.