الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثاني: شروط الموصى إليه

        اشترط الفقهاء في الموصى إليه شروطا لا يصح الإيصاء إلا بتوافرها:

        [ ص: 25 ] قال في الشرح الكبير: «تصح الوصية إلى الرجل المسلم الحر العدل إجماعا».

        الشرط الأول: العقل.

        وعلى هذا لا يصح الإيصاء إلى المجنون والمعتوه، ونحوهم؛ لأنه لا ولاية لأحد من هؤلاء على نفسه وماله، فلا يكون له التصرف في شؤون غيره بالطريق الأولى; إذ لا عبارة لهؤلاء ولا حكم لكلامهم.

        الشرط الثاني: البلوغ.

        فالصبي إما أن يكون مميزا، وإما غير مميز، فإن كان غير مميز فلا خلاف بين أهل العلم في عدم جواز الوصاية إليه; لأنه لا ولاية له على نفسه، فلا ولاية له على غيره من باب أولى.

        وإن كان مميزا: فقد اختلف الفقهاء في الوصاية إليه على قولين:

        القول الأول: عدم صحة الوصاية إليه.

        وبه قال الحنفية، والمالكية، والشافعية، وهو الصحيح عند الحنابلة.

        لأنه ليس أهلا للولاية والأمانة، ولأنه مولى عليه، فلا يكون واليا كالطفل غير المميز والمجنون، وأضاف الحنفية أنه إذا أوصى إلى صبي فالقاضي يخرجه عن الوصاية، ويجعل مكانه وصيا آخر.

        [ ص: 26 ] واختلف مشايخ الحنفية في نفاذ تصرفه قبل أن يخرجه القاضي من الوصاية: فمنهم من قال: ينفذ، ومنهم من قال: لا ينفذ، وهو الصحيح.

        القول الثاني: صحة الوصاية إليه.

        وهو قول القاضي من الحنابلة إذا كان قد جاوز سنه عشر سنين.

        قياسا على ما نص عليه أحمد من صحة وكالته.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأن الأصل المقيس عليه موضع خلاف بين العلماء.

        الترجيح:

        الراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه جمهور أهل العلم; إذ الصبي ليس أهلا للولاية.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية