nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين
الفاء للتفريع على ما آذن به قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81قل نار جهنم أشد حرا إذ فرع على الغضب عليهم وتهديدهم عقاب آخر لهم ، بإبعادهم عن مشاركة المسلمين في غزواتهم .
وفعل رجع يكون قاصرا ومتعديا مرادفا لـ ( أرجع ) . وهو هنا متعد ، أي أرجعك الله .
[ ص: 283 ] وجعل الإرجاع إلى طائفة من المنافقين المخلفين على وجه الإيجاز لأن المقصود الإرجاع إلى الحديث معهم في مثل القصة المتحدث عنها بقرينة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فاستأذنوك للخروج ولما كان المقصود بيان معاملته مع طائفة ، اختصر الكلام ، فقيل
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فإن رجعك الله إلى طائفة منهم ، وليس المراد الإرجاع الحقيقي كما جرت عليه عبارات أكثر المفسرين وجعلوه الإرجاع من سفر
تبوك مع أن السورة كلها نزلت بعد غزوة
تبوك بل المراد المجازي ، أي تكرر الخوض معهم مرة أخرى .
والطائفة الجماعة وتقدمت في قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154يغشى طائفة منكم في سورة آل عمران . أو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فلتقم طائفة منهم معك في سورة النساء .
والمراد بالطائفة هنا جماعة من المخلفين دل عليها قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فاستأذنوك للخروج أي إلى طائفة منهم يبتغون الخروج للغزو ، فيجوز أن تكون هذه الطائفة من المنافقين أرادوا الخروج للغزو طمعا في الغنيمة أو نحو ذلك . ويجوز أن يكون طائفة من المخلفين تابوا وأسلموا فاستأذنوا للخروج للغزو . وعلى الوجهين يحتمل أن منعهم من الخروج للخوف من غدرهم إن كانوا منافقين أو لمجرد التأديب لهم إن كانوا قد تابوا وآمنوا .
وما أمر النبيء - صلى الله عليه وسلم - بأن يقوله لهم صالح للوجهين .
والجمع بين النفي بـ ( لن ) وبين كلمة أبدا تأكيد لمعنى لن لانتفاء خروجهم في المستقبل إلى الغزو مع المسلمين .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83إنكم رضيتم بالقعود أول مرة مستأنفة للتعداد عليهم والتوبيخ ، أي إنكم تحبون القعود وترضون به فقد زدتكم منه .
وفعل ( رضيتم ) يدل على أن ما ارتكبوه من القعود عمل من شأنه أن يأباه الناس حتى أطلق على ارتكابه فعل ( رضي ) المشعر بالمحاولة والمراوضة . جعلوا كالذي يحاول نفسه على عمل وتأبى حتى يرضيها كقوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وقد تقدم ذلك .
وانتصب
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83أول مرة هنا على الظرفية لأن المرة هنا لما كانت في زمن معروف لهم وهو زمن الخروج إلى
تبوك ضمنت معنى الزمان . وانتصاب المصدر بالنيابة عن
[ ص: 284 ] اسم الزمان شائع في كلامهم ، بخلاف انتصابها في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=13وهم بدءوكم أول مرة وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80إن تستغفر لهم سبعين مرة كما تقدم . و
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83أول مرة هي غزوة
تبوك التي تخلفوا عنها .
وأفعل التفضيل إذا أضيف إلى نكرة اقتصر على الإفراد والتذكير ولو كان المضاف إليه غير مفرد ولا مذكر لأن في المضاف إليه دلالة على المقصود كافية .
والفاء في فاقعدوا تفريع على
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83إنكم رضيتم بالقعود ، أي لما اخترتم القعود لأنفسكم فاقعدوا الآن لأنكم تحبون التخلف .
و ( الخالفين ) جمع خالف وهو الذي يخلف الغازي في أهله وكانوا يتركون لذلك من لا غناء له في الحرب . فكونهم مع الخالفين تعيير لهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ
الْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى مَا آذَنَ بِهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا إِذْ فُرِّعَ عَلَى الْغَضَبِ عَلَيْهِمْ وَتَهْدِيدِهِمْ عِقَابٌ آخَرُ لَهُمْ ، بِإِبْعَادِهِمْ عَنْ مُشَارَكَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزَوَاتِهِمْ .
وَفِعْلُ رَجَعَ يَكُونُ قَاصِرًا وَمُتَعَدِّيًا مُرَادِفًا لِـ ( أَرْجَعَ ) . وَهُوَ هُنَا مُتَعَدٍّ ، أَيْ أَرْجَعَكَ اللَّهُ .
[ ص: 283 ] وَجُعِلَ الْإِرْجَاعُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمُخَلَّفِينَ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَازِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِرْجَاعُ إِلَى الْحَدِيثِ مَعَهُمْ فِي مِثْلِ الْقِصَّةِ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بَيَانَ مُعَامَلَتِهِ مَعَ طَائِفَةٍ ، اخْتُصِرَ الْكَلَامُ ، فَقِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِرْجَاعَ الْحَقِيقِيَّ كَمَا جَرَتْ عَلَيْهِ عِبَارَاتُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ وَجَعَلُوهُ الْإِرْجَاعَ مِنْ سَفَرِ
تَبُوكَ مَعَ أَنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ غَزْوَةِ
تَبُوكَ بَلِ الْمُرَادُ الْمَجَازِيُّ ، أَيْ تَكَرَّرَ الْخَوْضُ مَعَهُمْ مَرَّةً أُخْرَى .
وَالطَّائِفَةُ الْجَمَاعَةُ وَتَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=154يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ . أَوْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ .
وَالْمُرَادُ بِالطَّائِفَةِ هُنَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُخَلَّفِينَ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ أَيْ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ يَبْتَغُونَ الْخُرُوجَ لِلْغَزْوِ ، فَيَجُوزُ أَنَّ تَكُونَ هَذِهِ الطَّائِفَةُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لِلْغَزْوِ طَمَعًا فِي الْغَنِيمَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُخَلَّفِينَ تَابُوا وَأَسْلَمُوا فَاسْتَأْذَنُوا لِلْخُرُوجِ لِلْغَزْوِ . وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَنْعَهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ لِلْخَوْفِ مِنْ غَدْرِهِمْ إِنْ كَانُوا مُنَافِقِينَ أَوْ لِمُجَرَّدِ التَّأْدِيبِ لَهُمْ إِنْ كَانُوا قَدْ تَابُوا وَآمَنُوا .
وَمَا أُمِرَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ صَالِحٌ لِلْوَجْهَيْنِ .
وَالْجَمْعُ بَيْنَ النَّفْيِ بِـ ( لَنْ ) وَبَيْنَ كَلِمَةِ أَبَدًا تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى لَنْ لِانْتِفَاءِ خُرُوجِهِمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِلَى الْغَزْوِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ مُسْتَأْنَفَةٌ لِلتِّعْدَادِ عَلَيْهِمْ وَالتَّوْبِيخِ ، أَيْ إِنَّكُمْ تُحِبُّونَ الْقُعُودَ وَتَرْضَوْنَ بِهِ فَقَدْ زِدْتُكُمْ مِنْهُ .
وَفِعْلُ ( رَضِيتُمْ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ارْتَكَبُوهُ مِنَ الْقُعُودِ عَمَلٌ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَأْبَاهُ النَّاسُ حَتَّى أُطْلِقَ عَلَى ارْتِكَابِهِ فِعْلُ ( رَضِيَ ) الْمُشْعِرُ بِالْمُحَاوَلَةِ وَالْمُرَاوَضَةِ . جُعِلُوا كَالَّذِي يُحَاوِلُ نَفْسَهُ عَلَى عَمَلٍ وَتَأْبَى حَتَّى يُرْضِيَهَا كَقَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ .
وَانْتَصَبَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83أَوَّلَ مَرَّةٍ هُنَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِأَنَّ الْمَرَّةَ هُنَا لَمَّا كَانَتْ فِي زَمَنٍ مَعْرُوفٍ لَهُمْ وَهُوَ زَمَنُ الْخُرُوجِ إِلَى
تَبُوكَ ضَمِنَتْ مَعْنَى الزَّمَانِ . وَانْتِصَابُ الْمَصْدَرِ بِالنِّيَابَةِ عَنِ
[ ص: 284 ] اسْمِ الزَّمَانِ شَائِعٌ فِي كَلَامِهِمْ ، بِخِلَافِ انْتِصَابِهَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=13وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=80إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً كَمَا تَقَدَّمَ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83أَوَّلَ مَرَّةٍ هِيَ غَزْوَةُ
تَبُوكَ الَّتِي تَخَلَّفُوا عَنْهَا .
وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ إِذَا أُضِيفَ إِلَى نَكِرَةٍ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِفْرَادِ وَالتَّذْكِيرِ وَلَوْ كَانَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ غَيْرَ مُفْرَدٍ وَلَا مُذَكَّرٍ لِأَنَّ فِي الْمُضَافِ إِلَيْهِ دَلَالَةً عَلَى الْمَقْصُودِ كَافِيَةً .
وَالْفَاءُ فِي فَاقْعُدُوا تَفْرِيعٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=83إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ ، أَيْ لَمَّا اخْتَرْتُمُ الْقُعُودَ لِأَنْفُسِكُمْ فَاقْعُدُوا الْآنَ لِأَنَّكُمْ تُحِبُّونَ التَّخَلُّفَ .
وَ ( الْخَالِفِينَ ) جَمْعُ خَالِفٍ وَهُوَ الَّذِي يَخْلُفُ الْغَازِيَ فِي أَهْلِهِ وَكَانُوا يَتْرُكُونَ لِذَلِكَ مَنْ لَا غَنَاءَ لَهُ فِي الْحَرْبِ . فَكَوْنُهُمْ مَعَ الْخَالِفِينَ تَعْيِيرٌ لَهُمْ .