الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختلف في nindex.php?page=treesubj&link=11545_11544الخلع بالغرر بالجواز، والكراهية، والمنع؛ كالآبق، والجنين، والثمر قبل أن يبدو صلاحه، واستحسن ألا يفعل ابتداء، فإن نزل مضى وكان له ما خلع عليه; لأن الخلع ليس كالبياعات في الحقيقة، والأمر فيه أوسع من النكاح، ولأن القائل بمنعه يقول: لا شيء له من الغرر ولا شيء له عليها. وهذا غير مستقيم; لأنه إن كان عنده كالبياعات فالغرر فيه ممنوع فيجب أن يرجعه عليها بالعوض عما أخرج من يده، وإن كان عنده بخلاف البياعات ولا [ ص: 2532 ] شيء له، فيجب أن يمضيه، ولأن الرجوع بالقيمة عما أخرج من يده -وهو خلع المثل- لا يتحصل في الغالب، وليس ذلك معروفا كصداق المثل، فكان البقاء على ما دخلا عليه أولا.
وقد قيل فيمن تزوجت بمائة إلى موت أو فراق: إنه تقوم المائة إذا لم تكن العادة بالنقد، ولا بشيء صحيح، وقد يكون الغرر الذي خالع عليه ليس له كبير قيمة; لأن قصده كان ترك المشاحة في مثل ذلك، وخلع المثل مما له بال، وإن رد إلى خلع المثل كان قد رجع فيما تركه وسامح به.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم فيمن nindex.php?page=treesubj&link=11563_11565_11573خالع على مال إلى أجل مجهول: إنه يكون حالا. قال: لأن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا قال: من باع إلى أجل مجهول إن القيمة إذا فاتت السلعة حالة. ولا أرى لتعجيله وجها، وفي ذلك ظلم على المرأة، ولأن الخلع مختلف فيه، فقيل: جائز. وقيل: مكروه. فإن نزل مضى. فعلى هذين القولين لا يكون عليها تعجيل دون الوقت الذي جعلت القضاء إليه. وقيل: لا يجوز: فينبغي أن يسقط هذا الغرر، ثم يختلف هل يرجع بخلع المثل؟
وقال في التي nindex.php?page=treesubj&link=11557خالعت على ألا سكنى لها، إن كانت في مسكن الزوج لم تخرج، ولا شيء للزوج عليها، قال: لأن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا قال: nindex.php?page=treesubj&link=11557إذا وقع الخلع بحرام مضى الخلع، ورد الحرام. وأرى أن يرجع عليها بالأقل من كراء هذا المسكن، أو ما [ ص: 2533 ] كانت تكتري به; لأن أخذ العوض عن السكنى يجوز، وهو بمنزلة من خالع على شيء فاستحق من يده، إلا أن يكون انتقالها إلى أبويها أو إلى مسكنها، وهو الآن لا كراء له; لأنها لم تنتفع بشيء، ولأن الغالب من المرأة عند الطلاق أنها تكره المقام هناك، وإن خالعها على أن تقيم في مكانها وتؤدي الكراء جاز، وإن nindex.php?page=treesubj&link=11528خالعها على أن ترضع ولدها وتنفق عليه من عندها إلى فطامه جاز.
واختلف إذا زادت على ذلك وشرط عليها أربع سنين أو نحوها، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا يجوز ذلك، قال: وإنما النفقة على الأم في الرضاع والحمل، قال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم: ولا شيء للزوج عليها فيما سقط من شرطه.
وقال المغيرة، nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب، nindex.php?page=showalam&ids=13055وعبد الملك: ذلك جائز. قال المغيرة: لأن الخلع بالغرر يجوز. وهو أحسن، وهذا إذا شرط إن مات الولد أو الأم أن لا رجوع للأب، وإن شرط أن ذلك ثابت عليها، وإن مات الولد أو الأم، جاز، فإن مات الولد أخذ الأب ذلك مشاهرة حتى ينقضي الأجل.
واختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا nindex.php?page=treesubj&link=11543خالعها على رضاعه، ولم يشترط ثبات ذلك إن مات ولا سقوطه، فمات الولد قبل حولين. فقال: لا شيء له عليها. وعلى هذا يدخله الغرر. وقال أيضا: لو أتبعها لكان له في ذلك قول. وروى أبو الفرج [ ص: 2534 ] أنه قال: يتبعها، وإن ماتت هي أخذ ذلك من تركتها، ولو انقطع لبنها وكانت عديمة استأجر لها ورجع عليها. وقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن لا شيء عليها صواب؛ لأن الباقي اللبن، وليس هو شيئا يبيعه ولا يأخذ له ثمنا، وعليها أن تغرم ما كانت تشتريه له خارجا عن الرضاع من طعام أو غيره.
واختلف إذا nindex.php?page=treesubj&link=11582خالعت على أن تنفق على ولدها فعجزت وأنفق الأب، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره من أصحابه: يرجع عليها. واختلف فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم هل يرجع عليها؟ والأول أصوب. وإن nindex.php?page=treesubj&link=24745اختلعت على أن تسلم الولد لأبيه لم يجز، إذا كان الولد قد علق بأمه أو كان عليه في ذلك ضرر من غير رضاع.
واختلف إذا كان الصبي لا ضرر عليه، فأجاز ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16338وابن القاسم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب: الشرط باطل، ولها أن تأخذه. ورأى أن في ذلك حقا للولد، وقاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في كتاب المدنيين، وهو أحسن إذا كان رضيعا أو فطيما وهو صغير; لأن الغالب أنه يضيع ولا أحد يقوم مقام أمه. وإن كان قد أثغر فالوفاء بالشرط أحسن، وإذا بقي عندها لم [ ص: 2535 ] يكن له عليها عن ذلك شيء; لأن الخلع لم يكن بمال ولا بما يباع، وإنما هو من باب طرح المشقة عنه، وهو لا يطلب من تلك الحضانة بشيء.
ومن nindex.php?page=treesubj&link=33365_13034خالع زوجته، ثم ظهر بها حمل، كانت لها النفقة ما كانت حاملا، وكذلك إن كانت ظاهرة الحمل وقت الخلع فلها النفقة ما كانت حاملا، إلا أن يشترط الزوج إسقاطها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في العتبية: إذا nindex.php?page=treesubj&link=13444شرط ألا نفقة للحمل فأعسرت، أنفق الزوج عليها ويتبعها إذا أيسرت. يريد: لأن عجزها عن النفقة على نفسها يضر بالحمل، وقد كان الأصل أنها عليه.
واختلف nindex.php?page=treesubj&link=13444إذا اشترط ألا نفقة للولد إذا ولدته هل يكون لها الآن نفقة الحمل؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في كتاب محمد: لا نفقة لها الآن، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون، والمغيرة nindex.php?page=showalam&ids=12873وابن الماجشون في مختصر ما ليس في المختصر: لها نفقة الحمل; لأنها لم تذكر إسقاطه. وهو أحسن; لأن لها حقين خالعت على أن أسقطت أحدهما، ولم يسقط الآخر.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في كتاب محمد: إذا nindex.php?page=treesubj&link=25329شرط ألا تنكح حتى تفطم ولدها لزمها ذلك. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم في العتبية: إن nindex.php?page=treesubj&link=13531شرط أن ترضع ابنه عامين فأرادت أن [ ص: 2536 ] تنكح قبل ذلك، فإن كان ذلك يضر بالصبي منعت؛ كمن استأجر ظئرا فأرادت التزويج. وفي كتاب nindex.php?page=showalam&ids=13211ابن سحنون: إذا شرط عليها رضاع ولدها سنتين، وأخذت منه دنانير، ثم تزوجها قبل ذلك -كان له أن يرجع عليها من الدنانير بقدر ما بقي. [ ص: 2537 ]