الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          676 حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين قال أبو عيسى حديث ابن عمر حديث حسن صحيح وروى مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث أيوب وزاد فيه من المسلمين ورواه غير واحد عن نافع ولم يذكر فيه من المسلمين واختلف أهل العلم في هذا فقال بعضهم إذا كان للرجل عبيد غير مسلمين لم يؤد عنهم صدقة الفطر وهو قول مالك والشافعي وأحمد وقال بعضهم يؤدي عنهم وإن كانوا غير مسلمين وهو قول الثوري وابن المبارك وإسحق

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى ) قال النووي . فيه دليل على أنها على أهل القرى والأمصار والبوادي في الشعاب وكل مسلم حيث كان ، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وجماهير العلماء . وعن عطاء والزهري وربيعة والليث : أنها لا تجب إلا على أهل الأمصار والقرى دون البوادي . قال : وفيه دليل للشافعي والجمهور في أنها تجب على من ملك فاضلا عن قوته وقوت عياله يوم العيد . وقال أبو حنيفة . لا تجب على من يحل له أخذ الزكاة ، وعندنا أنه لو ملك من الفطرة المعجلة فاضلا عن قوته ليلة العيد ويومه لزمته الفطرة عن نفسه وعياله ، وعن مالك وأصحابه في ذلك خلاف . قال : وفيه حجة للكوفيين في أنها تجب على الزوجة في نفسها ويلزمها إخراجها من مالها ، وعند مالك والشافعي والجمهور يلزم الزوج فطرة زوجته لأنها تابعة للنفقة ، وأجابوا عن الحديث بمثل ما أجيب لداود في فطرة العبد ، انتهى كلام النووي .

                                                                                                          قوله : ( من المسلمين ) قال النووي : هذا صريح في أنها لا تخرج إلا عن مسلم ولا يلزمه من عبده وزوجته وولده ووالده الكفار وإن وجبت عليه نفقتهم ، وهذا مذهب الشافعي وجماهير العلماء . وقال الكوفيون وإسحاق وبعض السلف : تجب عن العبد الكافر ، وتأول الطحاوي على أن المراد بقوله : " من المسلمين " السادة دون العبيد ، وهذا يرده ظاهر الحديث ، انتهى .

                                                                                                          [ ص: 284 ] قوله : ( ورواه غير واحد عن نافع ولم يذكروا فيه من المسلمين ) قال النووي : قال الترمذي وغيره : هذه اللفظة انفرد بها مالك دون سائر أصحاب نافع وليس كما قالوا ، ولم ينفرد بها مالك بل وافقه فيها ثقتان وهما الضحاك بن عثمان وعمر بن نافع أخبرنا الضحاك ، ذكره مسلم ، وأما عمر ففي البخاري ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول مالك والشافعي وأحمد ) وهو قول الجمهور كما قال الحافظ في فتح الباري وحجتهم قول " من المسلمين " وهي زيادة صحيحة .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول الثوري وابن المبارك وإسحاق ) واستدلوا بعموم حديث : " ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر " . وأجاب الآخرون بأن الخاص يقضي على العام ، فعموم قوله في عبده مخصوص بقوله : " من المسلمين " كذا في الفتح .




                                                                                                          الخدمات العلمية