الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني عبد الله بن عياش ، عن يزيد بن قودر ، عن كعب قال : قال : " المؤمن الزاهد ، والمملوك الصالح آمنان من الحساب ، وطوبى لهم كيف يحفظهم الله في ديارهم ، إن الله إذا أحب عبده المؤمن زوى عنه الدنيا ليرفعه درجات في الجنة ، وإذا أبغض عبده الكافر بسط له في الدنيا حتى يسفله دركات في النار ، قال كعب : ويقول الله لعباده الصابرين الراضين بالفقر : أبشروا ولا تحزنوا ، [ ص: 365 ] فإن الدنيا لو وزنت عند الله جناح بعوضة مما لكم عندي ما أعطيتهم منها شيئا ، وقال كعب : إذا اشتكى إلى الله عباده الفقراء الحاجة قيل لهم : أبشروا ولا تحزنوا ، فإنكم سادة الأغنياء ، والسابقون إلى الجنة يوم القيامة ، قال كعب : وكانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالفقر والبلاء أشد فرحا منهم بالرخاء ، وكان البلاء عليهم مضعفا حتى إن كان أحدهم ليقتله القمل ، فإذا رأى رخاء ظن أنه قد أصاب ذنبا ، وقال كعب : من تضعضع لصاحب الدنيا والمال تضعضع دينه ، والتمس الفضل عند غير المفضل ، ولم يصب من الدنيا إلا ما كتب الله له ، وإن الله تعالى يبغض كل جماع للمال ، مناع للخير ، مستكبر ، ويبغض كل حبر سمين ، وقالكعب : قال موسى عليه السلام : تلبسون ثياب الرهبان وقلوبكم قلوب الجبارين والذئاب الضواري ؟ فإن أحببتم أن تبلغوا ملكوت السماء فأميتوا قلوبكم لله .

              حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا يزيد بن هارون ، أنبأنا أبو هلال ، ثنا عبد الله بن بريدة ، قال : قال كعب : ما كرم عبد على الله إلا زاد البلاء عليه شدة ، وما أعطى رجل صدقة ماله فنقصت من ماله ، ولا حبسها فزادت في ماله ، ولا سرق سارق إلا حسبت من رزقه .

              حدثنا حبيب بن الحسن أبو القاسم ، ثنا عمر بن حفص السدوسي ، ثنا عاصم بن علي ، ثنا أبو هلال ، عن حفص بن دينار ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، أن عمر بن الخطاب قال : يا كعب ، حدثنا عن الموت قال : يا أمير المؤمنين ، غصن كثير الشوك ، يدخل في جوف الرجل ، فتأخذ كل شوكة بعرق يجذبه رجل شديد الجذب ، فأخذ ما أخذ ، وأبقى ما أبقى .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أبان بن مخلد ، ثنا محمد بن عمرو زنيج ، ثنا الحكم بن بشير ، ثنا عمر بن قيس ، عن الحكم ، عن أبي خالد ، قال : قال كعب : من عرف الله بقلبه ، وحمد الله بلسانه ، لم يفن من فيه حتى ينزل الله الزيادة ، وذلك لأن الله أسرع بالخير ، وأولى بالفضل .

              [ ص: 366 ] حدثنا أبي ، وأبو محمد بن حيان ، قالا : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا عمران بن موسى القزاز ، ثنا عبد الوارث ، ثنا الجريري ، عن عمر ، عن إسماعيل ، عن كعب قال : ما من رجل بكى من خشية الله فتسيل دموعه على الأرض فتقطر فتصيبه النار أبدا حتى يرجع قطر السماء إذا وقع على الأرض إلى السماء .

              حدثنا أبي ، وأبو محمد بن حيان قالا : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا عمران بن موسى القزاز ، ثنا عبد الوارث ، ثنا الجريري ، عن عباد الجشمي قال : قال كعب : لأن أبكي من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلي من أن أتصدق بوزني ذهبا .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا علي بن مسلم ، ثنا سيار ، ثنا جعفر ، ثنا عون العقيلي ، عن بعض أصحابه ، عن كعب قال : والذي نفسي بيده لأن أبكي من خشية الله حتى تسيل دموعي على وجنتي أحب إلي من أن أتصدق بجبل من ذهب .

              حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، ثنا حاجب بن الوليد ، ثنا بقية بن الوليد ، ثنا محمد بن زياد الألهاني ، عن كعب قال : دخل عليه وهو مريض فقيل له : كيف تجدك يا أبا إسحاق ؟ قال : جسد أخذ بذنبه ، فإن قبض على هذه الحال فإلى رحيم ، وإن يعافه ينشئه خلقا لا ذنب له .

              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا سيار ، ثنا جعفر ، عن عون ، عن عبد الله بن الحارث ، عن كعب قال : ما استقر لعبد ثناء في الأرض حتى يستقر في السماء .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم ، ثنا هناد بن السري ، ثنا يعلى ، عن الأعمش ، عن شمر بن عطية ، عن شهر بن حوشب ، عن كعب قال : لوددت أني كبش أهلي فأخذوني فذبحوني فأكلوا وأطعموا أضيافهم .

              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا علي بن مسلم ، ثنا سيار ، ثنا جعفر بن سليمان ، حدثني الجريري ، عن أبي الورد ، عن أبي محمد ، عن [ ص: 367 ] كعب أنه قال : أنيروا بيوتكم بذكر الله ، واجعلوا في بيوتكم حظا من صلاتكم ، فوالذي نفس كعب بيده إنهم لمسمون على أفواه ، وإنهم لمعروفون في أهل السماء : فلان بن فلان يعمر بيته بذكر الله .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا عبد الله بن عمر ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن أبي سلمة الصنعاني ، عن كعب قال : " قلة النطق حكمة ، فعليكم بالصمت ، فإنه رعة حسنة ، وقلة وزر ، وخفة من الذنوب ، فأحسنوا باب الحلم ، فإن بابه الصمت والصبر ، فإن الله تعالى يبغض الضحاك من غير عجب ، والمشاء إلى غير أرب ، ويحب الوالي الذي يكون كراع ولا يغفل عن رعيته ، واعلموا أن كلمة الحكمة ضالة المسلم ، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع ، ورفعه أن تذهب رواته .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا حسين ، ثنا ابن عياش ، عن سليمان بن أبي سلمة الصنعاني ، عن كعب مثله . حدثنا محمد بن معمر ، ثنا أبو شعيب الحراني ، ثنا يحيى بن عبد الله ، ثنا الأوزاعي ، ثنا الوليد بن هشام ، عن كعب الأحبار قال : الرعية تصلح بصلاح الوالي ، وتفسد بفساده .

              حدثنا محمد بن معمر ، ثنا أبو شعيب ، ثنا يحيى بن عبد الله ، ثنا الأوزاعي ، حدثني يحيى بن أبي عمر ، عن عبد الله بن الديلمي قال : قال كعب : يأتي على الناس زمان ترفع فيه الأمانة ، وتنزع فيه الرحمة ، وتكثر فيه المسألة ، فمن سأل عند ذلك الزمان لم يبارك له فيه .

              حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد ، ثنا جعفر بن محمد الفريابي ، ثنا عبد الأعلى بن حماد ، ثنا وهيب ، ثنا أبو مسعود الجريري ، عن أبي السليل ، عن غنيم بن قيس ، عن كعب قرأ هذه الآية : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) . ثم قال : تدرون ما ورودها ؟ تبرز جهنم للناس كأنها متن إهالة حتى تستوي عليها أقدام الخلائق ، برهم وفاجرهم ، فينادي مناد : أن خذي أصحابك ودعي أصحابي ، فتخسف بكل ولي لها فهي أعرف بهم من الرجل بولده ، ويخرج [ ص: 368 ] المؤمنون ندية ثيابهم .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا ابن رسته ، ثنا عباس النرسي ، ح ، وحدثنا عبد الله بن محمد بن سلام ، ثنا داود بن إبراهيم قال : ثنا وهيب نحوه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية