الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: ونفخ في الصور وهذه هي النفخة الثانية للنشأة وقيل إن بينهما أربعين سنة. روى المبارك بن فضالة عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بين النفختين أربعون: الأولى يميت الله سبحانه بها كل حي ، والآخرة يحيي الله بها كل ميت)

                                                                                                                                                                                                                                        والنفخة الثانية من الآخرة. وفي الأولى قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنها من الدنيا ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنها من الآخرة ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون والأجداث القبور ، واحدها جدث.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله تعالى ينسلون ثلاثة تأويلات:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: يخرجون ، قاله ابن عباس وقتادة ، قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يسرعون ، كقول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        عسلان الذئب أمسى قاربا     برد الليل عليه فنسل

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: يتخلصون من السلو ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا قال قتادة : هي النومة بين النفختين لا يفتر عنهم عذاب القبر إلا فيها. وفي تأويل هذا القول قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه قول المؤمنين ثم يجيبون أنفسهم فيقولون:

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 24 ] هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون حكاه ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه قول الكفار لإنكارهم البعث فيقال لهم: هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون .

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قائل ذلك لهم قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه قول المؤمنين لهم عند قيامهم من الأجداث معهم ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه قول الملائكة لهم ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        وفي هذا وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه إشارة إلى المرقد تماما لقوله تعالى من بعثنا من مرقدنا هذا وعليه يجب أن يكون الوقف.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه ابتداء هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون فيكون إشارة إلى الوعد ويكون الوقف قبله والابتداء منه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية