الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=25496_758_25495باب أخذ الشارب وإعفاء اللحية
134 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37312من لم يأخذ من شاربه فليس منا } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي والترمذي وقال حديث : صحيح ) .
135 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17671جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ) .
136 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18245خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشوارب } . متفق عليه زاد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه ) .
الكلام على ألفاظ هذه الأحاديث قد تقدم في باب سنن الفطرة . وقد اختلف الناس في nindex.php?page=treesubj&link=759حد ما يقص من الشارب ، وقد ذهب كثير من السلف إلى استئصاله وحلقه لظاهر قوله : ( أحفوا وانهكوا ) وهو قول الكوفيين ، وذهب كثير منهم إلى منع الحلق والاستئصال ، وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وكان يرى تأديب من حلقه . وروى عنه ابن القاسم أنه قال : إحفاء الشارب مثلة . قال النووي : المختار أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفيه من أصله ، قال : وأما رواية : ( أحفوا الشوارب ) فمعناه أحفوا ما طال عن الشفتين ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الموطإ يؤخذ من الشارب حتى يبدو أطراف الشفة ، قال ابن القيم : وأما nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد . فكان مذهبهم في شعر الرأس والشوارب أن الإحفاء أفضل من التقصير .
وذكر بعض المالكية عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن مذهبه كمذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في nindex.php?page=treesubj&link=759_756حلق الشارب ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : ولم أجد عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي شيئا [ ص: 149 ] منصوصا في هذا ، وأصحابه الذين رأيناهم nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني nindex.php?page=showalam&ids=14356والربيع كانا يحفيان شواربهما .
ويدل ذلك أنهما أخذاه عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أنه كان يحفي شاربه إحفاء شديدا وسمعته يسأل عن السنة في إحفاء الشارب فقال : يحفي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل : قيل nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله ترى للرجل يأخذ شاربه ويحفيه أم كيف يأخذه ؟ قال : إن أحفاه فلا بأس وإن أخذه قصا فلا بأس . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13439أبو محمد في المغني : هو مخير بين أن يحفيه وبين أن يقصه . وقد روى النووي في شرح مسلم عن بعض العلماء أنه ذهب إلى التخيير بين الأمرين الإحفاء وعدمه .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي الإحفاء عن جماعة من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=45وأبي أسيد nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج nindex.php?page=showalam&ids=31وسهل بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة . قال ابن القيم : واحتج من لم ير إحفاء الشارب بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة المرفوعين : ( عشر من الفطرة ) فذكر منها قص الشارب . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : ( إن الفطرة خمس ) وذكر منها قص الشارب ، واحتج المحفون بأحاديث الأمر بالإحفاء وهي صحيحة . وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس { nindex.php?page=hadith&LINKID=6133أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحفي شاربه } انتهى .
والإحفاء ليس كما ذكره النووي من أن معناه أحفوا ما طال عن الشفتين بل الإحفاء : الاستئصال كما في الصحاح والقاموس والكشاف وسائر كتب اللغة . ورواية القص لا تنافيه لأن القص قد يكون على جهة الإحفاء وقد لا يكون ، ورواية الإحفاء معينة للمراد ، وكذلك حديث الباب الذي فيه { nindex.php?page=hadith&LINKID=37312من لم يأخذ من شاربه فليس منا } لا يعارض رواية الإحفاء لأن فيها زيادة يتعين المصير إليها ، ولو فرض التعارض من كل وجه لكانت رواية الإحفاء أرجح لأنها في الصحيحين .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من شارب المغيرة على سواكه } قال : وهذا لا يكون معه إحفاء ويجاب عنه بأنه محتمل ، ودعوى أنه لا يكون معه إحفاء ممنوعة ، وهو وإن صح كما ذكر لا يعارض تلك الأقوال منه صلى الله عليه وسلم .
قوله : ( وأرخوا اللحى ) قال النووي : هو بقطع الهمزة والخاء المعجمة ومعناه اتركوا ولا تتعرضوا لها بتغيير ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : وقع في رواية الأكثرين بالخاء المعجمة ووقع عند nindex.php?page=showalam&ids=13486ابن ماهان أرجوا بالجيم ، قيل : وهو بمعنى الأول وأصله أرجئوا بالهمزة فحذفت تخفيفا ومعناه أخروها واتركوها . قوله : ( وفروا اللحى ) وهي إحدى الروايات وقد حصل من مجموع الأحاديث خمس روايات أعفوا وأوفوا وأرخوا وأرجوا ووفروا ، ومعناها كلها تركها على حالها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت وغيره : يقال في جمع اللحية لحى ولحى بكسر اللام وضمها لغتان والكسر أفصح . قوله : ( خالفوا المجوس ) قد سبق أنه كان من عادة الفرس قص اللحية فنهى الشرع عن ذلك . قوله : ( فما فضل ) بفتح الفاء والضاد المعجمة ويجوز كسر الضاد كعلم ، والأشهر الفتح . وقد استدل بذلك بعض أهل العلم والروايات المرفوعة ترده ، ولكنه قد أخرج [ ص: 150 ] الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43264أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها } وقال : غريب ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - يقول nindex.php?page=showalam&ids=16684 : عمر بن هارون - يعني المذكور في إسناده - مقارب الحديث ولا أعرف له حديثا ليس له أصل أو قال : ينفرد به إلا هذا الحديث لا نعرفه إلا من حديثه انتهى . وقال في التقريب : إنه متروك وكان حافظا من كبار التابعة فعلى هذا أنها لا تقوم بالحديث حجة .
( فائدة ) قال النووي : وقد ذكر العلماء nindex.php?page=treesubj&link=25496_758_25495في اللحية عشر خصال مكروهة بعضها أشد من بعض . الخضاب بالسواد لا لغرض الجهاد . والخضاب بالصفرة تشبها بالصالحين لا لاتباع السنة . وتبييضها بالكبريت أو غيره استعجالا للشيخوخة لأجل الرياسة والتعظيم وإيهام لقى المشايخ . ونتفها أول طلوعها إيثارا للمروءة وحسن الصورة . ونتف الشيب . وتصفيفها طاقة فوق طاقة تصنعا لتستحسنه النساء وغيرهن . والزيادة فيها والنقص منها بالزيادة في شعر العذارين من الصدغين أو أخذ بعض العذار في حلق الرأس ونتف جانبي العنفقة وغير ذلك . وتسريحها تصنعا لأجل الناس . وتركها شعثة منتفشة إظهارا للزهادة وقلة المبالاة بنفسه .
هذه عشر والحادية عشر : عقدها وضفرها . والثانية عشر : حلقها إلا إذا نبت للمرأة لحية فيستحب لها حلقها .