الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وفي شارب حلال أو قلم أظفاره طعام ) أي يجب طعام على محرم أخذ شارب حلال أو قلم أظفاره ; لأن إزالته عن غيره ارتفاق لكنه قاصر فوجبت الصدقة أو ; لأنه أزال إلا من عن الشعر المستحق له ثم المصنف تبع صاحب الهداية في جمعه بين الشارب وتقليم الأظفار في وجوب الطعام ، ولم يذكر الصدقة ، وقد تعقبه في غاية البيان بأنه إن أراد بالطعام ما يعم القليل والكثير فهو غير صحيح بالنسبة إلى تقليم الأظفار ; لأن المنصوص عليه في الرواية أن المحرم إذا قص أظافير حلال فإنه يجب عليه صدقة ، وهي نصف صاع ، وإن أراد به الصدقة التي هي نصف صاع التي هي المرادة عند إطلاقهم الصدقة في هذا الباب فلا يصح أيضا ; لأن المحرم إذا حلق شاربه وجبت عليه الصدقة فإذا حلق شارب غيره أطعم ما شاء كسرة خبزا ، وكفا من طعام لقصور الجناية ، وقد وقع التعبير بإطعام شيء جوابا للمسألتين في الجامع الصغير لكنه أتى بمن التبعيضية في تقليم الأظفار فقال في المحرم يأخذ من شارب الحلال أو يقص من أظفاره : يطعم ما شاء فسلم من الاعتراض فيكون المراد بما شاء العموم . ا هـ .

                                                                                        وأشار في فتح القدير إلى جوابه بأن المنقول في الأصل وكافي الحاكم أن المحرم إذا حلق رأس حلال تصدق بشيء ، وإذا حلق رأس محرم فعليه صدقة ، وأن الجواب في قص الأظفار كالجواب في الحلق . ا هـ .

                                                                                        فقوله في غاية البيان أن المحرم إذا قص أظافير حلال وجبت عليه الصدقة المعينة نصا معارض بالمنصوص عليه في ظاهر الرواية من التصدق [ ص: 13 ] بشيء ، وهو يعم القليل والكثير بدليل مقابلته بما إذا حلق رأس محرم فحينئذ المراد بالطعام في عبارة الهداية ما يعم القليل والكثير ، وهو صحيح بالنسبة إلى الشارب والأظفار كلها وبهذا علم أن التقييد بالحلال ليخرج ما إذا قص المحرم أظافير محرم آخر فإنه يجب عليه الصدقة المعينة ، وظاهر ما في غاية البيان يقتضي أنه إذا حلق شارب غيره محرما كان أو حلالا فإنه يطعم ما شاء فليس الحلال قيدا بالنسبة إلى الشارب كما لا يخفى ، وعلم أيضا أن قوله فيما مضى كالحالق فيه اشتباه بالنسبة إلى المحلوق رأسه فإنه إن كان محرما فالتشبيه تام ، وإن كان حلالا فلا يتم ; لأن الواجب إطعام شيء لا الصدقة المعينة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية