الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
15286 [ ص: 467 ] 6642 - (15713) - (3 \ 448) عن عفان ، حدثنا شعبة ، قال : أخبرني خبيب بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال : سمعت عبد الرحمن بن مسعود بن نيار ، قال : جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا ، فحدث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خرصتم ، فجدوا ودعوا ; دعوا الثلث ، فإن لم تجدوا وتدعوا ، فدعوا الربع " .

التالي السابق


* قوله : "إذا خرصتم فجدوا " : هكذا لفظ الحديث في نسخ "المسند " - بجيم ودال مشددة - ، من الجد بمعنى القطع ; أي : اقطعوا الثمار ، وبتكرار "دعوا " ، والذي في الترمذي وغيره : "إذا خرصتم ، فخذوا ، ودعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث ، فدعوا الربع " ، بلفظ الأمر من الأخذ ، وبلا تكرار ، وهو أظهر .

* وقوله : "وتدعوا " : أي : الثلث ، ولفظة دعوا من ودع بمعنى : ترك ، والخرص : تقدير ما على النخل من الرطب تمرا ، وما على الكرم من العنب زبيبا ; ليعرف مقدار عشره ، ثم يخلى بينه وبين مالكه ، ويؤخذ ذلك المقدار وقت قطع الثمار ، وفائدته التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها ، وهو جائز عند الجمهور ، خلافا للحنفية ; لإفضائه إلى الربا ، وحملوا أحاديث الخرص على أنها كانت قبل تحريم الربا ، وقد سبق في مسند جابر حديث في النهي عنه .

* "ودعوا الثلث " : أي : من القدر الذي قررتم بالخرص ، وبظاهره قال أحمد وإسحاق ، وغيرهما ، وحمل أبو عبيدة الثلث على قدر الحاجة ، وقال : يترك قدر احتياجهم ، ومشهور مذهب الشافعي ومالك ألا يترك لهم .

وقال ابن العربي : المتحصل من صحيح النظر أن يعمل بالحديث .

وقال الخطابي : إذا أخذ الحق منهم مستوفى ، أضر بهم ; فإنه يكون منها الساقطة والهالكة ، وما يأكله الطير والناس .

[ ص: 468 ] وقيل : معنى الحديث : إن لم يرضوا بخرصكم ، فدعوا لهم الثلث أو الربع ; ليتصرفوا فيه ، ويضمنوا لكم حقه ، وتتركوا الباقي إلى أن يجف ، فيؤخذ حقه ، لا أنه يترك لهم بلا خرص ولا إخراج .

وقيل : اتركوا لهم في ذلك ; ليتصدقوا على جيرانهم ، ومن يطلب منهم ، لا أنه لا زكاة عليهم في ذلك ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية