الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض استئناف بياني ناشئ عن الاقتصار في تهديدهم على وصف بعض عقابهم في الآخرة فإن ذلك يثير في نفس السامع أن يسأل : هل هم سالمون من عذاب الدنيا . فأجيب بأنهم لم يكونوا معجزين في الدنيا ، أي لا يخرجون عن مقدرة الله على تعذيبهم في الدنيا إذا اقتضت حكمته تعجيل عذابهم .

[ ص: 35 ] وإعادة الإشارة إليهم بقوله : أولئك بعد أن أشير إليهم بقوله : أولئك يعرضون على ربهم لتقرير فائدة اسم الإشارة السابق . والمعنى : أنهم يصيرون إلى حكم ربهم في الآخرة ولم يكونوا معجزيه أن يعذبهم في الدنيا متى شاء تعذيبهم ولكنه أراد إمهالهم .

والمعجز هنا الذي أفلت ممن يروم إضراره . وتقدم بيانه عند قوله - تعالى : إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين في سورة الأنعام .

والأرض : الدنيا . وفائدة ذكره أنهم لا ملجأ لهم من الله لو أراد الانتقام منهم فلا يجدون موضعا من الأرض يستعصمون به . فهذا نفي للملاجئ والمعاقل التي يستعصم فيها الهارب . وعندي أن مقارنة " في الأرض " بـ معجزين جرى مجرى المثل في القرآن كما في قوله - تعالى : ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ولعله مما جرى كذلك في كلام العرب كما يؤذن به قول إياس ابن قبيصة الطائي من شعراء الجاهلية :


ألم تر أن الأرض رحب فسيحة فهل تعجزني بقعة من بقاعها



التالي السابق


الخدمات العلمية