بعد هذا التنبيه الرقيق العاتب أدرك
نوح خطأ موقفه فقال مناجيا ربه
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم
أي: إني ألجأ إليك سبحانك أن تعينني ألا أسألك ما ليس لي به علم وأستعينك يا رب العالمين أن يقع منى في المستقبل سؤال لك فيما ليس لي به علم، وما هو من تقديرك وتدبيرك في أن الحق أولى من الآباء والأبناء، وكان هذا عن المستقبل، أما عن الماضي فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين أي: إن كنت سبحانك لا تغفر لي هذا الخطأ برحمة منك أكن من الذين خسروا، وليس معنى ذلك أن
نوحا وقع في ذنب يحتاج إلى الغفران، إنما هو لإحساسه بجلال الله وقدره وعظم سمو أوامره ونواهيه، فقد ظن أنه ارتكب ذنبا، وما هو بذلك، أو أنه ارتكب في جنب الله ما حسبه خطيئة، وما هو من ذلك في شيء، وهذا ما يسميه علماء
الصوفية " حسنات الأبرار سيئات المقربين "،
بَعْدَ هَذَا التَّنْبِيهِ الرَّقِيقِ الْعَاتِبِ أَدْرَكَ
نُوحٌ خَطَأَ مَوْقِفِهِ فَقَالَ مُنَاجِيًا رَبَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ
أَيْ: إِنِّي أَلْجَأُ إِلَيْكَ سُبْحَانَكَ أَنْ تُعِينَنِي أَلَّا أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَسْتَعِينُكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَقَعَ مِنَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ سُؤَالٌ لَكَ فِيمَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ، وَمَا هُوَ مِنْ تَقْدِيرِكَ وَتَدْبِيرِكَ فِي أَنَّ الْحَقَّ أَوْلَى مِنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ، وَكَانَ هَذَا عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ، أَمَّا عَنِ الْمَاضِي فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ أَيْ: إِنْ كُنْتَ سُبْحَانَكَ لَا تَغْفِرُ لِي هَذَا الْخَطَأَ بِرَحْمَةٍ مِنْكَ أَكُنْ مِنَ الَّذِينَ خَسِرُوا، وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ
نُوحًا وَقَعَ فِي ذَنْبٍ يَحْتَاجُ إِلَى الْغُفْرَانِ، إِنَّمَا هُوَ لِإِحْسَاسِهِ بِجَلَالِ اللَّهِ وَقَدْرِهِ وَعِظَمِ سُمُوِّ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، فَقَدْ ظَنَّ أَنَّهُ اِرْتَكَبَ ذَنْبًا، وَمَا هُوَ بِذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ اِرْتَكَبَ فِي جَنْبِ اللَّهِ مَا حَسِبَهُ خَطِيئَةً، وَمَا هُوَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ، وَهَذَا مَا يُسَمِّيهِ عُلَمَاءُ
الصُّوفِيَّةِ " حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ "،