الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب من أحرم مطلقا أو قال : أحرمت بما أحرم به فلان

                                                                                                                                            1856 - ( عن أنس قال : { قدم علي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : بم أهللت يا علي ؟ فقال : أهللت بإهلال كإهلال النبي ، قال : لولا أن معي الهدي لأحللت } متفق عليه . ورواه النسائي من حديث جابر وقال : فقال لعلي : " بم أهللت ؟ " قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) .

                                                                                                                                            1857 - ( وعن أبي موسى قال : { قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو منيخ بالبطحاء فقال : بم أهللت ؟ قال : قلت : أهللت بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : سقت من هدي ؟ قلت : لا ، قال : فطف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل ، قال : فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ، ثم أتيت امرأة من قومي فمشطتني وغسلت رأسي } . متفق عليه .

                                                                                                                                            وفي لفظ قال : " كيف قلت حين أحرمت ؟ " قال : قلت : لبيك بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكره أخرجاه )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            . قوله : ( في حديث علي : { لولا أن معي الهدي لأحللت } ) قال البخاري : زاد محمد بن بكر عن ابن جريج قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " بم أهللت يا علي ؟ قال : بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : فاهد وامكث حراما كما أنت " . قوله : ( ثم أتيت امرأة من قومي ) في رواية للبخاري : " امرأة من قيس " والمتبادر من هذا الإطلاق أنها من قيس عيلان وليس بينهم وبين الأشعري نسبة .

                                                                                                                                            وفي رواية : " من نساء بني قيس " . قال الحافظ : فظهر لي من ذلك أن المراد بقيس أبوه قيس بن سليم والد أبي موسى الأشعري وأن المرأة زوج بعض إخوته فقد كان لأبي موسى من الإخوة أبو رهم وأبو بردة قيل : ومحمد . والحديثان يدلان [ ص: 378 ] على جواز الإحرام كإحرام شخص يعرفه من أراد ذلك ، وأما مطلق الإحرام على الإبهام فهو جائز ثم يصرفه المحرم إلى ما شاء لكونه - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عن ذلك وإلى ذلك ذهب الجمهور . وعن المالكية لا يصح الإحرام على الإبهام وهو قول الكوفيين .

                                                                                                                                            قال ابن المنير : وكأنه مذهب البخاري لأنه أشار في صحيحه عند الترجمة لهذين الحديثين إلى أن ذلك خاص بذلك الزمن ، وأما الآن فقد استقرت الأحكام وعرفت مراتب الإحرام فلا يصح ذلك . وهذا الخلاف يرجع إلى قاعدة أصولية وهي هل يكون خطابه - صلى الله عليه وسلم - لواحد أو لجماعة مخصوصة في حكم الخطاب العام للأمة أو لا ؟ ، فمن ذهب إلى الأول جعل حديث علي وأبي موسى شرعا عاما ولم يقبل دعوى الخصوصية إلا بدليل ، ومن ذهب إلى الثاني قال : إن هذا الحكم مختص بهما ، والظاهر الأول




                                                                                                                                            الخدمات العلمية