الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        واختلف في الإمام يشك في تكبيرة الإحرام، فقال سحنون: يمضي في صلاته، فإذا سلم سألهم، فإن قالوا: أحرمت، رجع إلى قولهم، وإن شكوا أعاد جميعهم.

                                                                                                                                                                                        وإن شك هل أحدث أو لا؟ استخلف ; لأنه إن لم يكن على وضوء- يصح ما مضى من صلاته لمن خلفه، ولو تمادى لأبطل عليهم، والذي شك في الإحرام إن لم يكن أحرم لم تجزئهم صلاتهم ، فحكمهم وحكمه سواء بطلت [ ص: 264 ] صلاته أو صحت، وهو يتمادى يتعرض أن تجزئهم إن كان قد أحرم، ويعيد إن كان لم يحرم. ثم وقف في الوضوء فقال: أليس قد يكون على وضوء؟ فلا يجوز له قطع الصلاة، ولا يجوز لهم أن يصلوا بإمامة غيره.

                                                                                                                                                                                        وهذا أحسن; يتمادى بهم، وتجزئه وتجزئهم إن تذكر أنه أحرم أو أنه على وضوء.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون في المجموعة فيمن سلم على شك هل هو في الثالثة أو في الرابعة ثم تبين له أنها رابعة: إن صلاته فاسدة. وقال ابن حبيب : هي جائزة . وقول سحنون أحسن.

                                                                                                                                                                                        إلا أن يكون ممن يجهل ويظن أن له إذا شك أن يسلم، فتجزئه; لأنه لم يكن قصد العبث في صلاته، والشك في تكبيرة الإحرام أو في الرابعة سواء; لأن من شك في تكبيرة الإحرام مأمور بالتمادي; لإمكان أن يكون قد أحرم، وهذا مأمور أيضا بالتمادي على الرابعة، وألا يسلم على شك، فتمادي الأول على الشك إصلاح، وسلام الآخر على الشك إفساد. [ ص: 265 ]

                                                                                                                                                                                        ولو أحرم للظهر ثم شك بعد ذلك هل أحرم للظهر أو للعصر فأتم صلاته، ثم تذكر أنه كان أحرم للظهر- أجزأته صلاته; لأنه لم يحدث نية لصلاة أخرى، وليس عليه أن يستصحب النية في جميع صلاته، وقد تمادى على نية القربة لله سبحانه.

                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا إذا ظن أنه في العصر وأتمها على ذلك، ثم تبين أنه في الظهر، فقال أشهب : تجزئه صلاته.

                                                                                                                                                                                        وقال يحيى بن عمر: لا تجزئه .

                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا فيمن سلم من ركعتين ثم أتى بركعتين بنية النفل، ثم تذكر، فقال ابن القاسم: لا تجزئه. وقال عبد الملك: تجزئه . وهو في مسألة أشهب أبين; لأن كليهما فرض. [ ص: 266 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية