الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل [ ص: 372 ] عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين

                                                                                                                                                                                                                                        فتولى يعني فرعون ، وفي توليه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أدبر.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أقبل ، وهو من الأضداد. بركنه فيه أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: بجموعه وأجناده ، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بقوته ، قاله ابن عباس ، ومنه قول عنترة


                                                                                                                                                                                                                                        فما أوهى مراس الحرب ركني ولكن ما تقادم من زماني.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: بجانبه ، قاله الأخفش.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: بميله عن الحق وعناده بالكفر ، قاله مقاتل.

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل خامسا بماله لأنه يركن إليه ويتقوى به. وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم فيه أربعة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أن العقيم هي الريح التي لا تلقح ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: هي التي لا تنبت ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: هي التي ليس فيها رحمة ، قاله مجاهد . [ ص: 373 ] الرابع: هي التي ليس فيها منفعة ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        وفي الريح التي هي عقيم ثلاثة أقاويل:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: الجنوب ، روى ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الريح العقيم الجنوب ).

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني الدبور ، قاله مقاتل. قال عليه السلام: (نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور)

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: هي ريح الصبا ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد . إلا جعلته كالرميم فيه أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أن الرميم التراب ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه الذي ديس من يابس النبات ، وهذا معنى قول قتادة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث أن الرميم: الرماد ، قاله قطرب.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنه الشيء البالي الهالك ، قاله مجاهد ، ومنه قول الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        تركتني حين كف الدهر من بصري     وإذ بقيت كعظم الرمة البالي

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية