الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 501 ] باب nindex.php?page=treesubj&link=8371الاستعانة بالمشركين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ارجع فلن أستعين بمشرك - أقوال أهل العلم - حديث nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي - تحليل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي للمسألة .
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن حيدر الإمام ، أخبرنا محمد بن الفضل بن أحمد ، أخبرنا أبو الحسين بن محمد التاجر ، أخبرنا محمد بن عيسى ، أخبرنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا مسلم ، حدثني أبو الطاهر ، حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، عن الفضيل - لعله ابن أبي عبد الله - عن عبد الله بن نيار الأسلمي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=945865خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان منه جرأة ونجدة ، ففرح أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأوه ، فلما أدركه ، قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : جئت لأتبعك وأصيب معك . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا . قال : فارجع فلن أستعين بمشرك . قالت : ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل ، فقال له كما قال أول مرة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال أول مرة : لا ، فارجع فلن أستعين بمشرك . قالت : ثم رجع ، فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : نعم . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فانطلق .
[ ص: 502 ] هذا حديث صحيح ، وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب :
فذهبت جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين مطلقا ، وتمسكوا بظاهر الحديث وقالوا : هذا حديث ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يعارضه لا يوازيه في الصحة والثبوت ؛ فتعذر ادعاء النسخ لهذا .
وذهبت طائفة إلى أن nindex.php?page=treesubj&link=8373_8374_8375للإمام أن يأذن للمشركين أن يغزوا معه ويستعين بهم ؛ ولكن بشرطين :
أحدهما : أن يكون في المسلمين قلة وتدعو الحاجة إلى ذلك .
والثاني : أن يكونوا ممن يوثق بهم ولا يخشى تأثرهم ، فمتى فقد هذان الشرطان لم يجز للإمام أن يستعين بهم .
قالوا : ومع وجود الشرطين يجوز الاستعانة بهم ، وتمسكوا في ذلك بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعان بيهود بني قينقاع ورضخ لهم ، واستعان nindex.php?page=showalam&ids=90بصفوان بن أمية في قتال هوازن يوم حنين ، قالوا : وتعين المصير إلى هذا ؛ لأن حديث عائشة كان يوم بدر ، وهو متقدم فيكون منسوخا .
أخبرني أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد ، أخبرنا محمود بن إسماعيل ، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين ، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=14687سليمان بن أحمد ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17182موسى بن هارون ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ابن راهويه ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14553الفضل بن موسى ، عن محمد بن عمرو ، عن سعد بن المنذر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي nindex.php?page=hadith&LINKID=945867أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع إذا هو بكتيبة خشناء ، فقال : من هؤلاء ؟ قالوا عبد الله بن أبي في ستمائة من مواليه من اليهود من بني قينقاع قال : وقد أسلموا ؟ قالوا : لا يا [ ص: 503 ] رسول الله . قال : مروهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين .
قرأت على روح بن بدر ، أخبرك أحمد بن محمد بن أحمد في كتابه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14666أبي سعيد الصيرفي ، أخبرنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال : الذي روى مالك كما روى رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشركا أو مشركين في غزاة بدر ، وأبى أن يستعين إلا بمسلم ، ثم استعان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد بدر بسنتين في غزوة خيبر بعبد ويهود من بني قينقاع كانوا أشداء .
واستعان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة حنين سنة ثمان nindex.php?page=showalam&ids=90بصفوان بن أمية وهو مشرك ، فالرد الأول إن كان بأن له الخيار بأن يستعين بمشرك وأن يرده ، كما له رد مسلم من معنى يخافه ، أو لشدة به ، فليس واحد من الحديثين مخالفا للآخر ، وإن كان رده لأنه لم ير أن يستعين بمشرك فقد نسخه ما بعده من استعانته بالمشركين ، ولا بأس بأن يستعان بالمشركين على قتال المشركين إذا خرجوا طوعا ، ويرضخ لهم ، ولا يسهم لهم ، ولا يثبت عن النبي أنه أسهم لهم .