الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يشترط للإمام ) [ ص: 331 ] في صحة الاقتداء به في غير الجمعة ( نية الإمامة ) أو الجماعة لاستقلاله بخلاف المأموم ، فإنه تابع أما في الجمعة فتلزمه إن لزمته نية الإمامة مع التحرم ، وإن زاد على الأربعين وإلا لم تنعقد له ، فإن لم تلزمه وأحرم بها وهو زائد عليهم اشترطت أيضا ، وإن أحرم بغيرها فلا ومر أنه في العادة تلزمه نية الإمامة فتكون حينئذ كالجمعة ( وتستحب ) له ( نية الإمامة ) خروجا من خلاف من أوجبها ولينال فضل الجماعة [ ص: 332 ] ووقتها عند التحرم وما قيل أنها لا تصح معه لأنه حينئذ غير إمام قال الأذرعي غريب ويبطله وجوبها على الإمام في الجمعة عند التحرم وإلا لم تنعقد له ، فإن لم ينو ولو لعدم علمه بالمقتدين جاوزا الفضل دونه ، وإن نواها في الأثناء حصل له الفضل من حينئذ ( فإن أخطأ ) الإمام ( في تعيين تابعه ) في غير الجمعة كأن نوى الإمامة بزيد فبان عمرا ( لم يضر ) ؛ لأن خطأه في النية لا يزيد على تركها وهو جائز له بخلاف نيته في الجمعة ونية المأموم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في صحة الاقتداء به ) كلامهم كالصريح في حصول أحكام الاقتداء كتحمل السهو ، والقراءة بغير نية الإمامة ( قوله : فتلزمه إن لزمته نية الإمامة ) فاعل يلزمه نية وفاعل لزمته مستتر يعود إلى الجمعة ( قوله : وإلا ) أي ، وإن لم ينو الإمامة ( قوله : ومر أنه في المعادة إلى قوله كالجمعة ) ولو نذر الجماعة في صلاة أم فيها لزمته نية الإمامة فهي أيضا كالجمعة ( فرع )

                                                                                                                              المتبادر من كلامهم أن من نوى الإمامة وهو يعلم أن لا أحد يريد الاقتداء به لم تنعقد صلاته لتلاعبه وأنه لا أثر لمجرد احتمال اقتداء جني أو ملك به نعم إن ظن ذلك لم يبعد جواز نية الإمامة أو طلبها ثم رأيت في شرح العباب قال أي الزركشي بل ينبغي نية الإمامة ، وإن لم يكن خلفه أحد إذا وثق بالجماعة . ا هـ . وقد يقال يؤخرها لحضور الموثوق بهم . ا هـ . ( قوله : [ ص: 332 ] حصل له الفضل من حينئذ ) ظاهره ، وإن أخرها للأثناء بلا عذر ثم حصوله بخلاف نظيره من الاقتداء في الأثناء ، فإنه مكروه مفوت للفضيلة ، والفرق استقلال الإمام ( قوله : لا يزيد على تركها ) أي للنية ( قوله : بخلاف نيته في الجمعة ) أي فيضر الخطأ في تعيين تابعة فيها وهنا أمران الأول إن ما أفاده هذا الكلام من أنه لو أصاب في تعيين تابعة في الجمعة لم يضر هل شرطه أن يكون من عينه قدر العدد المعتبر فيها حتى لو عين عين عشرة مثلا فقط ضر ؛ لأن شرط صحة جمعته أن تكون جماعة بالعدد المعتبر ، فإذا قصد الإمامة بدونه فات هذا الشرط فيه نظر ولا يبعد اشتراط ذلك ، والثاني أنه لو عين جمعا يزيد على العدد المعتبر وأخطأ في تعيين قدر ما زاد على العدد المعتبر فهل يضر ذلك أم لا فيه نظر ولا يبعد عدم الضرر ؛ لأنه يكفي التعرض لما يتوقف عليه صحة جمعته فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولا يشترط للإمام إلخ ) ( فرع )

                                                                                                                              نقل عن شيخنا الشوبري أن الإمام إذا لم يراع الخلاف لا يستحق المعلوم قال ؛ لأن الواقف لم يقصد تحصيل الجماعة لبعض المصلين دون بعض بل قصد حصولها لجميع المقتدين وهو إنما يحصل برعاية الخلاف المانع من صحة صلاة البعض أو الجماعة دون البعض انتهى وهو [ ص: 331 ] قريب حيث كان إمام المسجد واحدا بخلاف ما إذا شرط الواقف أئمة مختلفين فينبغي أنه لا يتوقف استحقاق المعلوم على مراعاة الخلاف بل وينبغي أن مثل ذلك ما لو شرط كون الإمام حنفيا مثلا فلا يتوقف استحقاقه المعلوم على مراعاة غير مذهبه أو جرت عادة الأئمة في ذلك المحل بتقليد بعض المذاهب وعلم الواقف بذلك فيحمل وقفه على ما جرت به العادة في زمنه فيراعيه دون غيره نعم لو تعذرت مراعاة الخلاف كأن اقتضى بعض المذاهب بطلان الصلاة بشيء وبعضها وجوبه أو بعضها استحباب شيء وبعضها كراهته فينبغي أن يراعي الإمام مذهب مقلده ويستحق مع ذلك المعلوم ع ش أقول ويظهر أن المراد من الخلاف في كلام الشوبري الخلاف الذي لا يمنع مذهب الإمام عن رعايته بوجه وعلى هذا المراد فلا يظهر تقييد ع ش قرب ما نقله عن الشوبري بقوله حيث كان إلى قوله نعم إلخ بل الظاهر إطلاق ما قاله الشوبري فليراجع ( قوله : في صحة الاقتداء ) إلى قوله : ونية المأموم في النهاية ، والمغني ( قوله : في صحة الاقتداء به إلخ ) كلامهم كالصريح في حصول أحكام الاقتداء كتحمل السهو ، والقراءة بغير نية الإمامة سم على حج وفيه وقفة ، والميل إلى خلافه ع ش وفي البجيرمي على الحفني ، وإذا لم ينو الإمام الإمامة استحق الجعل المشروط له ؛ لأنه لم يشترط عليه نية الإمامة ، وإنما الشرط ربط صلاة المأمومين بصلاته وتحصل لهم فضيلة الجماعة ويحتمل السهو وقراءة الفاتحة في حق المسبوق على المعتمد وصرح به سم خلافا ل ع ش على م ر . ا هـ . قول المتن ( نية الإمامة ) ( فرع )

                                                                                                                              لو حلف لا يؤم فأم من غير نية الإمامة لم يحنث كما ذكره القفال وقال غيره بالحنث ؛ لأن مدار الأيمان غالبا على العرف وأهله يعدونه مع عدم نية الإمامة إماما انتهىحج في الإيعاب شرح العباب و الأقرب الأول ؛ لأنه حلف على فعل نفسه وحيث لم ينو الإمامة فصلاته فرادى وبقي ما لو كانت صيغة حلفه لا أصلي إماما هل يحنث أم لا فيه نظر والأقرب الثاني ؛ لأن معنى لا أصلي إماما لا أوجد صلاة حالة كوني إماما وبعد اقتداء القوم به بعد إحرامه منفردا إنما حصل منه إتمام الصلاة لا إيجادها بل ينبغي أنه لا يحنث أيضا لو نوى الإمامة بعد اقتدائهم به لما مر أن الحاصل منه إتمام لا إيجاد ع ش ( قوله : نية الإمامة ) فاعل تلزمه وفاعل لزمته ضمير مستتر يعود إلى الجمعة سم ( قوله : مع التحريم ) ويأتي هنا ما تقدم في أصل النية من اعتبار المقارنة لجميع التكبير ع ش ( قوله : وإلا ) أي وإن لم ينو الإمامة سم ( قوله : في المعادة إلخ ) ومثلها في ذلك المنذورة جماعة إذا صلى فيها إماما نهاية وسم قال ع ش قوله م ر ومثلها في ذلك المنذورة إلخ أي فلو لم ينو الإمامة لم تنعقد وفيه نظر ؛ لأنه لو صلاها منفردا انعقدت وأثم بعدم فعل ما التزمه ويجب عليه إعادتها بعد في جماعة ويكتفي بركعة فيما يظهر خروجا من عهدة النذر على ما ذكره في الروض وشرحه قوله م ر المنذورة جماعة أي ، والمجموعة جمع تقديم بالمطر ، والمراد الثانية كما هو ظاهر ؛ لأن الأولى تصح فرادى . ا هـ . ع ش ووافقه شيخنا عبارته : وظاهر أن المعادة ، والمجموعة بالمطر جمع تقديم ، والمنذور جماعتها كالجمعة في وجوب نية الإمامة فيها لكن المنذور جماعتها لو ترك فيها هذه النية انعقدت مع الحرمة . ا هـ .

                                                                                                                              وقال الرشيدي قوله م ر المنذورة إلخ أي بأن نذر أن يصلي كذا من النفل المطلق جماعة كما هو ظاهر من جعلها كالجماعة التي النية المذكورة شرط لصحتها وفي حاشية الشيخ ع ش حملها على الفريضة ولا يخفى ما فيه إذ ليست النية شرطا في انعقادها فلا تكون كالجمعة بخلاف النفل المنذور جماعة ، فإن شرط انعقاده بمعنى وقوعه عن النذر ما ذكر فتأمل . ا هـ . ( قوله : وهو زائد عليهم ) قد يقال لا وجه للتقييد به هنا ؛ لأن الحكم كذلك مطلقا فالتقييد موهم [ ص: 332 ] نعم ينبغي تقييد قوله الآتي ، وإن أحرم بغيرها إلخ بصري ( قوله : ووقتها عند التحرم ) ( فرع )

                                                                                                                              رجل شرط عليه الإمامة بموضع هل يشترط نيته الإمامة يحتمل وفاقا لمر أنه لا تجب ؛ لأن الإمامة كونه متبوعا للغير في الصلاة مربوطا صلاة الغير به وذلك حاصل بالجماعة للمأمومين ، وإن لم ينو الإمامة بدليل انعقاد الجمعة خلف من لم ينو الإمامة إذا لم يكن من أهل الجمعة ونوى غيرها سم على المنهج ( فرع )

                                                                                                                              المتبادر من كلامهم أن من نوى الإمامة وهو يعلم أن لا أحد ثم يريد الاقتداء به لم تنعقد صلاته لتلاعبه وأنه لا أثر لمجرد احتمال اقتداء جني به نعم إن ظن ذلك لم يبعد جواز نية الإمامة أو طلبها ثم رأيت في شرح العباب قال أي الزركشي بل ينبغي نيه الإمامة ، وإن لم يكن خلفه أحد إذا وثق بالجماعة انتهى وقد يقال يؤخرها لحضور الموثوق بهم سم على حج وقوله اقتداء جني أي أو ملك ع ش عبارة شيخنا وتستحب النية المذكورة ، وإن لم يكن خلفه أحد حيث رجا من يقتدي به وإلا فلا تستحب لكن لا تضر كذا بخط الميداني ونقل عن ابن قاسم أنها تضر لتلاعبه إلا إن جوز اقتداء ملك أو جني به فلا تضر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويبطله ) أي ما قيل ( قوله حصل له الفضل إلخ ) ظاهره ، وإن أخرها للأثناء بلا عذر سم ( قوله : من حينئذ ) بخلاف نظيره من الاقتداء في الأثناء ، فإنه مكروه مفوت للفضيلة ، والفرق استقلال الإمام سم عبارة ع ش بخلاف ما لو أحرم والإمام في التشهد ، فإن جميع صلاته جماعة ويفرق بأن الجماعة وجدت هنا في أول صلاته فاستصحبت بخلافه هناك سم على المنهج . ا هـ . ( قوله : في غير الجمعة ) أي وما ألحق بها مغني ونهاية ( قوله : على تركها ) أي النية سم ( قوله : بخلاف نيته إلخ ) عبارة النهاية والمغني أما لو نوى ذلك في الجمعة أو ما ألحق بها ، فإنه يضر ؛ لأن ما يجب التعرض له جملة أو تفصيلا يضر الخطأ فيه كما مر . ا هـ . وقولهما ، فإنه يضر إلخ قال شيخنا ما لم يشر إليهم . ا هـ . ( قوله : في الجمعة ) أي فيضر الخطأ في تعيين تابعة فيها وهنا أمران الأول أن ما أفاده هذا الكلام من أنه لو أصاب في تعيين تابعه في الجمعة لم يضر هل شرطه أن يكون من عينه قدر العدد المعتبر فيها حتى لو عين عشرة فقط ضر فيه نظر ولا يبعد اشتراط ذلك ؛ لأن شرط صحة جمعته أن يكون جماعة بالعدد المعتبر فيها ، فإذا قصد الإمامة بدونه فات هذا الشرط ، والثاني أنه لو عين جمعا يزيد على العدد المعتبر وأخطأ في تعيين قدر ما زاد على العدد المعتبر فهل يضر ذلك أو لا فيه نظر ولا يبعد عدم الضرر ؛ لأنه يكفي التعرض لما يتوقف عليه صحة جمعته فيتأمل سم وقوله ولا يبعد عدم الضرر اعتمده شيخنا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية