الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب الإشارة إلى الكلام السابق في السورة كلها من أين ابتدأته أصبت مراد الإشارة ، والأحسن أن يكون للسورة كلها .

والبلاغ : اسم مصدر التبليغ ، أي : هذا المقدار من القرآن في هذه السورة تبليغ للناس كلهم .

واللام في " للناس " هي المعروفة بلام التبليغ ، وهي التي تدخل على اسم من يسمع قولا أو ما في معناه .

وعطف " ولينذروا " على بلاغ عطف على كلام مقدر يدل عليه لفظ بلاغ ، إذ ليس في الجملة التي قبله ما يصلح لأن يعطف هذا عليه ; فإن وجود لام الجر مع وجود واو العطف مانع من جعله عطفا على الخبر ; لأن المجرور إذا وقع خبرا عن المبتدأ اتصل به مباشرة دون عطف إذ هو بتقدير كائن أو مستقر ، وإنما تعطف الأخبار إذا كانت أوصافا ; والتقدير : هذا بلاغ للناس ليستيقظوا من غفلتهم ولينذروا به .

واللام في ولينذروا لام ( كي ) ، وقد تقدم قريب من نظم هذه الآية في قوله تعالى وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها في سورة الأنعام .

[ ص: 255 ] والمعنى : وليعلموا مما ذكر فيه من الأدلة ما الله إلا إله واحد ، أي : مقصور على الإلهية الموحدة ، وهذا قصر موصوف على صفة وهو إضافي ، أي : أنه تعالى لا يتجاوز تلك الصفة إلى صفة التعدد بالكثرة أو التثليث ، كقوله إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد .

والتذكر : النظر في أدلة صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووجوب اتباعه ; ولذلك خص بذوي الألباب تنزيلا لغيرهم منزلة من لا عقول لهم إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا .

وقد رتبت صفات الآيات المشار إليها باسم الإشارة على ترتيب عقلي بحسب حصول بعضها عقب بعض ، فابتدئ بالصفة العامة وهي حصول التبليغ ، ثم ما يعقب حصول التبليغ من الإنذار ، ثم ما ينشأ عنه من العلم بالوحدانية لما في خلال هذه السورة من الدلائل ، ثم بالتذكير في ما جاء به ذلك البلاغ وهو تفاصيل العلم والعمل ، وهذه المراتب هي جامع حكمة ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - موزعة على من بلغ إليهم ، ويختص المسلمون بمضمون قوله وليذكر أولوا الألباب .

التالي السابق


الخدمات العلمية