الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قال ابن إسحاق : وكانت الكعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة ذراعا ، وكانت تكسى القباطي ، ثم كسيت بعد البرود ، وأول من كساها الديباج الحجاج بن يوسف .

            قلت : وقد كانوا أخرجوا منها الحجر وهو ستة أذرع أو سبعة أذرع من ناحية الشام - وذلك لما قصرت بهم النفقة أي لم يتمكنوا أن يبنوه على قواعد إبراهيم ، وجعلوا للكعبة بابا واحدا من ناحية الشرق ، وجعلوه مرتفعا لئلا يدخل إليها كل أحد فيدخلوا من شاءوا ، ويمنعوا من شاءوا .

            وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألم تري أن قومك قصرت بهم النفقة ، ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة ، وجعلت لها بابا شرقيا وبابا غربيا ، وأدخلت فيها الحجر ولهذا لما تمكن ابن الزبير بناها على ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاءت في غاية البهاء والحسن والسناء كاملة على قواعد الخليل لها بابان ملتصقان بالأرض شرقيا ، وغربيا يدخل الناس من هذا ، ويخرجون من الآخر فلما قتل الحجاج ابن الزبير كتب إلى عبد الملك بن مروان وهو الخليفة يومئذ فيما صنعه ابن الزبير ، واعتقدوا أنه فعل ذلك من تلقاء نفسه فأمر بإعادتها إلى ما كانت عليه فعمدوا إلى الحائط الشامي فحصوه ، وأخرجوا منه الحجر ، ورصوا حجارته في أرض الكعبة فارتفع بابها ، وسدوا الغربي ، واستمر الشرقي على ما كان عليه فلما كان في زمن المهدي أو أبيه المنصور استشار مالكا في إعادتها على ما كان صنعه ابن الزبير فقال مالك رحمه الله : إني أكره أن يتخذها الملوك ملعبة فتركها على ما هي عليه فهي إلى الآن كذلك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية