الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 117 ] ( ويحل استعمال كل إناء طاهر ) من حيث كونه طاهرا وإن حرم من جهة أخرى كجلد آدمي غير حربي ومرتد وكمغصوببخلاف النجس فيحرم إلا في ماء كثير أو جاف والإناء جاف نعم يكره ، وظاهر أن المراد بالنجس هنا ما يعم المتنجس ولا ينافي الحرمة هنا ما يأتي من كراهة البول في الماء القليل ؛ لأنه لا تضمخ بنجاسة ثم أصلا والكلام هنا [ ص: 118 ] في استعمال متضمن للتضمخ بالنجاسة في بدن وكذا ثوب بناء على حرمة التضمخ بها فيه وهو ما صححه المصنف في بعض كتبه ويؤيد ذلك تصريحهم بحل استعمال النجس في نحو عجن طين ( إلا ) منقطع إن نظرنا إلى التأويل السابق ( ذهبا وفضة ) أي إناء ولو بابا ومرودا وخلا لا كله أو بعضه من أحدهما أو منهما ( فيحرم ) استعماله في أكل أو غيره وإن لم يؤلف كان كبه على رأسه واستعمل أسفله فيما يصلح له كما شمله إطلاقهم ، ولو على امرأة أكحلت به طفلا لغير حاجة الجلاء للنهي عن ذلك مع التوعد عليه بما قد يؤخذ منه أن ذلك كبيرة [ ص: 119 ] وتجويزهم الاستنجاء بالنقد محله في قطعة لم تهيأ ؛ لأنها حينئذ لا تعد إناء ولم تطبع ؛ لأنه لا احترام لها واتخاذ الرأس من النقد للإناء محله أيضا إن لم يسم إناء بأن كان صفيحة لا تصلح عرفا لشيء مما تصلح له الآنية ومع ذلك يحرم نحو وضع شيء عليه للأكل منه مثلا كما هو ظاهر ؛ لأنه استعمال له فهو إناء بالنسبة إليه وإن لم يسم إناء على الإطلاق نظير الخلال والمرود والعلة العين بشرط ظهور الخيلاء أي التفاخر والتعاظم ومن ثم قالوا لو صدئ إناء الذهب أي بحيث ستر الصداء جميع ظاهره وباطنه حل استعماله لفوات الخيلاء ، وبه يعلم أن تغشية الذهب الساترة لجميعه كالصداء بل أولى وإن لم يحصل منها شيء خلافا لجمع .

                                                                                                                              وظاهر أن المدار على الاستعمال العرفي أخذا من قولهم يحرم الاحتواء على مجمرة النقد وشم رائحتها من قرب بحيث يعد متطيبا بها لا من بعد ويحرم تبخير نحو البيت بها انتهى فلا تحرم الملاقاة بالفم أو غيره من المطر النازل من ميزاب الكعبة وإن مسه الفم على نزاع فيه ؛ لأنه لا يعد استعمالا له عرفا وليس من الآنية سلسلة الإناء وحلقته ولا غطاء الكوز [ ص: 120 ] أي وهو غير رأسه السابق صورة وصفيحة فيها بيوت للكيزان ومحله حيث لم يكن شيء من ذلك على هيئة إناء أو لا كحق الأشنان حرم ومن الحيل المبيحة لاستعماله صب ما فيه [ ص: 121 ] ولو في نحو يد لا يستعمله بها ، ثم يستعمله منها نعم هي لا تمنع حرمة الوضع في الإناء ولا حرمة اتخاذه فتفطن له ( تنبيه )

                                                                                                                              صرحوا في نحو كيس الدراهم الحرير بحله وعللوه بأنه منفصل عن البدن غير مستعمل فيما يتعلق به فيحتمل أن يقال بنظير هذا هنا ويؤيده تعليلهم حل نحو غطاء الكوز بأنه منفصل عن الإناء لا يستعمل ، ويحتمل الفرق بأن ما هنا أغلظ ولعله الأقرب ومحل تعليلهم المذكور حيث لم يكن على هيئة إناء كما علم مما تقرر .

                                                                                                                              ( تنبيه آخر )

                                                                                                                              محل النظر لكونه يسمى إناء بالنسبة للفضة أما الذهب فيحرم منه نحو السلسلة مطلقا نظير ما يأتي في الضبة لغلظه ( وكذا ) يحرم ( اتخاذه ) أي اقتناؤه خلافا لمن وهم فيه ( في الأصح ) ؛ لأنه يجز لاستعماله غالبا كآلة اللهو قال الزركشي كالشبابة ومزمارة الرعاة وككلب لم يحتج له أي لا وقرد وإحدى الفواسق الخمس وصور نقشت على غير ممتهن وسقف مموه بنقد يتحصل منه شيء انتهى وما ذكره في القرد غير صحيح لتصريحهم بصحة بيعه والانتفاع به ، وما أدى إلى معصية له حكمها ، وإنما جاز اتخاذ نحو ثياب الحرير بالنسبة للرجل على خلاف ما أفتى به ابن عبد السلام الذي استوجهه بعضهم ؛ لأن للنفس ميلا ذاتيا لذاك أكثر فكان اتخاذه مظنة استعماله بخلاف غيره .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 117 ] قوله إلا في ماء كثير ) بحث الزركشي تقييد ذلك بغير جلد الكلب والخنزير كما بحث تقييد قولهم بحل استعمال الإناء من العظم النجس في اليابس بغير المتخذ من عظم المغلظ ، ونازعه الشارح فيهما في شرح العباب وقال في العباب تبعا لابن الرفعة وغيره أو قليل لإطفاء نار أو بناء جدار أو نحوه ( قوله أو جاف ) قال الزركشي ولا اختصاص لهذا بالإناء بل سائر النجاسات يجوز استعمالها في اليابس شرح عب ( قوله ولا ينافي الحرمة هنا ما يأتي إلخ ) الذي في شرح العباب وإنما لم يحرم البول في الماء القليل كما يأتي ؛ لأنه ليس فيه استعمال نجس العين بخلاف ما هنا فإن الحرمة فيه ليست للتنجس به فقط بل مع استعمال نجس العين ، وكأن العلة مركبة وإلا لحرم استعماله مطلقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأنه لا تضمخ بنجاسة ثم أصلا ) يتجه أنه لو كان الماء القليل ثم في إناء ، وحرمنا تضمخ الثوب بالنجاسة حرم البول فيه حينئذ ؛ لأن فيه تضمخا للإناء بالنجاسة وهو في معنى الثوب في حرمة التضمخ ، والوجه خلاف ذلك حيث كان لحاجة وقال بعبارة أخرى فإن قلت لو كان الماء القليل في إناء فهل يحرم [ ص: 118 ] البول فيه ؛ لأن فيه تضمخا للإناء ، وهو كالثوب قلت الظاهر لا لأن البول في الماء القليل في الإناء لا يزيد على البول في الإناء الخالي عن الماء ، وأظنهم صرحوا بجوازه والتنجس لحاجة جائز وبالأولى جواز البول على الأرض وإن نقصت قيمتها به ؛ لأنه لحاجة فليتأمل وهذا هو الوجه فليتأمل ( قوله في استعمال متضمن للتضمخ ) هذا قد يقتضي أن شرط الحل في الصور المستثناة عدم التضمخ وهو محل نظر والوجه جواز ما فيه تضمخ من الحاجة ( قوله وكذا ثوب ) لا يبعد أن نحو الإناء كذلك وفيه نظر ، وأما الأرض فالوجه أنه لا حرمة نعم إن نقصها التضمخ بلا حاجة إليه لم يبعد التحريم ؛ لأنه إضاعة مال لغير حاجة [ ص: 119 ] قوله ومع ذلك يحرم نحو وضع شيء عليه إلخ ) قياس ذلك أن يحرم نحو توسد صفيحة أو سبيكة من النقد ؛ لأن توسدها استعمال لها وأن يحرم وضع تلك الرأس على الإناء ؛ لأنه استعمال له ، وحينئذ فلا فائدة في تجويزه للإناء إلا أن يمنع أن مجرد وضعه على الإناء استعمال له ( قوله ولا غطاء الكوز ) ينبغي أن شرطه أن لا يكون مجوفا وإلا كان إناء بل قطعة تجعل في فم الكوز أو صفيحة تجعل على فمه [ ص: 120 ] قوله وصفيحة فيها بيوت للكيزان ) قد يفهم منه جواز وضع الكيزان فيها وفي هذا استعمال لتلك الصفيحة ؛ لأن الوضع فيها استعمال لها أخذا من قوله الآتي نعم هي لا تمنع حرمة الوضع في الإناء وهذا يخالف قوله السابق ، ومع ذلك يحرم وضع شيء عليه فليتأمل والوجه حرمة استعمال الصفيحة في وضع الكيزان عليها وإن لم يكن فيها بيوت م ر وقوله فيها بيوت في جوازها حينئذ نظر ؛ لأن ما فيه بيوت إناء أو ما في معناه والوجه حرمة ما فيها بيوت ، وأما صفيحة ليس فيها بيوت فإن قصد بوضع الكوز عليها استعمالها أو عد وضعه عليها استعمالا لها حرم وإلا فلا خلافا لما نقل عن الكافي م ر قال الشارح في شرح العباب وليس من الآنية نحو الكرسي فيجوز للمرأة ؛ لأنه من التحلية ا هـ قال البدر بن شهبة قد يمنع كون الكرسي ليس بآنية بل هو آنية لوضع القماش عليه إلى أن قال والذي يتجه أن الكرسي آنية كالصندوق فيحرم على الفريقين بخلاف الشراريب الفضة فإنها لا تسمى آنية فتحل للنساء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومن الحيل المبيحة لاستعماله إلخ ) قال في شرح العباب ، ثم الظاهر أن هذه الحيلة إنما تمنع حرمة الاستعمال بالنسبة للتطيب منه لا بالنسبة لاتخاذه وجعل الطيب فيه ؛ لأنه مستعمل له بذلك وإن لم يستعمله بالأخذ منه ، وقد يتوهم من عبارته اختصاص الحيلة بحالة التطيب ، وليس كذلك وعبارة الجواهر من ابتلي بشيء من استعمال آنية النقد صب ما فيها في إناء غيرها بقصد التفريغ ، واستعمله فإن لم يجد فليجعل الطعام على رغيف ويصب الدهن وماء الورد في يده اليسرى ثم يأخذه منها باليمين ويستعمله ويصب الماء للوضوء في يده ثم يصب من يده إلى محل الوضوء ، وكذا للشرب أي بأن يصب في يده ثم يشرب منها قال غيره وكذا لو مد بيسراه ثم كتب بيمينه ا هـ ثم قال ونظر ابن الأستاذ في التفريغ في يساره بأنه يعد في العرف مستعملا ، ويرد بمنع ما ذكره قال وقضية ذلك أن غيره لو صب عليه من إناء الذهب في الوضوء أو غيره لم يكن مستعملا ؛ لأنه ما باشر فإن كان أذن له عصى من جهة الأمر فقط ثم قال وأفاد قول [ ص: 121 ] المصنف مثلا أن الصب في اليسرى ليس بشرط ، وهو كذلك ا هـ عبارته في شرح الإرشاد قال في المجموع والحيلة في استعمال ما في إناء النقد أن يخرج الطعام إلى شيء بين يديه ثم يأكله أو يصب الماء في يده ثم يشربه أو يتطهر به أو ماء الورد في يساره ثم ينقله ليمينه ثم يستعمله ا هـ وكان الفرق بين ماء الورد والماء فيما ذكره أن الماء يباشر استعماله من إنائه من غير توسط اليد عادة فلم يعد صبه فيها ثم تناوله منها استعمالا لإنائه بخلاف الطيب فإنه لم يعتد فيه ذلك إلا بتوسط اليد فاحتيج لنقله منها إلى اليد الأخرى قبل استعماله وإلا كان مستعملا لإنائه فيما اعتيد فيه ا هـ وقوله أو ماء الورد في يساره أي بقصد التفريغ كما شرطه في شرح العباب أخذا من الجواهر ( قوله ولو في نحو يد ) يشمل اليمنى وسيأتي في هامشه منع ذلك ( قوله ويؤيده تعليلهم إلخ ) قد يقال لو صح هذا التأييد لزم جواز كون غطاء الكوز على هيئة الإناء مع أنه قدم امتناعه ( قوله وكذا اتخاذه ) عبارة الإرشاد ويحرم استعمال وتزيين واتخاذ لإناء ومكحلة وخلال من ذهب أو فضة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإحدى الفواسق ) [ ص: 122 ] تصريح بحرمة اقتنائها .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويحل استعمال كل إناء إلخ ) أي في الطهارة وغيرها إجماعا ، وقد { توضأ صلى الله عليه وسلم من شن من جلد ومن قدح من خشب ومن مخضب من حجر } نهاية زاد المغني ومن إناء من صفر ، وكره بعضهم الأكل والشرب من الصفر .

                                                                                                                              قال القزويني اعتياد ذلك يتولد منه أمراض لا دواء لها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله من حيث ) إلى قوله وظاهر في المغني إلا قوله غير حربي ومرتد وإلى قوله في بدن في النهاية إلا ذلك القول ( قوله كجلد آدمي ) أي أو شعره أو عظمه فإنه يحرم أيضا كما في المجموع عن اتفاق الأصحاب كردي وبجيرمي ( قوله غير حربي ومرتد ) سكت النهاية والمغني عن استثنائهما ، وقال الزيادي الحلبي ولا فرق في الآدمي بين الحربي والمرتد وغيرهما فهما محترمان من حيث كونهما آدميين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وكمغصوب ) أي ومسروق كردي ( قوله فيحرم إلخ ) أي إلا لغرض وحاجة كما لو وضع الدهن في إناء عظم الفيل على قصد الاستصباح فيجوز ذلك كما نقله في شرح المهذب ، واعتمده شيخنا الطبلاوي وقال ولا يشترط في الجواز فقد إناء طاهر سم ا هـ بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله إلا في ماء كثير إلخ ) بحث الزركشي تقييد ذلك بغير المتخذ من جلد الكلب والخنزير وعظمه ، ونازعه الشارح في شرح العباب ، وقال في العباب تبعا لابن الرفعة وغيره أو قليل لإطفاء نار أو بناء جدار ونحوه سم زاد الكردي عقبه كسقي زرع أو دابة وكجعل الدهن في عظم الفيل للاستعمال في غير البدن انتهى ، وقيد الشارح في شرحه بناء الجدار بقوله لغير مسجد ا هـ ، واعتمد النهاية ما بحثه الأذرعي عبارته ومحل ذلك كما في التوسط في غير ما اتخذ من عظم كلب أو خنزير وما تفرع منهما أو من أحدهما وحيوان آخر أما هو فيحرم استعماله مطلقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نعم يكره ) [ ص: 118 ] أي في ماء كثير أو جاف إلخ ( قوله وكذا ثوب ) لا يبعد أن نحو الإناء كذلك في حرمة التضمخ لغير حاجة ، وأما الأرض فالوجه أنه لا حرمة نعم إن نقصها التضمخ بلا حاجة إليه لم يبعد التحريم ؛ لأنه إضاعة مال لغير حاجة سم ( قوله بناء على حرمة التضمخ إلخ ) وهو المعتمد ع ش ( قوله والكلام هنا في استعمال متضمن إلخ ) هذا قد يقتضي أن شرط الحل في الصور المستثناة عدم التضمخ وهو محل نظر ، والوجه جواز ما فيه تضمخ مع الحاجة سم ( قوله ذلك ) أي كون الكلام فيما ذكر .

                                                                                                                              ( قوله منقطع ) ؛ لأن المستثنى منه الإناء الطاهر من حيث كونه طاهرا والمستثنى الذهب والفضة من حيث ذاتهما لا من حيث كونهما طاهرين بصري ( قوله إلى التأويل السابق ) هو قوله من حيث كونه طاهرا ع ش وكردي ( قوله أي إناء ) إلى قوله وظاهر في النهاية إلا قوله وإن لم يؤلف إلى ولو على امرأة ( قوله ومرودا ) والإبرة والمعلقة والمشط ونحوها والكراسي التي تعمل للنساء ملحقة بالآنية كالصندوق فيما يظهر كما قاله البدر بن شهبة والشراريب الفضة غير محرمة عليهن فيما يظهر لعدم تسميتها آنية نهاية وفي الكردي عن الإيعاب مثله قال ع ش .

                                                                                                                              قوله م ر والشراريب إلخ أي التي تجعلها فيما تتزين به بخلاف ما تجعله في إناء تشرب منه أو تأكل فيه ا هـ .

                                                                                                                              وفي البجيرمي عن الطوخي ويجوز للمرأة استعمال سرموجة أو قبقاب من الذهب والفضة ، ولها استعمال ثوب منهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو خلالا ) هو ما يخلل به الأسنان ومثله المسمى به الآن ، وهو ما يخرج به وسخ الآذان زاد في الإيعاب والمرآة وبرة أنف حيوان وغيرها وإن لم تسم آنية انتهى ا هـ كردي ( قوله أو بعضه إلخ ) يحتمل أن يكون على تفصيل الضبة ، وأن يبقى على إطلاقه ؛ لأنه أفحش منه بصري أقول الثاني صريح صنيع المنهج بل لا يظهر للأول وجه قول المتن ( فيحرم ) أي إلا لضرورة بأن لم يجد غيره شرح بافضل ، قال في الإيعاب ولو بأجرة فاضلة عما يعتبر في الفطرة فيما يظهر كردي ( قوله فيحرم استعماله إلخ ) على الرجال والنساء والخناثى من غير ضرورة حتى يحرم على المكلف أن يسقي به مثلا غير مكلف فإن دعت ضرورة إلى استعماله كمرود منهما لجلاء عينه جاز ، وسواء كان الإناء صغيرا أو كبيرا نعم الطهارة منه صحيحة والمأكول ونحوه حلال ؛ لأن التحريم للاستعمال لا لخصوص ما ذكر نهاية زاد المغني ولا فرق في حرمة ما تقدم بين الخلوة وغيرها إذ الخيلاء موجودة على تقدير الاطلاع عليه ولو وجد الذهب والفضة عند الاحتياج استعمل الفضة لا الذهب فيما يظهر ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله م ر حتى يحرم على المكلف أن يسقي إلخ قضيته أنه لا يحرم عليه دفعه للصبي ليشرب منه بنفسه ، وقد يقال إنه غير مراد ؛ لأنه يجب عليه منعه من المحرمات وإن لم يأثم الصبي بفعلها ، ومثله إعطاؤه آلة اللهو كالمزمار فينبغي أن يحرم لما مر ولا نظر لتألم الولد لترك ذلك كما أنه لا نظر لتأذيه بضرب الولي له تأديبا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كأن كبه إلخ ) أي قلب الإناء ( قوله لغير حاجة الجلاء ) فإن احتيج إلى استعمال ذلك كمرود بكسر الميم من ذهب أو فضة يكتحل به لجلاء عينه كأن أخبره طبيب عدل رواية بأن عينه لا تنجلي إلا بذلك جاز استعماله ، ويقدم المرود من الفضة على المرود من الذهب عند وجودهما معا وبعد جلاء عينه يجب كسره ؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها شيخنا ، وفي البجيرمي مثله إلا قوله كأن أخبره إلى جاز ، وقولهما يجب كسره يأتي عن الإيعاب صحة بيعه ( قوله أن ذلك كبيرة ) عبارة شيخنا عده البلقيني وكذا الدميري من الكبائر .

                                                                                                                              ونقل الأذرعي عن الجمهور أنه من الصغائر وهو المعتمد وقال داود الظاهري بكراهة استعمال أواني الذهب والفضة كراهة تنزيه وهو قول للشافعي في القديم وقيل الحرمة مختصة بالأكل والشرب دون غيرهما أخذا بظاهر الحديث ، وهو { لا تشربوا في آنية [ ص: 119 ] الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما } وعند الحنفية قول بجواز ظروف القهوة وإن كان المعتمد عندهم الحرمة فينبغي لمن ابتلي بشيء من ذلك كما يقع كثيرا تقليدا ما تقدم ليتخلص من الحرمة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وتجويزهم إلخ ) عبارة النهاية ويحرم البول في إناء منهما أو من أحدهما ولا يشكل ذلك بحل الاستنجاء بهما ؛ لأن الكلام تم في قطعة ذهب أو فضة لا فيما طبع أو هيئ منهما لذلك كالإناء المهيأ منهما للبول فيه ا هـ وكذا في المغني إلا قوله طبع قال ع ش قوله المهيأ منهما قضيته أنه لو بال في إناء ليس معدا للبول لا يحرم ، والظاهر أنه غير مراد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولم تطبع إلخ ) أما المطبوع قال الزركشي في الخادم كالدراهم والدنانير فلا يجوز الاستنجاء به لحرمته ، ونقله عن تصريح الأصحاب وفي شرح العباب للشارح إذ المهيأ إناء كالمرود والمطبوعة محترمة بخلاف الخالي عنهما وفي التحفة مثله هكذا أطلقوا الطبع فإن كانت العلة أنها مع الطبع لا تقلع فالحكم واضح ، وإن كانت العلة الاحترام فينبغي أن يقيد التحريم بما إذا كان الاسم المطبوع معظما فحرره فإني لم أره في كلامهم كأنه باعتبار ما كان أولا من كتابة شيء من نحو القرآن كردي بحذف .

                                                                                                                              ( قوله واتخاذ الرأس ) إلى قوله والعلة في النهاية زاد عقبه ما نصه ، والأوجه كما قاله بعضهم أن المدار على إمكان الانتفاع به وحده وعدمه لا بسمره فيه وعدمه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله واتخاذ الرأس إلخ ) بالنصب عطفا على الاستنجاء ( قوله ومع ذلك يحرم وضع شيء إلخ ) قياس ذلك أن يحرم نحو توسد صحيفة أو سبيكة من النقد ؛ لأن توسدها استعمال لها ، وأن يحرم وضع تلك الرأس على الإناء ؛ لأنه استعمال له وحينئذ فلا فائدة في تجويزه للإناء إلا أن يمنع أن مجرد وضعه على الإناء استعمال له سم أي ومنعه مع تسليم كون نحو التوسد استعمالا كالمكابرة ، ولذا عده الإمام الرافعي استعمالا وإن منعه المغني كما يأتي ( قوله إناء الذهب ) أي أو الفضة مغني ( قوله صدئ ) كتعب والمصدر صدى كتعب ، وأما الوسخ الذي يستر الإناء فالصداء بالمد ع ش ( قوله حل استعماله ) ظاهره مطلقا ، وقال النهاية والمغني يجري فيه التفصيل الآتي في المموه بنحو نحاس ا هـ .

                                                                                                                              وقال ع ش أي فإن كان الصداء لو فرض نحاسا تحصل منه شيء بالعرض على النار لم يحرم وإلا حرم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أن تغشية الذهب ) أي بنحو نحاس كردي ( وقوله وإن لم يحصل منها شيء ) خلافا للنهاية والمغني والمنهج ( قوله يحرم الاحتواء ) إلى قوله انتهى في النهاية والمغني ( قوله ويحرم إلخ ) ويحرم التطيب بماء الورد من إناء مما ذكر مغني ونهاية ( قوله انتهى ) أي قولهم ( قوله وإن مسه الفم على نزاع فيه ) قد يقال يؤيد المنازع في ذلك ما مر آنفا في مستعمل رأس الإناء بنحو وضع شيء فتذكر وتدبر بصري عبارة الكردي وقع النزاع في ذلك لنفس الشارح فضلا عن غيره قال في الإيعاب أما إذا وضع فاه عليه فإن قصد التبرك حل وإلا حرم ، ويحتمل التحريم وقال في الإمداد ولو فتح فاه للمطر النازل من ميزاب الكعبة لم يحرم على الأوجه ؛ لأنه لا يعد مستعملا له بخلاف ما لو مسه بفمه أو قرب منه ، وإن قصد التبرك .

                                                                                                                              وقال سم الوجه التفرقة بين أن يكون قريبا فيحرم أو بعيدا فلا كنظيره من المبخرة وفاقا لمحمد الرملي ، ونقله الزيادي عن م ر أيضا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله سلسلة الإناء ) وإن كانت لمحض الزينة اشترط صغرها عرفا كالضبة فيما يظهر نهاية ( قوله وحلقته ) زاد في الإيعاب أو لباب مسجد أو غيره ا هـ وهي بسكون اللام أفصح من فتحها ، وأطلق هنا وفتح الجواد وقال في الإمداد وفي المجموع كالعزيز ينبغي أن تجعل كالتضبيب كردي ، وتقدم عن النهاية ما يوافقه ( قوله ولا غطاء الكوز ) ينبغي أن شرطه أن لا يكون مجوفا ، وإلا كان إناء بل قطعة تجعل في فم الكوز أو صحيفة تجعل على فمه سم عبارة المغني فإن جعل للإناء حلقة من فضة أو سلسلة منها أو رأسا جاز .

                                                                                                                              وإنما جاز ذلك في الرأس ؛ لأنه منفصل عن الإناء لا يستعمل قال الرافعي ولك منعه بأنه مستعمل بحسبه وإن سلم فليكن فيه خلاف الاتخاذ ، ويمنع بأن الاتخاذ يجر إلى الاستعمال المحرم [ ص: 120 ] بخلاف هذا ، والمراد به ما يجعل في فم الكوز فهو قطعة فضة أما ما يجعل كالإناء ويغطى به فإنه يحرم أما الذهب فلا يجوز منه ذلك ا هـ ويأتي عن الإيعاب ما يوافقهما في التفصيل ( قوله وهو غير رأسه السابق ) هذا مخالف لما في الإمداد حيث قال ، وتحل حلقة الإناء ورأسه أي غطاؤه وفي الإيعاب الرأس له صورتان أحدهما أن يثقب موضعا منه وموضعا من الإناء ، ويربط بمسمار حيث يفتح ويغلق كحق الأشنان والمبخرة ، والثانية أن يجعل صفيحة على قدر رأسه ، ويغطي بها لصيانة ما فيه والأول حرام ؛ لأنه يسمى إناء والثاني جائز ؛ لأنه لا يسماه سواء اتصل به أم لا وقول ابن العماد إن الرأس هو المتصل والغطاء هو المنفصل فيه نظر مع أن الخطب فيه سهل ، ثم رأيت الغزي .

                                                                                                                              قال واستثنى البغوي من التحريم غطاء الكوز ، ومراده الصفيحة من الفضة فلو كانت على هيئة الإناء حرمت قطعا انتهى ا هـ كردي وتقدم عن سم والمغني ما يوافق الإيعاب في التفصيل وعن النهاية أن المدار على إمكان الانتفاع به وحده وعدمه لا بسمره فيه وعدمه ( قوله وصفيحة فيها بيوت إلخ ) خلافا للنهاية عبارته وألحق صاحب الكافي في احتمال له طبق الكيزان بغطاء الكوز ، والمراد منه صفيحة فيها ثقب الكيزان وفي إباحته بعد فإن فرض عدم تسميته إناء ، وكانت الحرمة منوطة بها فلا بعد فيه حينئذ بالنسبة لاتخاذه واقتنائه أما وضع الكيزان عليه فاستعمال له ، والمتجه الحرمة نظير ما مر في وضع الشيء على رأس الإناء ا هـ .

                                                                                                                              وفي سم بعد ذكر نحوه ما نصه وقوله فيها بيوت إلخ في جوازها حينئذ نظر ؛ لأن ما فيه بيوت إناء أو في معناه ، والوجه حرمة ما فيها بيوت وأما صفيحة ليس فيها بيوت فإن قصد بوضع الكوز عليها استعمالها أو عد وضعه عليها استعمالا لها حرم ، وإلا فلا خلافا لما نقل عن الكافي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومحله ) أي محل استثناء السلسة وما عطف عليه ( قوله ومن الحيل ) إلى قوله نعم في النهاية والمغني ما يوافقه ( قوله والحيل المبيحة إلخ ) عبارته في شرح الإرشاد قال في المجموع والحيلة في استعمال ما في إناء النقد أن يخرج الطعام منه إلى شيء بين يديه ، ثم يأكله أو يصب الماء في يده ، ثم يشربه أو يتطهر به أو ماء الورد في يساره ، ثم ينقله ليمينه ، ثم يستعمله انتهى ، وكان الفرق بين ماء الورد والماء فيما ذكره أن الماء يباشر استعماله من إنائه من غير توسط اليد عادة فلم يعد صبه فيها ، ثم تناوله منها استعمالا لإنائه بخلاف الطيب فإنه لم يعتد فيه ذلك إلا بتوسط اليد فاحتيج لنقله منها إلى [ ص: 121 ] اليد الأخرى قبل استعماله ، وإلا كان مستعملا لإنائه فيما اعتيد فيه انتهى .

                                                                                                                              وقوله أو ماء الورد في يساره أي بقصد التفريغ كما شرطه في شرح العباب أخذا من الجواهر سم على حج ا هـ ع ش ( قوله ولو في نحو يد ) يشمل اليمنى سم ( قوله نعم هي إلخ ) عبارته في شرح العباب ، ثم الظاهر أن هذه الحيلة إنما تمنع حرمة الاستعمال بالنسبة للتطيب منه لا بالنسبة لاتخاذه وجعل التطيب فيه ؛ لأنه مستعمل له بذلك وإن لم يستعمله بالأخذ منه ، وقد يتوهم من عبارته أي المجموع اختصاص الحيلة بحالة التطيب وليس كذلك انتهى ا هـ سم على حج ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله في نحو كيس الدراهم الحرير إلخ ) خلافا للنهاية عبارته ولا يلحق بغطاء الإناء غطاء العمامة وكيس الدراهم إذا اتخذهما من حرير خلافا للإسنوي ، إذ تغطية الإناء مستحبة بخلاف العمامة ، وأما كيس الدراهم فلا حاجة إلى اتخاذه منه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بحله إلخ ) سيأتي في هامشه منع ذلك سم ( قوله هنا ) أي في نحو الكيس المتخذ من النقد ( قوله ويؤيده إلخ ) أي الاحتمال المذكور قد يقال لو صح هذا التأييد لزم جواز كون غطاء الكوز على هيئة الإناء مع أنه قدم امتناعه سم ( قوله بأن ما هنا ) أي المتخذ من النقد أغلظ أي من المتخذ من الحرير و ( قوله المذكور ) أي بقوله ويؤيده تعليلهم حل نحو غطاء الكوز إلخ ( قوله مما تقرر ) أي بقوله ومحله حيث إلخ ( قوله مطلقا ) أي سمي إناء أم لا قول المتن ( وكذا اتخاذه إلخ ) ظاهره ولو للتجارة ؛ لأن آنية الذهب والفضة ممنوع من استعمالها لكل أحد وبهذا فارق الحرير حيث جاز اتخاذه للتجارة فيه ؛ لأنه ليس ممنوعا من استعماله لكل أحد فيجوز اتخاذه للتجارة فيه بأن يبيعه لمن يجوز له استعماله .

                                                                                                                              وقال بعضهم يجوز اتخاذه للتجارة لمن يصوغه حليا أو يجعله دراهم أو دنانير شيخنا وبجيرمي ( قوله أي اقتناؤه ) أي بلا استعمال ، ويحرم تزيين الحوانيت والبيوت بآنية النقدين ، ويحرم تحلية الكعبة وسائر المساجد بالذهب والفضة نهاية مغني وهل من التحلية ما يجعل من الذهب والفضة في ستر الكعبة أو يختص بما يجعل ببابها أو جدرانها فيه نظر والذي يظهر الآن الأول ع ش شيخنا ، ويحرم تحلية الكعبة وسائر المساجد بالذهب أو بالفضة ، ويحرم كسوتها بالحرير المزركش بالذهب أو بالفضة ويحرم التفرج على المحمل المعروف وكسوة مقام إبراهيم ونحوه ونقل عن البلقيني جواز ذلك لما فيه من التعظيم لشعائر الإسلام وإغاظة الكفار وهكذا كسوة تابوت الولي وعساكره ا هـ .

                                                                                                                              وفي البجيرمي عن القليوبي قال شيخنا الزيادي بحل التحلية وهي قطع من النقدين تسمر في غيرها في نحو الكعبة والمساجد دون غيرهما كالمصحف والكرسي وغيرهما وفي النهاية تحريمها في الكعبة والمساجد كغيرها وهو الوجه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لمن وهم فيه ) لعله فسر الاتخاذ بالصنع ولو بنحو وكيله قول المتن ( في الأصح ) والثاني لا يحرم ؛ لأن النهي الوارد إنما هو في الاستعمال لا الاتخاذ مغني ونهاية وبه قال أبو حنيفة شيخنا .

                                                                                                                              ( قوله كآلة اللهو ) لكن يصح بيعه لينتفع به فيما يحل ومنه أن يكسر لينتفع برضاضه بخلاف آلة اللهو كما نبه على ذلك في الإيعاب كردي ( قوله وإحدى الفواسق إلخ ) تصريح بحرمة اقتنائها سم ( قوله وما أدى إلى معصية إلخ ) عطف على اسم أن وخبره في قوله ؛ لأنه يجر إلخ ( قوله لذاك ) أي لانتفاء النقد ( قوله وإنما جاز إلخ ) جواب سؤال غني عن البيان .




                                                                                                                              الخدمات العلمية