وفرض عليه خمسين صلاة . فرجع حتى مر على موسى فقال له : بم أمرت ؟ قال : بخمسين صلاة ، قال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار أن نعم إن شئت ، فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى ، وهو في مكانه . هذا لفظ البخاري في بعض الطرق ، فوضع عنه عشرا ، ثم أنزل حتى مر بموسى فأخبره ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل حتى جعلها خمسا ، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف ، فقال : قد استحييت من ربي ، ولكن أرضى وأسلم ، فلما بعد نادى مناد : قد أمضيت فريضتي ، وخففت عن عبادي.
فصل
ولما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صبيحة ليلة الإسراء ، جاءه جبريل عند الزوال ، فبين له
nindex.php?page=treesubj&link=32771_852_863_874_884_894_32795كيفية الصلاة وأوقاتها ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فاجتمعوا ، وصلى به جبريل في ذلك اليوم إلى الغد ، والمسلمون يأتمون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقتدي بجبريل ، كما جاء في الحديث عن ابن عباس وجابر ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510150أمني جبريل عند البيت مرتين ، فبين له الوقتين ، فهما الأول والآخر ، وما بينهما الوقت الموسع ، ولم يذكر توسعة في وقت المغرب . وقد ثبت ذلك في حديث أبي موسى وبريدة وعبد الله بن عمرو وكلها في " صحيح مسلم " وموضع بسط ذلك في كتابنا الأحكام ، ولله الحمد .
فأما ما ثبت في " صحيح البخاري " من طريق سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=740947فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين ، فأقرت صلاة السفر ، وزيد في صلاة الحضر . وكذا رواه الأوزاعي ، عن الزهري ورواه الشعبي عن مسروق عنها . وهذا مشكل من جهة أن عائشة كانت تتم الصلاة في السفر ، وكذا عثمان بن عفان وقد تكلمنا على ذلك عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا [ النساء : 101 ] . قال البيهقي : وقد ذهب الحسن البصري إلى أن صلاة الحضر أول ما فرضت أربعا ، كما ذكره مرسلا من صلاته عليه السلام صبيحة الإسراء الظهر أربعا ، والعصر أربعا ، والمغرب ثلاثا ، يجهر في الأوليين ، والعشاء أربعا يجهر في الأوليين ، والصبح ركعتين يجهر فيهما .
قلت : فلعل عائشة أرادت أن الصلاة كانت قبل الإسراء تكون ركعتين ركعتين ، ثم لما فرضت الخمس فرضت حضرا على ما هي عليه ، ورخص في السفر أن يصلى ركعتين ، كما كان الأمر عليه قديما وعلى هذا لا يبقى إشكال بالكلية ، والله أعلم .
وَفَرَضَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً . فَرَجَعَ حَتَّى مَرَّ عَلَى مُوسَى فَقَالَ لَهُ : بِمَ أُمِرْتَ ؟ قَالَ : بِخَمْسِينَ صَلَاةً ، قَالَ : إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ ، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ ، فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ ، فَأَشَارَ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ ، فَعَلَا بِهِ جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى بِهِ الْجَبَّارَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَهُوَ فِي مَكَانِهِ . هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ ، فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرًا ، ثُمَّ أَنْزَلَ حَتَى مَرَّ بِمُوسَى فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ مُوسَى وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَى جَعَلَهَا خَمْسًا ، فَأَمَرَهُ مُوسَى بِالرُّجُوعِ وَسُؤَالِ التَّخْفِيفِ ، فَقَالَ : قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ ، فَلَمَّا بَعُدَ نَادَى مُنَادٍ : قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي ، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي.
فَصْلٌ
وَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ صَبِيحَةِ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ ، جَاءَهُ جِبْرِيلُ عِنْدَ الزَّوَالِ ، فَبَيَّنَ لَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=32771_852_863_874_884_894_32795كَيْفِيَّةَ الصَّلَاةِ وَأَوْقَاتَهَا ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ فَاجْتَمَعُوا ، وَصَلَّى بِهِ جِبْرِيلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى الْغَدِ ، وَالْمُسْلِمُونَ يَأْتَمُّونَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقْتَدِي بِجِبْرِيلَ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510150أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ ، فَبَيَّنَ لَهُ الْوَقْتَيْنِ ، فَهُمَا الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ، وَمَا بَيْنَهُمَا الْوَقْتُ الْمُوَسَّعُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَوْسِعَةً فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ . وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَبُرَيْدَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَكُلُّهَا فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " وَمَوْضِعُ بَسْطِ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا الْأَحْكَامِ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
فَأَمَّا مَا ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=740947فُرِضَتِ الصَّلَاةُ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ . وَكَذَا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْهَا . وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ ، وَكَذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [ النِّسَاءِ : 101 ] . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَقَدْ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ الْحَضَرِ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ أَرْبَعًا ، كَمَا ذَكَرَهُ مُرْسَلًا مِنْ صِلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا ، وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا ، وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا ، يَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ ، وَالْعِشَاءَ أَرْبَعًا يَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ ، وَالصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ فِيهِمَا .
قُلْتُ : فَلَعَلَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ تَكُونُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ لَمَّا فُرِضَتِ الْخَمْسُ فُرِضَتْ حَضَرًا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ ، وَرُخِّصَ فِي السَّفَرِ أَنَّ يُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، كَمَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ قَدِيمًا وَعَلَى هَذَا لَا يَبْقَى إِشْكَالٌ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .