الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        الذين يؤمنون بالغيب

                                                                                                                                                                                                                                        الذين يؤمنون بالغيب قوله تعالى: الذين يؤمنون بالغيب فيه تأويلان: أحدهما: يصدقون بالغيب، وهذا قول ابن عباس . والثاني: يخشون بالغيب، وهذا قول الربيع بن أنس. وفي أصل الإيمان ثلاثة أقوال: أحدها: أن أصله التصديق، ومنه قوله تعالى: وما أنت بمؤمن لنا أي بمصدق لنا. والثاني: أن أصله الأمان فالمؤمن يؤمن نفسه من عذاب الله، والله المؤمن لأوليائه من عقابه. [ ص: 69 ]

                                                                                                                                                                                                                                        والثالث: أن أصله الطمأنينة، فقيل للمصدق بالخبر مؤمن، لأنه مطمئن. وفي الإيمان ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الإيمان اجتناب الكبائر. والثاني: أن كل خصلة من الفرائض إيمان. والثالث: أن كل طاعة إيمان. وفي الغيب ثلاثة تأويلات: أحدها: ما جاء من عند الله، وهو قول ابن عباس . والثاني: أنه القرآن، وهو قول زر بن حبيش. والثالث: الإيمان بالجنة والنار والبعث والنشور.

                                                                                                                                                                                                                                        ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون وفي قوله تعالى: ويقيمون الصلاة تأويلان: أحدهما: يؤدونها بفروضها. والثاني: أنه إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع فيها، وهذا قول ابن عباس . واختلف لم سمي فعل الصلاة على هذا الوجه إقامة لها، على قولين: أحدهما: من تقويم الشيء من قولهم: قام بالأمر إذا أحكمه وحافظ عليه. والثاني: أنه فعل الصلاة سمي إقامة لها، لما فيها من القيام فلذلك قيل: قد قامت الصلاة. وفي قوله: ومما رزقناهم ينفقون ثلاثة تأويلات: أحدها: إيتاء الزكاة احتسابا لها، وهذا قول ابن عباس . [ ص: 70 ]

                                                                                                                                                                                                                                        والثاني: نفقة الرجل على أهله، وهذا قول ابن مسعود . والثالث: التطوع بالنفقة فيما قرب من الله تعالى، وهذا قول الضحاك: وأصل الإنفاق الإخراج، ومنه قيل: نفقت الدابة إذا خرجت روحها. واختلف المفسرون، فيمن نزلت هاتان الآيتان فيه، على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها نزلت في مؤمني العرب دون غيرهم، لأنه قال بعد هذا: والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يعني به أهل الكتاب، وهذا قول ابن عباس . والثاني: أنها مع الآيتين اللتين من بعد أربع آيات نزلت في مؤمني أهل الكتاب، لأنه ذكرهم في بعضها. والثالث: أن الآيات الأربع من أول السورة، نزلت في جميع المؤمنين، وروى ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: (نزلت أربع آيات من سورة البقرة في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة في المنافقين.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية