[ ص: 345 ] سورة قريش
مكية في قول الأكثرين ، ومدنية في قول
الضحاك . بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29077_30578nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإيلاف قريش nindex.php?page=treesubj&link=29077_30578_34436nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=2إيلافهم رحلة الشتاء والصيف nindex.php?page=treesubj&link=29077_28657_34370_34513nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فليعبدوا رب هذا البيت nindex.php?page=treesubj&link=29077_31576_32413nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=4الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف
وفي قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإيلاف قريش الإيلاف مأخوذ من ألف يألف ، وهي العادة المألوفة ، ومنه قولهم ائتلف القوم . وفي قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإيلاف قريش أربعة أقاويل : أحدها : نعمتي على قريش ، لأن نعمة الله عليهم أن ألفه لهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
الثاني : لإيلاف الله لهم لأنه آلفهم إيلافا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد .
الثالث : لإيلاف قريش حرمي وقيامهم ببيتي ، وهذا معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
الرابع : لإيلاف ما ذكره من رحلة الشتاء والصيف في معايشهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول . وفي اللام التي في
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإيلاف قريش قولان :
أحدهما : أنه صلة يرجع إلى السورة المتقدمة من قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=1ألم تر كيف إلى أن قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=5فجعلهم كعصف مأكول nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإيلاف قريش ، فصار معناه أن ما فعله بأصحاب الفيل لأجل إيلاف
قريش ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب لا يفصلان بين
[ ص: 346 ]
السورتين ويقرآنهما كالسورة الواحدة ، ويريان أنهما سورة واحدة ، أي : ألم تر لإيلاف قريش .
الثاني : أن اللام صلة ترجع إلى ما بعدها من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فليعبدوا رب هذا البيت ويكون معناه لنعمتي على
قريش فليعبدوا رب هذا البيت ، قاله أهل
البصرة ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، ليألف
قريش ، وكان يعيب على من يقرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإيلاف قريش . وقرأ بعض أهل
مكة : إلاف قريش ، واستشهد بقول
أبي طالب يوصي أخاه
أبا لهب برسول الله صلى الله عليه وسلم
فلا تتركنه ما حييت لمعظم وكن رجلا ذا نجدة وعفاف تذود العدا عن عصبة هاشمية
ألا فهم في الناس خير إلاف
وأما
قريش تلده فهم
بنو النضير بن كنانة ، وقيل
بنو فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ، ومن لم تلده فهر فليس من
قريش ، وعلى المشهور أن
بني النضر بن كنانة ومن تلده : من
قريش ، وإن لم يكونوا من
بني فهر ، وقد كانوا متفرقين في غير الحرم فجمعهم
قصي بن كلاب في الحرم حتى اتخذوه مسكنا ، قال الشاعر
أبونا nindex.php?page=showalam&ids=12133قصي كان يدعى مجمعا به جمع الله القبائل من فهر
واختلفوا في تسميتهم
قريشا على أربعة أقاويل : أحدها : لتجمعهم بعد التفرق ، والتقريش التجميع ، ومنه قول الشاعر
إخوة قرشوا الذنوب علينا في حديث من دهرهم وقديم
الثاني : لأنهم كانوا تجارا يأكلون من مكاسبهم ، والتقريش التكسب .
الثالث : أنهم كانوا يفتشون الحاج عن ذي الخلة فيسدون خلته ، والقرش : التفتيش ، قال الشاعر
أيها الشامت المقرش عنا عند عمرو فهل له إبقاء
الرابع : أن
قريشا اسم دابة في البحر ، من أقوى دوابه ، سميت قريشا لقوتها وأنها تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس واستشهد بقول الشاعر :
[ ص: 347 ] هكذا في العباد حي قريش يأكلون البلاد أكلا كشيشا
ولهم آخر الزمان نبي يكثر القتل فيهم والخموشا
يملأ الأرض خيلة ورجالا يحشرون المطي حشرا كميشا
تأكل الغث والسمين ولا تت رك يوما في جناحين ريشا .
وقريش هي التي تسكن البح ر بها سميت قريش قريشا .
سلطت بالعلو في لجج البحر على سائر البحور جيوشا .
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=2إيلافهم رحلة الشتاء والصيف كانت
لقريش في كل عام رحلتان والرحلة السفرة ، لما يعانى فيها من الرحيل والنزول ، رحلة في الصيف ورحلة في الشتاء طلبا للتجارة والكسب . واختلف في رحلتي الشتاء والصيف على قولين :
أحدهما : أن كلتا الرحلتين إلى
فلسطين ، لكن رحلة الشتاء في البحر ، طلبا للدفء ، ورحلة الصيف على
بصرى وأذرعات ، طلبا للهواء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة .
الثاني : أن رحلة الشتاء إلى
اليمن لأنها بلاد حامية ، ورحلة الصيف إلى
الشام لأنها بلاد باردة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد . فإن قيل فما المعنى في تذكيرهم رحلة الشتاء والصيف؟ ففيه جوابان :
أحدهما : أنهم كانوا في سفرهم آمنين من العرب لأنهم أهل الحرم ، فذكرهم ذلك ليعلموا نعمته عليهم في أمنهم مع خوف غيرهم .
الثاني : لأنهم كانوا يكسبون فيتوسعون ويطعمون ويصلون ، كما قال الشاعر فيهم
يا أيها الرجل المحول رحله هلا نزلت بآل عبد مناف .
الآخذون العهد من آفاقها والراحلون لرحلة الإيلاف .
والرائشون وليس يوجد رائش والقائلون هلم للأضياف .
والخالطون غنيهم بفقيرهم حتى يصير فقيرهم كالكافي .
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف .
فذكرهم الله تعالى هذه النعمة .
[ ص: 348 ] nindex.php?page=showalam&ids=11ولابن عباس في رحلة الشتاء والصيف قول ثالث : أنهم كانوا يشتون
بمكة لدفئها ، ويصيفون
بالطائف لهوائها ، كما قال الشاعر
تشتي بمكة نعمة ومصيفها بالطائف
وهذه
nindex.php?page=treesubj&link=32409_29485من جلائل النعم أن يكون للقوم ناحية حر تدفع عنهم برد الشتاء وناحية برد تدفع عنهم حر الصيف ، فذكرهم الله تعالى هذه النعمة .
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فليعبدوا رب هذا البيت أمرهم الله تعالى بعبادته ، وفي تعريف نفسه لهم بأنه رب هذا البيت وجهان :
أحدهما : لأنه كانت لهم أوثان ، فميز نفسه عنها .
الثاني : أنهم بالبيت شرفوا على سائر
العرب ، فذكر لهم ذلك تذكيرا بنعمته . وفي معنى هذا الأمر والضمير في دخول الفاء على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فليعبدوا أربعة أوجه :
أحدها : فليعبدوا رب هذا البيت بأنه أنعم عليهم برحلة الشتاء والصيف .
الثاني : فليألفوا عبادة رب هذا البيت كما ألفوا رحلة الشتاء والصيف .
الثالث : فليعبدوا رب هذا البيت لأنه أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف .
الرابع : فليتركوا رحلة الشتاء والصيف بعبادة رب هذا البيت ، فإنه يطعمهم من جوع ويؤمنهم من خوف ليتوفروا بالمقام على نصرة رسوله والذب عن دينه .
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=4الذي أطعمهم من جوع فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أطعمهم من جوع بما أعطاهم من الأموال وساق إليهم من الأرزاق ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14387ابن عيسى .
الثاني : أطعمهم من جوع بما استجاب فيهم دعوة
إبراهيم عليه السلام . حين قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37وارزقهم من الثمرات قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثالث : أن جوعا أصابهم في الجاهلية ، فألقى الله في قلوب الحبشة أن يحملوا إليهم طعاما ، فحملوه ، فخافت
قريش منهم وظنوا أنهم قدموا لحربهم ، فخرجوا إليهم متحرزين ، فإذا هم قد جلبوا إليهم الطعام وأعانوهم بالأقوات ، فهو معنى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=4الذي أطعمهم من جوع [ ص: 349 ] nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=4وآمنهم من خوف فيه أربعة أقاويل : أحدها : آمنهم من خوف
العرب أن يسبوهم أو يقاتلوهم تعظيما لحرمة الحرم ، لما سبقت لهم من دعوة
إبراهيم عليه السلام حيث قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رب اجعل هذا بلدا آمنا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الثاني : من خوف الحبشة مع الفيل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش .
الثالث : آمنهم من خوف الجذام ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري .
الرابع : يعني آمن
قريشا ألا تكون الخلافة إلا فيهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه .
[ ص: 345 ] سُورَةُ قُرَيْشٍ
مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ ، وَمَدِنِيَّةٌ فِي قَوْلِ
الضَّحَّاكِ . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29077_30578nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإِيلافِ قُرَيْشٍ nindex.php?page=treesubj&link=29077_30578_34436nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=2إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ nindex.php?page=treesubj&link=29077_28657_34370_34513nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ nindex.php?page=treesubj&link=29077_31576_32413nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=4الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإِيلافِ قُرَيْشٍ الْإِيلَافُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَلِفَ يَأْلَفُ ، وَهِيَ الْعَادَةُ الْمَأْلُوفَةُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ ائْتَلَفَ الْقَوْمُ . وَفِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإِيلافِ قُرَيْشٍ أَرْبَعَةُ أَقَاوِيلَ : أَحَدُهَا : نِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ ، لِأَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَنْ أَلَّفَهُ لَهُمْ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ .
الثَّانِي : لِإِيلَافِ اللَّهِ لَهُمْ لِأَنَّهُ آلَفُهُمْ إِيلَافًا ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14248الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ .
الثَّالِثُ : لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ حَرَمِي وَقِيَامِهِمْ بِبَيْتِي ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ .
الرَّابِعُ : لِإِيلَافِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فِي مَعَايِشِهِمْ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17134مَكْحُولٌ . وَفِي اللَّامِ الَّتِي فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإِيلافِ قُرَيْشٍ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ صِلَةٌ يَرْجِعُ إِلَى السُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=1أَلَمْ تَرَ كَيْفَ إِلَى أَنْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=5فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإِيلافِ قُرَيْشٍ ، فَصَارَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَا فَعَلَهُ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ لِأَجْلِ إِيلَافِ
قُرَيْشٍ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثَعْلَبٌ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ لَا يَفْصِلَانِ بَيْنَ
[ ص: 346 ]
السُّورَتَيْنِ وَيَقْرَآنِهِمَا كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَيَرَيَانِ أَنَّهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ ، أَيْ : أَلَمْ تَرَ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ .
الثَّانِي : أَنَّ اللَّامَ صِلَةٌ تَرْجِعُ إِلَى مَا بَعْدَهَا مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ لِنِعْمَتِي عَلَى
قُرَيْشٍ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ، قَالَهُ أَهْلُ
الْبَصْرَةِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ ، لِيَأْلَفَ
قُرَيْشٌ ، وَكَانَ يَعِيبُ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=1لإِيلافِ قُرَيْشٍ . وَقَرَأَ بَعْضُ أَهْلِ
مَكَّةَ : إِلَافُ قُرَيْشٍ ، وَاسْتُشْهِدَ بِقَوْلِ
أَبِي طَالِبٍ يُوصِي أَخَاهُ
أَبَا لَهَبٍ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَلَا تَتْرُكَنَّهُ مَا حَيِيتَ لِمُعَظَّمِ وَكُنْ رَجُلًا ذَا نَجْدَةٍ وَعَفَافِ تَذُودُ الْعِدَا عَنْ عُصْبَةٍ هَاشِمِيَّةٍ
أَلَّا فُهُمُ فِي النَّاسِ خَيْرُ إِلَافِ
وَأَمَّا
قُرَيْشٌ تَلِدُهُ فَهُمْ
بَنُو النَّضِيرِ بْنِ كِنَانَةَ ، وَقِيلَ
بَنُو فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ ، وَمَنْ لَمْ تَلِدْهُ فِهْرٌ فَلَيْسَ مِنْ
قُرَيْشٍ ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ
بَنِي النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ وَمَنْ تَلِدُهُ : مِنْ
قُرَيْشٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ
بَنِي فِهْرٍ ، وَقَدْ كَانُوا مُتَفَرِّقِينَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَجَمَعَهُمْ
قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ فِي الْحَرَمِ حَتَّى اتَّخَذُوهُ مَسْكَنًا ، قَالَ الشَّاعِرُ
أَبُونَا nindex.php?page=showalam&ids=12133قُصَيٌّ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعًا بِهِ جَمَعَ اللَّهُ الْقَبَائِلَ مِنْ فِهْرِ
وَاخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَتِهِمْ
قُرَيْشًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقَاوِيلَ : أَحَدُهَا : لِتَجَمُّعِهِمْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ ، وَالتَّقْرِيشُ التَّجْمِيعُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ
إِخْوَةٌ قَرَّشُوا الذُّنُوبَ عَلَيْنَا فِي حَدِيثٍ مِنْ دَهْرِهِمْ وَقَدِيمِ
الثَّانِي : لِأَنَّهُمْ كَانُوا تُجَّارًا يَأْكُلُونَ مِنْ مَكَاسِبِهِمْ ، وَالتَّقْرِيشُ التَّكَسُّبُ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُمْ كَانُوا يُفَتِّشُونَ الْحَاجَّ عَنْ ذِي الْخَلَّةِ فَيَسُدُّونَ خَلَّتْهُ ، وَالْقِرْشِ : التَّفْتِيشُ ، قَالَ الشَّاعِرُ
أَيُّهَا الشَّامِتُ الْمُقَرِّشُ عَنَّا عِنْدَ عَمْرٍو فَهَلْ لَهُ إِبْقَاءُ
الرَّابِعُ : أَنْ
قُرَيْشًا اسْمُ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ ، مِنْ أَقْوَى دَوَابِّهِ ، سُمِّيَتْ قُرَيْشًا لِقُوَّتِهَا وَأَنَّهَا تَأْكُلُ وَلَا تُؤْكَلُ ، وَتَعْلُو وَلَا تُعْلَى ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ :
[ ص: 347 ] هَكَذَا فِي الْعِبَادِ حَيُّ قُرَيْشٍ يَأْكُلُونَ الْبِلَادَ أَكْلًا كَشِيشًا
وَلَهُمْ آخِرُ الزَّمَانِ نَبِيٌّ يَكْثُرُ الْقَتْلُ فِيهِمُ وَالْخَمُوشَا
يَمْلَأُ الْأَرْضَ خَيَلَةً وَرِجَالًا يَحْشُرُونَ الْمَطِيَّ حَشْرًا كَمِيشَا
تَأْكُلُ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ وَلَا تَتْ رُكُ يَوْمًا فِي جَنَاحَيْنِ رِيشَا .
وَقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ الْبَحْ رَ بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قَرِيشَا .
سَلَّطَتْ بِالْعُلُوِّ فِي لُجُجِ الْبَحْرِ عَلَى سَائِرِ الْبُحُورِ جُيُوشَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=2إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ كَانَتْ
لِقُرَيْشٍ فِي كُلِّ عَامٍ رِحْلَتَانِ وَالرِّحْلَةُ السَّفْرَةُ ، لِمَا يُعَانَى فِيهَا مِنَ الرَّحِيلِ وَالنُّزُولِ ، رِحْلَةٌ فِي الصَّيْفِ وَرِحْلَةٌ فِي الشِّتَاءِ طَلَبًا لِلتِّجَارَةِ وَالْكَسْبِ . وَاخْتُلِفَ فِي رِحْلَتَيِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ عَلَى قَوْلَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ كِلْتَا الرِّحْلَتَيْنِ إِلَى
فِلَسْطِينَ ، لَكِنَّ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ فِي الْبَحْرِ ، طَلَبًا لِلدِّفْءِ ، وَرِحْلَةَ الصَّيْفِ عَلَى
بُصْرَى وَأَذْرِعَاتٍ ، طَلَبًا لِلْهَوَاءِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ .
الثَّانِي : أَنَّ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ إِلَى
الْيَمَنِ لِأَنَّهَا بِلَادٌ حَامِيَةٌ ، وَرِحْلَةَ الصَّيْفِ إِلَى
الشَّامِ لِأَنَّهَا بِلَادٌ بَارِدَةٌ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنُ زَيْدٍ . فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْمَعْنَى فِي تَذْكِيرِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ؟ فَفِيهِ جَوَابَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمْ كَانُوا فِي سَفَرِهِمْ آمَنِينَ مِنَ الْعَرَبِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ ، فَذَكَّرَهُمْ ذَلِكَ لِيَعْلَمُوا نِعْمَتَهُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْنِهِمْ مَعَ خَوْفِ غَيْرِهِمْ .
الثَّانِي : لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْسِبُونَ فَيَتَوَسَّعُونَ وَيُطْعِمُونَ وَيَصِلُونَ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ فِيهِمْ
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُحَوِّلُ رَحْلَهُ هَلَّا نَزَلْتَ بِآلِ عَبْدِ مَنَافِ .
الْآخِذُونَ الْعَهْدَ مِنْ آفَاقِهَا وَالرَّاحِلُونَ لِرِحْلَةِ الْإِيلَافِ .
وَالرَّائِشُونَ وَلَيْسَ يُوجَدُ رَائِشٌ وَالْقَائِلُونَ هَلُمَّ لِلْأَضْيَافِ .
وَالْخَالِطُونَ غَنِيَّهُمْ بِفَقِيرِهِمْ حَتَّى يَصِيرَ فَقِيرُهُمْ كَالْكَافِي .
عَمْرُو الْعُلَا هَشَّمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافِ .
فَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ النِّعْمَةَ .
[ ص: 348 ] nindex.php?page=showalam&ids=11وَلِابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ قَوْلٌ ثَالِثٌ : أَنَّهُمْ كَانُوا يُشَتُّونَ
بِمَكَّةَ لِدِفْئِهَا ، وَيُصَيِّفُونَ
بِالطَّائِفِ لِهَوَائِهَا ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ
تَشْتِي بِمَكَّةَ نِعْمَةً وَمَصِيفُهَا بِالطَّائِفِ
وَهَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=32409_29485مِنْ جَلَائِلِ النِّعَمِ أَنْ يَكُونَ لِلْقَوْمِ نَاحِيَةُ حَرٍّ تَدْفَعُ عَنْهُمْ بَرْدَ الشِّتَاءِ وَنَاحِيَةُ بَرْدٍ تَدْفَعُ عَنْهُمْ حَرَّ الصَّيْفِ ، فَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ النِّعْمَةَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِعِبَادَتِهِ ، وَفِي تَعْرِيفِ نَفْسِهِ لَهُمْ بِأَنَّهُ رَبُّ هَذَا الْبَيْتِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : لِأَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ أَوْثَانٌ ، فَمَيَّزَ نَفْسَهُ عَنْهَا .
الثَّانِي : أَنَّهُمْ بِالْبَيْتِ شُرِّفُوا عَلَى سَائِرِ
الْعَرَبِ ، فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ تَذْكِيرًا بِنِعْمَتِهِ . وَفِي مَعْنَى هَذَا الْأَمْرِ وَالضَّمِيرِ فِي دُخُولِ الْفَاءِ عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=3فَلْيَعْبُدُوا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ بِأَنَّهُ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِرِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ .
الثَّانِي : فَلْيَأْلَفُوا عِبَادَةَ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ كَمَا أَلِفُوا رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ .
الثَّالِثُ : فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ لِأَنَّهُ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنُهُمْ مِنْ خَوْفٍ .
الرَّابِعُ : فَلْيَتْرُكُوا رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ بِعِبَادَةِ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ ، فَإِنَّهُ يُطْعِمُهُمْ مِنْ جُوعٍ وَيُؤَمِّنُهُمْ مِنْ خَوْفٍ لِيَتَوَفَّرُوا بِالْمَقَامِ عَلَى نُصْرَةِ رَسُولِهِ وَالذَّبِّ عَنْ دِينِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=4الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ : أَحَدُهَا : أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ بِمَا أَعْطَاهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ وَسَاقَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَرْزَاقِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14387ابْنُ عِيسَى .
الثَّانِي : أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ بِمَا اسْتَجَابَ فِيهِمْ دَعْوَةَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . حِينَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ .
الثَّالِثُ : أَنَّ جُوعًا أَصَابَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِ الْحَبَشَةِ أَنْ يَحْمِلُوا إِلَيْهِمْ طَعَامًا ، فَحَمَلُوهُ ، فَخَافَتْ
قُرَيْشٌ مِنْهُمْ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدِمُوا لِحَرْبِهِمْ ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِمْ مُتَحَرِّزِينَ ، فَإِذَا هُمْ قَدْ جَلَبُوا إِلَيْهِمُ الطَّعَامَ وَأَعَانُوهُمْ بِالْأَقْوَاتِ ، فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=4الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ [ ص: 349 ] nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=4وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقَاوِيلَ : أَحَدُهَا : آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفِ
الْعَرَبِ أَنْ يَسْبُوهُمْ أَوْ يُقَاتِلُوهُمْ تَعْظِيمًا لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ ، لِمَا سَبَقَتْ لَهُمْ مِنْ دَعْوَةِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=126رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ .
الثَّانِي : مِنْ خَوْفِ الْحَبَشَةِ مَعَ الْفِيلِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ .
الثَّالِثُ : آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفِ الْجُذَامِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ .
الرَّابِعُ : يَعْنِي آمَنَ
قُرَيْشًا أَلَّا تَكُونَ الْخِلَافَةُ إِلَّا فِيهِمْ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .