كتاب صلاة الخوف
- باب صلاة الخوف رجالا وركبانا راجل قائم
- باب يحرس بعضهم بعضا في صلاة الخوف
- باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو
- باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وإيماء
- باب التكبير والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب
900 حدثنا قال أخبرنا أبو اليمان عن شعيب قال سألته هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني صلاة الخوف قال أخبرني الزهري أن سالم رضي الله عنهما قال عبد الله بن عمر نجد فوازينا العدو فصاففنا لهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين يصلي لنا فقامت طائفة معه تصلي وأقبلت طائفة على العدو غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل
التالي
السابق
[ ص: 497 ] قوله : ( أبواب صلاة الخوف ثبت لفظ أبواب للمستملي ، وفي رواية وأبي الوقت الأصيلي وكريمة " باب " بالإفراد ، وسقط للباقين .
[ ص: 498 ] قوله : ( وقول الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ثبت سياق الآيتين بلفظهما إلى قوله : ( مهينا في رواية كريمة ، واقتصر في رواية الأصيلي على ما هنا وقال : إلى قوله : عذابا مهينا . وأما أبو ذر فساق الأولى بتمامها ومن الثانية إلى قوله : ( معك ثم قال إلى قوله عذابا مهينا . قال الزين بن المنير : ذكر صلاة الخوف إثر صلاة الجمعة لأنهما من جملة الخمس ، لكن خرج كل منهما عن قياس حكم باقي الصلوات ، ولما كان خروج الجمعة أخف قدمه تلو الصلوات الخمس ، وعقبه بصلاة الخوف لكثرة المخالفة ولا سيما عند شدة الخوف ، وساق الآيتين في هذه الترجمة مشيرا إلى أن خروج صلاة الخوف عن هيئة بقية الصلوات ثبت بالكتاب قولا وبالسنة فعلا . انتهى ملخصا . ولما كانت الآيتان قد اشتملتا على مشروعية ساقهما معا وآثر تخريج حديث القصر في صلاة الخوف وعلى كيفيتها ابن عمر لقوة شبه الكيفية التي ذكرها فيه بالآية . ومعنى قوله تعالى : وإذا ضربتم أي سافرتم ، ومفهومه أن القصر مختص بالسفر وهو كذلك . وأما قوله : إن خفتم فمفهومه اختصاص القصر بالخوف أيضا ، وقد سأل الصحابي يعلى بن أمية عن ذلك فذكر أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال عمر بن الخطاب أخرجه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته مسلم ، فثبت القصر في الأمن ببيان السنة واختلف في فمنعه صلاة الخوف في الحضر ابن الماجشون أخذا بالمفهوم أيضا وأجازه الباقون .
وأما قوله : وإذا كنت فيهم فقد أخذ بمفهومه أبو يوسف في إحدى الروايتين عنه من أصحابه والحسن بن زياد اللؤلؤي وإبراهيم بن علية ، وحكي عن المزني صاحب ، واحتج عليهم بإجماع الصحابة على فعل ذلك بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقوله - صلى الله عليه وسلم - الشافعي فعموم منطوقه مقدم على ذلك المفهوم . وقال صلوا كما رأيتموني أصلي وغيره : شرط كونه - صلى الله عليه وسلم - فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده ، والتقدير : بين لهم بفعلك لكونه أوضح من القول . ثم إن الأصل أن كل عذر طرأ على العبادة فهو على التساوي كالقصر ، والكيفية وردت لبيان الحذر من العدو ، وذلك لا يقتضي التخصيص بقوم دون قوم . وقال ابن العربي الزين المنير : الشرط إذا خرج مخرج التعليم لا يكون له مفهوم كالخوف في قوله تعالى : أن تقصروا من الصلاة إن خفتم وقال : كان الطحاوي أبو يوسف قد قال مرة : لا تصلى صلاة الخوف بعد رسول - صلى الله عليه وسلم - وزعم أن الناس إنما صلوها معه لفضل الصلاة معه - صلى الله عليه وسلم - ، قال : وهذا القول عندنا ليس بشيء ، وقد كان يعيبه ويقول : إن الصلاة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت أفضل من الصلاة مع الناس جميعا إلا أنه يقطعها ما يقطع الصلاة خلف غيره انتهى . وسيأتي سبب النزول وبيان أول صلاة صليت في الخوف في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى . محمد بن شجاع
قوله : ( عن الزهري سألته ) القائل هو شعيب والمسئول هو الزهري وهو القائل " أخبرني سالم " أي ، ووقع بخط بعض من نسخ الحديث عن ابن عبد الله بن عمر الزهري قال : سألته فأثبت قال ظنا أنها حذفت خطأ على العادة ، وهو محتمل ، ويكون حذف فاعل قال ، لا أن الزهري هو الذي قال : والمتجه حذفها وتكون الجملة حالية أي أخبرني الزهري حال سؤالي إياه . وقد رواه من طريق بقية عن النسائي شعيب حدثني الزهري عن عن أبيه ، وأخرجه سالم بن عبد الله السراج عن محمد بن يحيى عن أبي اليمان شيخ البخاري فيه فزاد فيه ولفظه " سألته هل صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف أم لا ؟ وكيف [ ص: 499 ] صلاها إن كان صلاها ؟ وفي أي مغازيه كان ذلك ؟ " فأفاد بيان المسئول عنه وهو صلاة الخوف .
قوله : ( غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد ) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة نجد ، ونجد كل ما ارتفع من بلاد العرب ، وسيأتي بيان هذه الغزوة في الكلام على غزوة ذات الرقاع من المغازي .
قوله : ( فوازينا ) بالزاي أي قابلنا ، قال صاحب الصحاح : يقال آزيت ، يعني بهمزة ممدودة لا بالواو . والذي يظهر أن أصله الهمزة فقلبت واوا .
قوله : ( فصاففناهم ) في رواية المستملي والسرخسي " فصاففنا لهم " وقوله " فصلى لنا " أي لأجلنا أو بنا .
قوله : ( ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل ) أي فقاموا في مكانهم ، وصرح به في رواية بقية المذكورة ، في الموطأ عن ولمالك نافع عن ابن عمر " " وسيأتي عند المصنف في التفسير . ثم استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون
قوله : ( ركعة وسجد سجدتين ) زاد عبد الرزاق عن عن ابن جريج الزهري " " وفي قوله مثل نصف صلاة الصبح إشارة إلى أن الصلاة المذكورة كانت غير الصبح ، فعلى هذا فهي رباعية ، وسيأتي في المغازي ما يدل على أنها كانت العصر ، وفيه دليل على أن الركعة المقضية لا بد فيها من القراءة لكل من الطائفتين خلافا لمن أجاز للثانية ترك القراءة . مثل نصف صلاة الصبح
قوله : ( فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ) لم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا ، وظاهره أنهم أتموا لأنفسهم في حالة واحدة ، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب وهو الراجح من حيث المعنى وإلا فيستلزم تضييع الحراسة المطلوبة ، وإفراد الإمام وحده . ويرجحه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود ولفظه " ثم " اهـ . وظاهره أن الطائفة الثانية والتي بين ركعتيها ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها ، ووقع في سلم فقام هؤلاء أي الطائفة الثانية فقضوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ، ثم ذهبوا ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا الرافعي تبعا لغيره من كتب الفقه أن في حديث ابن عمر هذا أن الطائفة الثانية تأخرت وجاءت الطائفة الأولى فأتموا ركعة ، ثم تأخروا وعادت الطائفة الثانية فأتموا ، ولم نقف على ذلك في شيء من الطرق ، وبهذه الكيفية أخذ الحنفية ، واختار الكيفية التي في حديث ابن مسعود أشهب ، وهي الموافقة لحديث والأوزاعي سهل بن أبي حثمة من رواية مالك عن يحيى بن سعيد ، واستدل بقوله طائفة على أنه لا يشترط استواء الفريقين في العدد ، لكن لا بد أن تكون التي تحرس يحصل الثقة بها في ذلك ، والطائفة تطلق على الكثير والقليل حتى على الواحد ، فلو كانوا ثلاثة ووقع لهم الخوف جاز لأحدهم أن يصلي بواحد . ويحرس واحد ثم يصلي الآخر ، وهو أقل ما يتصور في صلاة الخوف جماعة على القول بأقل الجماعة مطلقا ، لكن قال : أكره أن تكون كل طائفة أقل من ثلاثة لأنه أعاد عليهم ضمير الجمع بقوله : ( أسلحتهم ) ذكره الشافعي النووي في شرح مسلم وغيره ، واستدل به على عظم أمر الجماعة ، بل على ترجيح القول بوجوبها لارتكاب أمور كثيرة لا تغتفر في غيرها ، ولو صلى كل امرئ منفردا لم يقع الاحتياج إلى معظم ذلك ، وقد ورد في كيفية صلاة الخوف صفات كثيرة ، ورجح هذه الكيفية الواردة في حديث [ ص: 500 ] ابن عبد البر ابن عمر على غيرها لقوة الإسناد لموافقة الأصول في أن المأموم لا يتم صلاته قبل سلام إمامه ، وعن أحمد قال : ثبت في صلاة الخوف ستة أحاديث أو سبعة أيها فعل المرء جاز ، ومال إلى ترجيح حديث سهل بن أبي حثمة الآتي في المغازي ، وكذا رجحه ، ولم يختر الشافعي إسحاق شيئا على شيء ، وبه قال الطبري وغير واحد منهم ابن المنذر وسرد ثمانية أوجه ، وكذا في صحيحه وزاد تاسعا . وقال ابن حبان : صح فيها أربعة عشر وجها ، وبينها في جزء مفرد . وقال ابن حزم في " القبس " : جاء فيها روايات كثيرة أصحها ستة عشر رواية مختلفة ، ولم يبينها . وقال ابن العربي النووي نحوه في شرح مسلم ولم يبينها أيضا ، وقد بينها شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي وزاد وجها آخر فصارت سبعة عشر وجها ، لكن يمكن أن تتداخل .
قال صاحب الهدى : أصولها ست صفات ، وبلغها بعضهم أكثر ، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة جعلوا ذلك وجها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما هو من اختلاف الرواة اهـ . وهذا هو المعتمد ، وإليه أشار شيخنا بقوله : يمكن تداخلها . وحكى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاها عشر مرات ، وقال ابن القصار المالكي : صلاها أربعا وعشرين مرة ، وقال ابن العربي : صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - في أيام مختلفة بأشكال متباينة يتحرى فيها ما هو الأحوط للصلاة والأبلغ للحراسة ، فهي على اختلاف صورها متفقة المعنى اهـ . وفي كتب الفقه تفاصيل لها كثيرة وفروع لا يتحمل هذا الشرح بسطها والله المستعان . الخطابي
[ ص: 498 ] قوله : ( وقول الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ثبت سياق الآيتين بلفظهما إلى قوله : ( مهينا في رواية كريمة ، واقتصر في رواية الأصيلي على ما هنا وقال : إلى قوله : عذابا مهينا . وأما أبو ذر فساق الأولى بتمامها ومن الثانية إلى قوله : ( معك ثم قال إلى قوله عذابا مهينا . قال الزين بن المنير : ذكر صلاة الخوف إثر صلاة الجمعة لأنهما من جملة الخمس ، لكن خرج كل منهما عن قياس حكم باقي الصلوات ، ولما كان خروج الجمعة أخف قدمه تلو الصلوات الخمس ، وعقبه بصلاة الخوف لكثرة المخالفة ولا سيما عند شدة الخوف ، وساق الآيتين في هذه الترجمة مشيرا إلى أن خروج صلاة الخوف عن هيئة بقية الصلوات ثبت بالكتاب قولا وبالسنة فعلا . انتهى ملخصا . ولما كانت الآيتان قد اشتملتا على مشروعية ساقهما معا وآثر تخريج حديث القصر في صلاة الخوف وعلى كيفيتها ابن عمر لقوة شبه الكيفية التي ذكرها فيه بالآية . ومعنى قوله تعالى : وإذا ضربتم أي سافرتم ، ومفهومه أن القصر مختص بالسفر وهو كذلك . وأما قوله : إن خفتم فمفهومه اختصاص القصر بالخوف أيضا ، وقد سأل الصحابي يعلى بن أمية عن ذلك فذكر أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال عمر بن الخطاب أخرجه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته مسلم ، فثبت القصر في الأمن ببيان السنة واختلف في فمنعه صلاة الخوف في الحضر ابن الماجشون أخذا بالمفهوم أيضا وأجازه الباقون .
وأما قوله : وإذا كنت فيهم فقد أخذ بمفهومه أبو يوسف في إحدى الروايتين عنه من أصحابه والحسن بن زياد اللؤلؤي وإبراهيم بن علية ، وحكي عن المزني صاحب ، واحتج عليهم بإجماع الصحابة على فعل ذلك بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقوله - صلى الله عليه وسلم - الشافعي فعموم منطوقه مقدم على ذلك المفهوم . وقال صلوا كما رأيتموني أصلي وغيره : شرط كونه - صلى الله عليه وسلم - فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده ، والتقدير : بين لهم بفعلك لكونه أوضح من القول . ثم إن الأصل أن كل عذر طرأ على العبادة فهو على التساوي كالقصر ، والكيفية وردت لبيان الحذر من العدو ، وذلك لا يقتضي التخصيص بقوم دون قوم . وقال ابن العربي الزين المنير : الشرط إذا خرج مخرج التعليم لا يكون له مفهوم كالخوف في قوله تعالى : أن تقصروا من الصلاة إن خفتم وقال : كان الطحاوي أبو يوسف قد قال مرة : لا تصلى صلاة الخوف بعد رسول - صلى الله عليه وسلم - وزعم أن الناس إنما صلوها معه لفضل الصلاة معه - صلى الله عليه وسلم - ، قال : وهذا القول عندنا ليس بشيء ، وقد كان يعيبه ويقول : إن الصلاة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت أفضل من الصلاة مع الناس جميعا إلا أنه يقطعها ما يقطع الصلاة خلف غيره انتهى . وسيأتي سبب النزول وبيان أول صلاة صليت في الخوف في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى . محمد بن شجاع
قوله : ( عن الزهري سألته ) القائل هو شعيب والمسئول هو الزهري وهو القائل " أخبرني سالم " أي ، ووقع بخط بعض من نسخ الحديث عن ابن عبد الله بن عمر الزهري قال : سألته فأثبت قال ظنا أنها حذفت خطأ على العادة ، وهو محتمل ، ويكون حذف فاعل قال ، لا أن الزهري هو الذي قال : والمتجه حذفها وتكون الجملة حالية أي أخبرني الزهري حال سؤالي إياه . وقد رواه من طريق بقية عن النسائي شعيب حدثني الزهري عن عن أبيه ، وأخرجه سالم بن عبد الله السراج عن محمد بن يحيى عن أبي اليمان شيخ البخاري فيه فزاد فيه ولفظه " سألته هل صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف أم لا ؟ وكيف [ ص: 499 ] صلاها إن كان صلاها ؟ وفي أي مغازيه كان ذلك ؟ " فأفاد بيان المسئول عنه وهو صلاة الخوف .
قوله : ( غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد ) بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة نجد ، ونجد كل ما ارتفع من بلاد العرب ، وسيأتي بيان هذه الغزوة في الكلام على غزوة ذات الرقاع من المغازي .
قوله : ( فوازينا ) بالزاي أي قابلنا ، قال صاحب الصحاح : يقال آزيت ، يعني بهمزة ممدودة لا بالواو . والذي يظهر أن أصله الهمزة فقلبت واوا .
قوله : ( فصاففناهم ) في رواية المستملي والسرخسي " فصاففنا لهم " وقوله " فصلى لنا " أي لأجلنا أو بنا .
قوله : ( ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل ) أي فقاموا في مكانهم ، وصرح به في رواية بقية المذكورة ، في الموطأ عن ولمالك نافع عن ابن عمر " " وسيأتي عند المصنف في التفسير . ثم استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون
قوله : ( ركعة وسجد سجدتين ) زاد عبد الرزاق عن عن ابن جريج الزهري " " وفي قوله مثل نصف صلاة الصبح إشارة إلى أن الصلاة المذكورة كانت غير الصبح ، فعلى هذا فهي رباعية ، وسيأتي في المغازي ما يدل على أنها كانت العصر ، وفيه دليل على أن الركعة المقضية لا بد فيها من القراءة لكل من الطائفتين خلافا لمن أجاز للثانية ترك القراءة . مثل نصف صلاة الصبح
قوله : ( فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ) لم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا ، وظاهره أنهم أتموا لأنفسهم في حالة واحدة ، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب وهو الراجح من حيث المعنى وإلا فيستلزم تضييع الحراسة المطلوبة ، وإفراد الإمام وحده . ويرجحه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود ولفظه " ثم " اهـ . وظاهره أن الطائفة الثانية والتي بين ركعتيها ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها ، ووقع في سلم فقام هؤلاء أي الطائفة الثانية فقضوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ، ثم ذهبوا ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا الرافعي تبعا لغيره من كتب الفقه أن في حديث ابن عمر هذا أن الطائفة الثانية تأخرت وجاءت الطائفة الأولى فأتموا ركعة ، ثم تأخروا وعادت الطائفة الثانية فأتموا ، ولم نقف على ذلك في شيء من الطرق ، وبهذه الكيفية أخذ الحنفية ، واختار الكيفية التي في حديث ابن مسعود أشهب ، وهي الموافقة لحديث والأوزاعي سهل بن أبي حثمة من رواية مالك عن يحيى بن سعيد ، واستدل بقوله طائفة على أنه لا يشترط استواء الفريقين في العدد ، لكن لا بد أن تكون التي تحرس يحصل الثقة بها في ذلك ، والطائفة تطلق على الكثير والقليل حتى على الواحد ، فلو كانوا ثلاثة ووقع لهم الخوف جاز لأحدهم أن يصلي بواحد . ويحرس واحد ثم يصلي الآخر ، وهو أقل ما يتصور في صلاة الخوف جماعة على القول بأقل الجماعة مطلقا ، لكن قال : أكره أن تكون كل طائفة أقل من ثلاثة لأنه أعاد عليهم ضمير الجمع بقوله : ( أسلحتهم ) ذكره الشافعي النووي في شرح مسلم وغيره ، واستدل به على عظم أمر الجماعة ، بل على ترجيح القول بوجوبها لارتكاب أمور كثيرة لا تغتفر في غيرها ، ولو صلى كل امرئ منفردا لم يقع الاحتياج إلى معظم ذلك ، وقد ورد في كيفية صلاة الخوف صفات كثيرة ، ورجح هذه الكيفية الواردة في حديث [ ص: 500 ] ابن عبد البر ابن عمر على غيرها لقوة الإسناد لموافقة الأصول في أن المأموم لا يتم صلاته قبل سلام إمامه ، وعن أحمد قال : ثبت في صلاة الخوف ستة أحاديث أو سبعة أيها فعل المرء جاز ، ومال إلى ترجيح حديث سهل بن أبي حثمة الآتي في المغازي ، وكذا رجحه ، ولم يختر الشافعي إسحاق شيئا على شيء ، وبه قال الطبري وغير واحد منهم ابن المنذر وسرد ثمانية أوجه ، وكذا في صحيحه وزاد تاسعا . وقال ابن حبان : صح فيها أربعة عشر وجها ، وبينها في جزء مفرد . وقال ابن حزم في " القبس " : جاء فيها روايات كثيرة أصحها ستة عشر رواية مختلفة ، ولم يبينها . وقال ابن العربي النووي نحوه في شرح مسلم ولم يبينها أيضا ، وقد بينها شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي وزاد وجها آخر فصارت سبعة عشر وجها ، لكن يمكن أن تتداخل .
قال صاحب الهدى : أصولها ست صفات ، وبلغها بعضهم أكثر ، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة جعلوا ذلك وجها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما هو من اختلاف الرواة اهـ . وهذا هو المعتمد ، وإليه أشار شيخنا بقوله : يمكن تداخلها . وحكى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاها عشر مرات ، وقال ابن القصار المالكي : صلاها أربعا وعشرين مرة ، وقال ابن العربي : صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - في أيام مختلفة بأشكال متباينة يتحرى فيها ما هو الأحوط للصلاة والأبلغ للحراسة ، فهي على اختلاف صورها متفقة المعنى اهـ . وفي كتب الفقه تفاصيل لها كثيرة وفروع لا يتحمل هذا الشرح بسطها والله المستعان . الخطابي