الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب من وكل في شراء شيء فاشترى بالثمن أكثر منه وتصرف في الزيادة 2350 - ( عن عروة بن أبي الجعد البارقي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري به له شاة فاشترى له به شاتين ، فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة ، فدعا له بالبركة في بيعه ، وكان لو اشترى التراب لربح فيه } رواه أحمد والبخاري وأبو داود )

                                                                                                                                            2351 - ( وعن حبيب بن أبي ثابت عن حكيم بن حزام { أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ليشتري له أضحية بدينار ، فاشترى أضحية فأربح فيها دينارا ، فاشترى أخرى مكانها ، فجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ضح بالشاة وتصدق بالدينار } )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            رواه الترمذي وقال : لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع عندي من حكيم ولأبي داود نحوه من حديث أبي حصين عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم الحديث الأول أخرجه أيضا الترمذي وابن ماجه والدارقطني وفي إسناد من عدا البخاري سعيد بن زيد أخو حماد ، وهو مختلف فيه عن أبي لبيد لمازة بن زبار وقد قيل : إنه مجهول ، لكنه قال الحافظ : إنه وثقه ابن سعد وقال حرب : سمعت أحمد يثني عليه ، وقال في التقريب : إنه ناصبي جلد قال المنذري والنووي : إسناده صحيح لمجيئه من وجهين وقد رواه البخاري من طريق ابن عيينة عن شبيب بن غرقد : سمعت الحي يحدثون عن عروة ، ورواه الشافعي عن ابن عيينة وقال : إن صح قلت به ونقل المزني عنه أنه ليس بثابت عنده قال البيهقي : إنما ضعفه ; لأن الحي غير معروفين وقال في موضع آخر : هو مرسل قال الحافظ : الصواب أنه متصل في إسناده مبهم والحديث الثاني منقطع في الطريق الأولى لعدم سماع حبيب من حكيم وفي الطريق الثانية في إسناده مجهول قال الخطابي : إن الخبرين معا غير متصلين ; لأن في أحدهما وهو خبر حكيم رجلا مجهولا لا يدرى من هو ، وفي خبر عروة أن الحي حدثوه ، ومن كان هذا سبيله [ ص: 324 ] من الرواية لم تقم به الحجة ، وقال البيهقي : ضعف حديث حكيم من أجل هذا الشيخ

                                                                                                                                            وفي الحديثين دليل على أنه يجوز للوكيل إذا قال له المالك : اشتر بهذا الدينار شاة ووصفها أن يشتري به شاتين بالصفة المذكورة ; لأن مقصود الموكل قد حصل وزاد الوكيل خيرا ، ومثل هذا لو أمره أن يبيع شاة بدرهم فباعها بدرهمين ، أو بأن يشتريها بدرهم فاشتراها بنصف درهم ، وهو الصحيح عند الشافعية كما نقله النووي في زيادات الروضة

                                                                                                                                            قوله : ( فباع إحداهما بدينار ) فيه دليل على صحة بيع الفضولي ، وبه قال مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه والشافعي في القديم وقواه النووي في الروضة ، وهو مروي عن جماعة من السلف منهم علي عليه السلام وابن عباس وابن مسعود وابن عمر ، وإليه ذهبت الهادوية ، وقال الشافعي في الجديد وأصحابه والناصر : إن البيع الموقوف والشراء الموقوف باطلان للحديث المتقدم في البيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تبع ما ليس عندك } وأجابوا عن حديثي الباب بما فيهما من المقال ، وعلى تقدير الصحة فيمكن أنه كان وكيلا بالبيع بقرينة فهمها منه صلى الله عليه وسلم وقال أبو حنيفة : إنه يكون البيع الموقوف صحيحا دون شراء والوجه أن الإخراج عن ملك المالك مفتقر إلى إذنه بخلاف الإدخال ويجاب بأن الإدخال للمبيع في الملك يستلزم الإخراج من الملك للثمن

                                                                                                                                            وروي عن مالك العكس من قول أبي حنيفة ، فإن صح فهو قوي ; لأن فيه جمعا بين الأحاديث . قوله : ( فاشترى أخرى مكانها ) فيه دليل على أن الأضحية لا تصير أضحية بمجرد الشراء ، وأنه يجوز البيع لإبدال مثل أو أفضل قوله : ( وتصدق بالدينار ) جعل جماعة من أهل العلم هذا أصلا ، فقالوا : من وصل إليه مال من شبهة وهو لا يعرف له مستحقا فإنه يتصدق به ووجه الشبهة هاهنا أنه لم يأذن لعروة في بيع الأضحية ويحتمل أن يتصدق به ; لأنه قد خرج عنه للقربة لله تعالى في الأضحية فكره أكل ثمنها




                                                                                                                                            الخدمات العلمية