الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولسن ) أي هذه السبع والخمس ( فرضا ) فلا تبطل الصلاة بتركها ( ولا بعضا ) فلا يسجد لتركها بل هي كبقية هيئات الصلاة ويكره تركها ، والزيادة عليها كما في الأم وترك الرفع فيها والذكر بينها ولو ترك غير المأموم تكبير الأولى أتى به في الثانية مع تكبيرها على [ ص: 44 ] ما ذكره غير واحد ، وكأنهم أخذوه من نظيره السابق في الجمعة والمنافقين غفلة عما في الأم واعتمده ابن الرفعة ومن بعده ، أنه يكره ذلك بل يقتصر على تكبير الثانية .

                                                                                                                              ويؤيده ما يصرح به كلامهم أن الشروع في قراءة الفاتحة بعدها فوت مشروعيتها وما فاتت مشروعيته لا يطلب فعله في محله ولا غيره وقولهم الآتي فلا يتداركها صريح فيه ، وبه يفرق بين هذا ونظيره المذكور ؛ لأن قراءة الجمعة

                                                                                                                              ثم لم تفت مشروعيتها كما يصرح به قولهم المقصود أن لا تخلو صلاته عنهما ، ولو اقتدى به فيها وكبر معه خمسا أتى في ثانيته بالخمس لئلا يغير سنتها بإتيانه بالسبع كذا قالوه ، وهو مشكل بما مر أنه لو تعمد قراءة المنافقين في أولى الجمعة سن له قراءة الجمعة في ثانيتها فلم ينظروا لتغيير سنة الثانية هنا ، وقد يفرق بأن ما يدركه المأموم أول صلاته ، وإنما اقتصر على الخمس فيها رعاية للإمام فلم يأت في الأولى بما يسن في الثانية فليس نظير تلك .

                                                                                                                              ، لكن قضيته أن المنفرد لو كبر في الأولى خمسا كبرها في الثانية أيضا ولا يشكل بتلك إذ ليس نظيرها ؛ لأنه هنا إنما أتى بالبعض وترك البعض وثم لم يأت في الأولى بشيء من سورتها أصلا وقضيته أنه لو قرأ بعض الجمعة في الأولى لم يأت بباقيها مع المنافقين في الثانية وهو محتمل ويحتمل خلافه ، وعليه يفرق بتمايز البعض عما في الثانية ثم فجمع معه بخلافه هنا ، ثم رأيته في المجموع أشار لاستشكال ما هنا بما مر في الجمعة والمنافقين ولم يجب عنه ( ولو نسيها ) أو تعمد تركها كما علم بأولى ( وشرع ) في التعوذ لم تفت أو ( في القراءة ) ولو لبعض البسملة أو شرع إمامه ولم يتمها هو ( فاتت ) لفوات محلها فلا يتداركها [ ص: 45 ] ويفرق بين ما هنا وعدم فوات نحو الافتتاح بشروع الإمام في الفاتحة بأنه شعار خفي لا يظهر به مخالفة بخلافها ، فإنه شعار ظاهر لندب الجهر بها والرفع فيها كما مر ففي الإتيان بها أو ببعضها بعد شروع الإمام في الفاتحة مخالفة له ، ويؤيده أنه لو اقتدى بمخالف فتركها تبعه أو دعاء الافتتاح لم يتبعه ولو أتى به بعد الفاتحة سن إعادتها ، وكأنهم إنما لم يراعوا القول بالبطلان بتكريرها إما ؛ لأن محله فيما ليس بعذر وإما لضعفه جدا ، والأول أقرب ( وفي القديم يكبر ما لم يركع ) لبقاء محله وهو القيام ( ويقرأ بعد الفاتحة في الأولى ق وفي الثانية اقتربت ) ولم يقل سورة لشذوذ من كره تركها ( بكمالهما ) ، وإن لم يرض المأمومون بذلك للاتباع رواه مسلم وفيه أيضا { أنه قرأ بسبح والغاشية } فكل سنة لكن الأوليان أفضل ( جهرا ) إجماعا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولو ترك غير المأموم إلخ ) كان هذا التقييد ؛ لأن المأموم يتابع إمامه .

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 44 ] وبه يفرق بين هذا ونظيره المذكور ؛ لأن إلخ ) قد يقال هذا فرق بالحكم أو يقال لم فاتت المشروعية ثم لا هنا أو يقال : إن أردت ثم فوات المشروعية مطلقا فلا بد من دليل من المعنى ، أو الآن لم يفد الفرق فليتأمل ، وقد يفرق بتأكد قراءة السورة على هذا التكبير بدليل طلبها في سائر الصلوات ، لا يقال بدليل أن جنس القراءة واجب كما في الفاتحة ؛ لأن جنس التكبير واجب وهو تكبيرة الإحرام ( قوله : أتى في ثانيته بالخمس ) هذا قياس ما تقدم عن الإمام وكذا المنفرد ( قوله : لكن قضيته أن المنفرد إلخ ) ظاهره أن المراد قضية هذا الفرق وفيه نظر بل ليس قضيته ما ذكر إذ ليس اقتصاره على الخمس رعاية لأحد ويحتمل أن المراد قضية ما قالوه ( قوله كما علم بالأولى ) هذا لا يأتي فيما زاده فتأمله ( قوله : أو شرع إمامه ) أي في القراءة ( قوله : أو شرع إمامه إلخ ) أي كما في الروض وهل [ ص: 45 ] محله في مستمع قراءة إمامه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويفرق إلخ ) هذا الفرق يجري بين ما لو أدرك الإمام في أثناء الافتتاح حيث يأتي بجميعه وما لو أدركه في أثناء هذه التكبيرات حيث لا يتدارك ما سبق ، على أن الافتتاح آكد بطلبه في كل صلاة ( قوله : وعدم فوات نحو الافتتاح إلخ ) أي على المأموم وفي فتاوى شيخنا الشهاب الرملي عدم فوات الافتتاح بالشروع في التكبيرات ( قوله : في المتن ويقرأ بعد الفاتحة إلخ ) قال في العباب ويقرأ الإمام والمنفرد زاد في شرحه والمأموم الذي لا يسمع قراءة الإمام ا هـ وهو صريح في جهر المنفرد أيضا وهل يجهر المأموم المذكور أيضا ، القياس لا ( قوله : وإن لم يرض المأموم بذلك ) أي كما قال الأذرعي إنه الظاهر شرح م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولسن فرضا إلخ ) وعليه فلو نذرها وصلاها كسنة الظهر صحت صلاته وخرج من عهدة النذر لما علل به الشارح م ر من أنها هيئات الصلاة ع ش ( قوله : فلا يسجد إلخ ) أي ، فإن فعله عامدا عالما بطلت صلاته أو جاهلا فلا ع ش ( قوله لتركها ) عمدا كان أو سهوا نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : ويكره تركها ) أي كلها أو بعضها نهاية ومغني ( قوله : غير المأموم ) كان هذا التقييد ؛ لأن المأموم يتابع إمامه سم ( قوله : أتى به في الثانية ) اعتمده [ ص: 44 ] م ر كما يأتي ( قوله : أنه يكره ذلك ) أي تدارك تكبير الأولى في الثانية .

                                                                                                                              ( قوله : ويؤيده ) أي ما في الأم ( قوله : بعدها ) لعل صوابه قبلها أي التكبيرات ( قوله : صريح فيه ) أي في أن ما فاتت مشروعيته إلخ ( قوله : وبه يفرق إلخ ) قد يقال لم فاتت المشروعية ثم لا هنا فليتأمل وقد يفرق بتأكد قراءة السورة على هذا التكبير بدليل طلبها في سائر الصلوات سم ( قوله : ولو اقتدى به ) أي بغير المأموم ( فيها ) أي في الثانية عبارته في شرح بافضل ولا يكبر المسبوق إلا ما أدرك من التكبيرات مع الإمام فلو اقتدى به في الأولى مثلا ولم يبق من السبع إلا واحدة مثلا كبرها معه ولا يزيد عليها ، ولو أدركه في أول الثانية كبر معه خمسا وأتى في ثانيته بخمس أيضا ؛ لأن في قضاء ذلك ترك سنة أخرى ا هـ وفي ع ش عن م ر مثله ( قوله : أتى في ثانيته بالخمس إلخ ) هذا قياس ما تقدم في الإمام والمنفرد سم ( قوله : كذا قالوه ) اعتمده شرح بافضل وم ر كما مر آنفا ( قوله : فيها ) أي في الأولى ولو أظهر هنا وأضمر فيما بعد كان أولى .

                                                                                                                              ( قوله : لكن قضيته إلخ ) ظاهره أن المراد قضية هذا الفرق وفيه نظر ، بل ليس قضيته ما ذكر إذ ليس اقتصاره أي المنفرد على الخمس رعاية لأحد ، ويحتمل أن المراد قضية ما قالوه سم وقد يجاب عن النظر المذكور بأن قول الشارح رعاية للإمام في قوة لكون الخمس بعض ما يسن فيها لا لكونها ما يسن في الثانية ، وتقدم عن ع ش أن م ر اعتمد تلك القضية ( قوله : ولا يشكل ) أي هذه القضية ( بتلك ) أي بما مر أنه لو تعمد إلخ ، وذكر الأول بتأويل المقتضي وأنت الثاني بتأويل المسألة ولو عكس لاستغنى عن التأويل ( قوله : وقضيته ) أي التعليل بأنه هنا إنما أتى إلخ قال ع ش ومال م ر إلى عدم الأخذ بهذه القضية فليحرر وليراجع سم على المنهج ، ومال ابن حج للأخذ بها حيث قال وهو محتمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويحتمل خلافه إلخ ) هذا الاحتمال هو الذي يتجه ويفهمه كلامهم ثم بصري ، ومر آنفا عن ع ش أن م ر مال إليه أيضا ( قوله : وعليه ) أي على الاحتمال الثاني ( قوله : لاستشكال ما هنا ) أي ما قالوه من أنه لو اقتدى به فيها إلخ ، قول المتن ( ولو نسيها ) أي كلها أو بعضها ( قوله : أو تعمد ) إلى قوله ويفرق في النهاية إلا قوله أو شرع إلى المتن ( قوله : كما علم بالأولى ) هذا لا يأتي فيما زاده يعني التعويض فتأمله سم ( قوله أو شرع إمامه إلخ ) أي كما في الروض وهل محله في مستمع قراءة إمامه و ( قوله شرع ) أي في القراءة سم ( قوله : ولم يتمها هو ) أي المأموم ، فقوله أو شرع إلخ معطوف على قول المصنف نسيها بقرينة قوله الآتي ويفرق إلخ وكان الأولى حينئذ أن يقول قبل أن يأتي هو بها أو يتمها ، ويحتمل أن الضمير للإمام فقوله أو شرع إلخ معطوف على قول المصنف وشرع وعليه كان المناسب أن يزيد أو تركها ، عبارة شرح بافضل أو شرع إمامه قبل أن يأتي بالتكبير أو يتمه ا هـ وعبارة الروض مع شرحه ( فرع )

                                                                                                                              إذا نسي المصلي يعني ترك التكبير المذكور ولو عمدا أو جهلا لمحله فقرأ الفاتحة أو شيئا منها أو قرأ الإمام ذلك قبل أن يتم هو أو المأموم التكبير لم يعد إليه التارك في الأولى ولم يتم الإمام أو المأموم في الثانية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فلا يتداركها ) قال م ر أي في هذه الركعة ويتداركها في الثانية مع تكبيرها ، وعبر بكلام يقتضي أنه حيث ترك بعض التكبيرة في الأولى سواء كان لأجل موافقة الإمام أو لا يتداركه في الثانية بخلاف ما إذا ترك الجميع يتداركه في الثانية ، وفرق بين الكل والبعض بما [ ص: 45 ] لم يتضح سم على المنهج ا هـ ع ش ( قوله : ويفرق بين ما هنا ) أي ما زاد الشارح بقوله أو شرع إلخ ( قوله : وعدم فوات نحو الافتتاح إلخ ) أي على المأموم وفي فتاوى شيخنا الشهاب الرملي عدم فوات الافتتاح بالشروع في التكبيرات سم ، وانظر ما أدخل الشارح بلفظة النحو .

                                                                                                                              ( قوله : ويؤيده ) أي ذلك الفرق ( قوله ولو أتى به ) أي بالتكبير المتروك ( بعد الفاتحة إلخ ) أي بخلاف ما لو تذكرها في الركوع أو بعده وعاد إلى القيام ليكبر ، فإن صلاته تبطل إن كان عالما متعمدا مغني ونهاية وشرح بافضل ( قوله : سن إعادتها ) كذا في النهاية والمغني ( قوله : بتكريرها ) أي الفاتحة قول المتن ( ويقرأ إلخ ) أي الإمام والمنفرد عباب زاد في شرحه والمأموم الذي لا يسمع قراءة الإمام ا هـ وهو صريح في جهر المنفرد أيضا ، وهل يجهر المأموم المذكور أيضا القياس لا سم قول المتن ( ق ) جبل محيط بالدنيا من زبرجد كما كما نقله الواحدي عن أكثر المفسرين أو فاتحة السورة كما قاله مجاهد ع ش ، زاد شيخنا وهو بالسكون على الحكاية للتي في القرآن أو بالفتح مع منع الصرف للعلمية والتأنيث ا هـ قول المتن ( بكمالهما ) أي حيث اتسع الوقت وإلا فببعضهما ع ش ( قوله : وإن لم يرض ) إلى قوله نعم في المغني وكذا في النهاية إلا قوله ولكن الأوليان أفضل ( قوله : { أنه قرأ بسبح والغاشية } ) زاد القليوبي فسورة الكافرون وسورة الإخلاص وتبعه المحشي أي البرماوي شيخنا قول المتن ( جهرا ) أي ولو قضيت نهارا نهاية وشيخنا قال ع ش أي ولو منفردا ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية