الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( من كان عدوا لله وملائكته ) الآية [ 98 ] .

                                                                                                                                                                  40 - أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، حدثنا أبو يحيى الرازي ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثني علي بن مسهر ، عن داود ، عن الشعبي ، قال : قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة ، فأعجب من موافقة القرآن التوراة ، وموافقة التوراة القرآن . فقالوا : يا عمر ما أحد أحب إلينا منك ، قلت : ولم ؟ قالوا : لأنك تأتينا وتغشانا ، قلت : إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضا ، وموافقة التوراة القرآن ، وموافقة القرآن التوراة . فبينا أنا عندهم ذات يوم إذ مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف ظهري ، فقالوا : هذا صاحبك فقم إليه . فالتفت إليه فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قد دخل خوخة من المدينة ، فأقبلت عليهم فقلت : أنشدكم الله وما أنزل عليكم من كتاب ، أتعلمون أنه رسول الله ؟ فقال سيدهم : قد نشدكم بالله فأخبروه . فقالوا : أنت سيدنا فأخبره . فقال سيدهم : إنا نعلم أنه رسول الله ، قال : قلت : فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله ، ثم لم تتبعوه . قالوا : إن لنا عدوا من الملائكة ، وسلما من الملائكة . فقلت : من عدوكم ؟ ومن سلمكم ؟ قالوا : عدونا جبريل ، وهو ملك الفظاظة والغلظة ، والآصار والتشديد . قلت : ومن سلمكم ؟ قال : ميكائيل ، وهو ملك الرأفة واللين والتيسير . قلت : فإني أشهد ما يحل لجبريل أن يعادي سلم ميكائيل ، وما يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل ، فإنهما جميعا ومن معهما أعداء لمن عادوا ، وسلم لمن سالموا .

                                                                                                                                                                  ثم قمت فدخلت الخوخة التي دخلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاستقبلني فقال : يا ابن الخطاب ، ألا أقرئك آيات أنزلت علي قبل ؟ قلت : بلى . قال : فقرأ : " ( قل من كان عدوا لجبريل فإنه ) الآية حتى بلغ : ( وما يكفر بها إلا الفاسقون ) " . قلت : والذي بعثك بالحق نبيا ما جئت إلا أخبرك بقول اليهود ، فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر . قال عمر : فلقد رأيتني أشد في دين الله من حجر
                                                                                                                                                                  .

                                                                                                                                                                  41 - وقال ابن عباس : إن حبرا من أحبار اليهود من " فدك " يقال له : عبد الله بن صوريا ، حاج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسأله عن أشياء ، فلما اتجهت الحجة عليه قال : أي ملك [ ص: 18 ] يأتيك من السماء ؟ قال : جبريل ، : ولم يبعث الله نبيا إلا وهو وليه . قال : ذاك عدونا من الملائكة ، ولو كان ميكائيل [ مكانه ] لآمنا بك ، إن جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة ، وإنه عادانا مرارا كثيرة ، وكان أشد ذلك علينا أن الله أنزل على نبينا : أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجل يقال له : بختنصر ، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه ، فلما كان وقته بعثنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل في طلب بختنصر ليقتله ، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاما مسكينا ليست له قوة ، فأخذه صاحبنا ليقتله ، فدفع عنه جبريل ، وقال لصاحبنا : إن كان ربكم الذي أذن في هلاككم فلن تسلط عليه ، وإن لم يكن هذا فعلى أي شيء تقتله ؟ فصدقه صاحبنا ، ورجع إلينا ، وكبر بختنصر وقوي ، وغزانا وخرب بيت المقدس ، فلهذا نتخذه عدوا . فأنزل الله هذه الآية .

                                                                                                                                                                  42 - وقال مقاتل : قالت اليهود : إن جبريل عدونا ، أمر أن يجعل النبوة فينا ، فجعلها في غيرنا . فأنزل الله هذه الآية .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية