الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 197 ] ( قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين ( 29 ) فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ( 30 ) قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين ( 31 ) عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون ( 32 ) كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ( 33 ) إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم ( 34 ) أفنجعل المسلمين كالمجرمين ( 35 ) ما لكم كيف تحكمون ( 36 ) أم لكم كتاب فيه تدرسون ( 37 ) إن لكم فيه لما تخيرون ( 38 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( قالوا سبحان ربنا ) نزهوه عن أن يكون ظالما فيما فعل وأقروا على أنفسهم بالظلم فقالوا : ( إنا كنا ظالمين ) بمنعنا المساكين .

                                                                                                                                                                                                                                      ( فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ) يلوم بعضهم بعضا في منع المساكين حقوقهم ، ونادوا على أنفسهم بالويل : ( قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين ) في منعنا حق الفقراء . وقال ابن كيسان : طغينا نعم الله فلم نشكرها ولم نصنع ما صنع آباؤنا من قبل .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم رجعوا إلى أنفسهم فقالوا : ( عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون ) قال عبد الله بن مسعود : بلغني أن القوم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقودا واحدا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الله تعالى : ( كذلك العذاب ) أي : كفعلنا بهم نفعل بمن تعدى حدودنا وخالف أمرنا ( ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) ثم أخبر بما عنده للمتقين فقال : ( إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم ) فقال المشركون : إنا نعطى في الآخرة أفضل مما تعطون فقال الله تكذيبا لهم : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب ) نزل من عند الله ( فيه ) في هذا الكتاب ( تدرسون ) تقرءون .

                                                                                                                                                                                                                                      ( إن لكم فيه ) في ذلك الكتاب ( لما تخيرون ) تختارون وتشتهون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية